ففي ظل هذه الحملة المسعورة يتعزز الاعتقاد بان الغرب المتصهين يضمر كراهية مطلقة للاسلام والمقدسات الدينية وشخصية الرسول الاعظم محمد (صلى الله وآله وسلم) بالذات، وهو لايوفر وسيلة الاّ ويستخدمها للإساءة والتشويه والتطاول في هذا الاتجاه.
ولهذا السلوك دلالتان أساسيتان: احدهما ان هذا الغرب يحمل نبيَّ الرحمة(ص) مسؤولية تمسك ابناء الامة الاسلامية من مراكش الى الصين بعقيدتهم الاصيلة ايما تمسك، الامر الذي يقوض جميع التحركات والمشاريع الاستكبارية الرامية الى تعبيد شعوبنا واخضاع ارادتنا، ولاسيما في مضمار رفضنا الاندماج والتطبيع مع الكيان الاسرائيلي المصطنع في فلسطين المحتلة او التهاون مع ممارساته العدوانية والارهابية والاجرامية منذ ان زرع في قلب الشرق الاوسط عام 1948 م وحتى يومنا هذا.
اما الدلالة الاخرى، فهي قابلية الدين الاسلامي الحنيف على صنع اعظم المعجزات وتجاوز اخطر المصاعب والاهوال الناتجة عن السياسات الطاغوتية.وازاء ذلك فان هذه السياسات الجهنمية لا تتورع عن توجيه سهام احقادها ونفورها وكراهيتها الى القرآن الكريم والنبي الاكرم (ص) بشكل خاص لانهما يشكلان القوة الهائلة نحو تحقيق التماسك والوحدة والتلاحم والتضامن والمحبة والألفة، ليس على مستوى الامة الاسلامية فحسب، وبل وايضا على مستوى البشرية جمعاء.
واضح اننا لسنا بحاجة لاستعراض المواقف الصهيواميركية والصهيواوروبية المعادية للاسلام والامة والقرآن وصاحب الرسالة، ولاسيما خلال الاعوام الخمسة والعشرين الماضية، انطلاقا من"آيات شيطانية" للمرتد سلمان رشدي ومرورا بما ماثلها من كتب واصدارات وصور ورسوم كاريكاتورية، وانتهاء بحرق المصحف الشريف امام شبكات التلفزة الاجنبية وانتاج افلام سينمائية لا هدف لها سوى النيل من المصطفى المختار (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بقية الانبياء والمرسلين (عليهم السلام)، ومن القيم السماوية عموما.
والذي يجعل الغرب المتصهين يستشيط غضبا الى حد التحامل البغيض، هو التعايش الودي والحميم القائم بين اتباع الديانات الابراهيمية في العالم الاسلامي، وهو ما دفع الدوائر الاستخبارية الغربية والاسرائيلية في السنوات الاخيرة الى العمل على زعزعة هذا الانسجام العقائدي النموذجي الرائع في المنطقة عبر مختلف الدسائس والمؤامرات والفتن الهادفة الى ايقاع الفرقة والتخاصم وحتى التقاتل احيانا.
اللافت ان الغرب المتصهين الذي مافتئ ينشط ليلا ونهارا في مجال مناوأة الرسالة المحمدية المبارکة وابنائها بكل اسلحة الفكر والدعاية والاعلام والسينما والفن، والذي لم يدخر وسعا لتبشيع السيرة النبوية الشريفة ، اخذ يلجأ في العشرية الاخيرة الى محاربة الاسلام بالاسلام. فقد وجد في الوهابية الضالة والجماعات التكفيرية المتطرفة ضالته المنشودة لدعم مخططاته الفتنوية والفوضوية في المنطقة.
فالثابت ان قيام التحالف الغربي ــ الصهيوني ــ الخليجي بتجنيد اتباع الافكار المنحرفة، لاشاعة الموت والتخريب والارهاب في مختلف بلدان العالم العربي والاسلامي، هو دليل ساطع على اشتداد حدة المعاداة والمناهضة لكل ما هو ديني وحضاري وانساني في ربوع المنطقة، وخاصة في اعقاب تحطم "اسطورة السوبرمان الصهيوني" على صخرة المقاومة البطولية التي سطّرها بنو امة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) في ايران وسوريا وفلسطين ولبنان والعراق وافغانستان وباكستان والبحرين وبلاد الحرمين الشريفين ومناطق اخرى من العالم الاسلامي.