وفيما يلي نص المقال ..
الكلام المنسوب الى الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز حول «إحكام العقل» في لحظة فداء الدم الفلسطيني، يصلح ان يكون صادرا عن... ملك السويد.
بإمكان السويد التكلم بترف فكري لانها منذ العام 1814 لم تنخرط في نزاعات مسلحة وصارت الدولة الاكثر حيادية في العالم.
بإمكان دولة كهذه، الخروج بكلام كهذا، وان تقول في ما قد تقول كلاما عممته وكالة الأنباء السعودية، بانه «لا بد من تهدئة الأمور وإحكام العقل والا يغلب الانفعال على الحكمة والتدبر».
يعيدك الكلام الملكي السعودي سريعا الى البيان الشهير خلال حرب تموز العام 2006. فما ان اندلعت الحرب حتى نقلت الوكالة السعودية بيانا صادرا عن «مصدر مسؤول» يقول ان المملكة ذاتها، «تود ان تعلن بوضوح انه لا بد من التفرقة بين المقاومة الشرعية وبين المغامرات غير المحسوبة»، قبل ان يمنح «المصدر المسؤول» ما يشبه الضوء الاخضر لاسرائيل لمواصلة الحرب عندما قال ان «الوقت قد حان لان تتحمل هذه العناصر وحدها المسؤولية الكاملة عن هذه التصرفات غير المسؤولة وان يقع عليها وحدها عبء انهاء الازمة التي أوجدتها».
هل من محاسن حظ الفلسطينيين ان مستوى التخلي السعودي عنهم كما يبدو من بيان الوكالة السعودية، يظهر كأنه اقل مما كان مع اللبنانيين في بيان حرب تموز؟ ومهما يكن، فان النتيجة تعكس مشهدا واحدا: شقيق على وشك ان يذبح وملك يراهن على «الحكمة والتدبر». لكن السؤال هو ممن؟ حكمة من؟ وتدبر من؟ الفلسطيني واللبناني؟ ام العدو التاريخي والمحتل؟ القاتل؟ أم المقتول؟ الرهان على تعقل من عندما يأتي الغادر ليقتل كبيرا كأحمد الجعبري؟
المملكة ذاتها، وفي خلال اقل من 4 اعوام، تفلتت من الحكمة والتدبر. دخلت حربا ضد الحوثيين، افقر قبائل الجزيرة العربية، ثم تدخلت عسكريا في البحرين لحماية نظام الملك الشقيق في مواجهة اكثر شعوب الخليج الفارسي تواقا للعمل السياسي. وعندما نظرت الى أزمة سوريا، اكتشفت ان هناك شيئا سحريا يسمى «حرية»، فأمعنت في تسليحها.
في عالم «افلاطوني» يجوز ان يقال ما قيل في البيان الملكي حول فلسطين. بإمكان الملك، أي ملك، او زعيم او مسؤول، ان يحكم عقله ويناشد الآخرين ان يحكموا عقولهم.
لكن الملك ليس فيلسوفا، ولا كان افلاطون ملكا، وعالمنا ليس مثاليا ... يا «صاحب الجلالة»!!