فكان أن عملت هذه الدول مع بداية الأحداث على محاولة إحداث فتنة طائفية بين أبناء البلد الواحد وإدخالهم في أتون نزاع لا ينتهي، ثم سعيها لسلخ بعض المناطق الحدودية لتكون مقراً ومنطلقاً لعمليات الإرهابيين ضد المواطنين السوريين وممتلكاتهم العامة والخاصة، فالعمل لاحقاً على جرَّ بعض الدول للتدخل عسكرياً في سورية..
ولم تكتف هذه الدول بالمتاجرة بدماء المواطنين السوريين وآلامهم، بل عمدت أيضاً إلى المتاجرة بقضية الأشقاء الفلسطينيين المقيمين على الأراضي السورية من خلال محاولة زجهم بما تشهده سورية من أحداث وما تواجهه من إرهاب إقليمي ودولي.
وإذا كان هذا المشهد قد تكشفت تفاصيله بشكل علني مع استهداف المجموعات الإرهابية المسلحة لمخيم اليرموك في دمشق وتشكيل عصابات تدعي انتمائها للشعب الفلسطيني، فإن الأشهر الماضية شهدت خطوات في الاتجاه نفسه تمثل أبرزها في الاغتيالات التي كانت تستهدف بعض الكفاءات الفلسطينية، وإطلاق القذائف الصاروخية على الأبنية السكنية في بعض المخيمات ومن ثم اتهام الجيش العربي السوري بالمسؤولية عنها.
يدرك المتابع لتطور المواجهة التي تخوضها سورية أن النجاح بزج الفلسطينيين في الأحداث الداخلية يحقق للولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها «إسرائيل» ثلاثة أهداف في آن معاً هي:
- إحداث شرخ عميق في العلاقة التاريخية التي تربط الشعبين السوري والفلسطيني وإفقادها الخصوصية التي تميزها عن غيرها من علاقات الفلسطينيين بالدول العربية، ولعل ما يحظى به المواطن الفلسطيني المقيم على الأراضي السورية من حقوق ومزايا يشير إلى تلك الخصوصية وأهميتها.
- زيادة تأجيج الأحداث في سورية وما يستتبعه ذلك من ضغوط خارجية على الحكومة السورية وفتح الباب للمتربصين بها لتنفيذ مشروعهم التخريبي كما حدث في دول أخرى كليبيا وتونس...وغيرهما
- إضعاف الصوت الفلسطيني في سورية وتحديداً في هذه الفترة التي تمرُّ بها القضية الفلسطينية بمرحلة دقيقة بفعل تصريحات السلطة الفلسطينية المتعلقة بحق العودة من جهة، والتحرك نحو الأمم المتحدة طلباً لعضويتها بصفة مراقب من جهة ثانية.
وعلى ذلك فإن مواجهة الأشقاء الفلسطينيين المقيمين في سورية لهذه المحاولات الخبيثة لا يجب التعامل معه من منظور ردَّ الاعتبار لما قدمته سورية عبر عقود طويلة للقضية الفلسطينية، وإنما التعامل مع ذلك من باب الحرص على بقاء بوصلة هدفهم كلاجئين فلسطينيين هي في العودة إلى قراهم ومدنهم وإقامة دولتهم الوطنية المستقلة.
*زياد غصن - تشرين