فبالامس القريب (قبل اسبوع) طاردت مقاتلات قواتنا المسلحة طائرة اميركية بدون طيار انتهكت حرمة الاجواء الايرانية فوق مياهنا الاقليمية بالخليج الفارسي، وقد تعاملت معها وفقا للرد المطلوب والحاسم واجبرتها على الفرار.
وقبل اكثر من عام (اواخر نوفمبر 2011)، اسقطت دفاعاتنا الجوفضائية طائرة اخرى اميركية بدون طيار من نوع (آركيو 170)، كانت قد اخترقت نحو (200 كيلومتر) من اجوائنا في الحدود الشرقية المتاخمة لافغانستان، في عملية نوعية اذهلت الخبراء العسكريين الاميركيين والغربيين والصهاينة ، باعتبار ان قواتنا المسلحة تحكمت عن بعد بالشبكة الالكترونية لهذه الطائرة "الشبح"، واجبرتها على السقوط دون اصابة هيكلها ومعداتها المعقدة جدا باضرار، الامر الذي مكن علماءنا لاحقا من فك رموزها والغازها بسهولة لم تكن تخطر على بال احد.
وقد اعتبر المراقبون اسقاط ال (آركيو 170) "انتكاسة مهمة للمؤسسة العسكرية الاميركية من جانب، وهبة من السماء لطهران من جانب آخر، بسبب ما وفرته هذه الطائرة الجاسوسية من معلومات سرية مفيدة للايرانيين و حلفائهم" .
وكالعادة وجدنا ان المسؤولين السياسيين والعسكريين في واشنطن، قد اختلقوا تبريرات وذرائع سخيفة تتحرك في اتجاهين: الاول هو "الزعم بان الطائرة الاستطلاعية الاميركية، كانت في مهمة روتينية بعيدة عن الحدود الايرانية المائية او البرية". والثاني هو "السعي للتقليل من شأن قدرات القوات المسلحة الايرانية على التصدي لمثل هذه الخروقات المنافية للقانون الدولي".
ولعل اكثر الدلالات اقناعا في هذا السياق، هو ما يؤكده قادتنا العسكريون؛ من ان القوات المسلحة الايرانية تراقب وتتابع بدقة التحركات الاميركية والغربية والصهيونية المعادية، وانها وضعت قدراتها على اهبة الاستعداد للرد بحزم عليها.
والواقع فان هذا المشهد يدعو الى الفخر والاعتزاز نظرا لما وصلت اليه الجمهورية الاسلامية علي مستوي تعزيز امكانيات الجهوزية والردع والدفاع عن البلاد والسيادة والاستقلال، ، وهو ما ينبغي ان يجعل مؤججي الحروب والغزوات والازمات والاضطرابات في العالم الاسلامي، يطردون من عقولهم وتفكيرهم اية نزعات او افكار يمكن ان تهدد اوتمس مقومات الامن الوطني والاقليمي الايراني بشكل او باخر .
وفي ضوء ذلك يتعين على الاميركيين وحلفائهم ان يحملوا هذا التحول على محمل الجد، وان يأخذوا على عواتقهم تغيير العادات والسلوكيات الاستفزازية التي اعتادوا ممارستها في العقود الماضية . فايران برهنت في العامين الماضيين على انها قوة اسلامية عظمى ، وقد قدمت من الشواهد والتجارب والنماذج العملية، ما يبدد الشكوك ويؤكد حقيقة ان المعادلة الاقليمية والدولية، ليست بيد طرف واحد يبدو انه ما فتئ اسير سكرة الغطرسة والاحادية القطبية.
كما بات من الواضح ايضا ان استراتيجية العسكرة والتجييش وتلغيم الاجواء التي راهنت عليها حكومات الولايات المتحدة والدول الاوروبية و"اسرائيل" والانظمة الخليجية العميلة لها، لتكريس حالات الانفلات الامني وزعزعة السلم الاقليمي واشاعة الهواجس والرعب والارهاب الدولي وبما يؤدي الى خلط الاوراق ، لم تعد ذات جدوى في مضمار تطويع الشعوب و الانظمة الثورية في المنطقة، وذلك لان ابناء الامة الاسلامية لاسيما في ايران، لن يخضعوا ابدا لهذه السلوكيات الاستكبارية الهوجاء من الآن فصاعدا.
حميد حلمي زادة