بالمقابل تتعدد تكتيكات المعسکر المقابل ففي حين تتحدث الإدارة الأمريكية عن استراتيجية تعتمد مبدأ التفاوض والضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية تتحدث الإدارة الإسرائيلية باستمرار عن توجيه اعتداء على المنشآت النووية الإيرانية لتدميرها والتخلص منها. وبين هذه وتلك تصر أوروبا على المفاوضات والعقوبات دون التهديدات العسكرية.
ويقوم رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بزيارة إلى فرنسا فيما يبدو أنه محاولة لجر الموقف الأوروبي عموما والفرنسي خصوصا إلى جانب الموقف الإسرائيلي بعد أن شهدت العلاقات الثنائية بينهما فتورا شديدا على خلفية التهديدات العسكرية بالاعتداء على ايران .وقبل أن يعمل نتنياهو على استعطاف الموقف الفرنسي إليه قام بخطوة أكثر خبثا تمثلت في محاولة استجرار الموقف العربي لصالح الموقف الإسرائيلي في الاعتداء على إيران. وهو محاولة لاستغباء العرب بشكل صارخ للوقوف مع عدوهم الغاصب لفلسطين ضد شقيقتهم إيران التي تعرضت وتتعرض لكل هذه الحرب على خلفية وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية ضد إسرائيل.
منذ سنوات والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي يزعمون اقتراب إيران من السلاح النووي ويحددون لذلك تواريخا وأعواما وأشهرا ثم ما يلبثون أن يغيروا التاريخ المحدد سابقا إضافة إلى الحديث الدائم عن تحديد خطوط حمراء لبرنامجها النووي وتوجيه ضربات اعتدائية عليها والتهويل ضدها لإخافتها وكل ذلك بغية ممارسة ضغوطهم غير المشروعة ضد ايران وتخويف العالم منها. وهو ما يتغير باستمرار ما يؤكد أنه مجرد حرب نفسية بعد العجز عن الوقوف في وجه إرادة الشعب الإيراني وشعوب المنطقة الإسلامية.
إن حديث ايهود باراك وزير الحرب الاسرائيلي الأخير الذي يزعم أن ايران تراجعت عن طموحاتها النووية العسكرية بما يسمح بتأجيل الحسم 8-10 اشهر يأتي في إطار التغطية على الأكاذيب والمزاعم الإسرائيلية حول البرنامج النووي الايراني السلمي. وانطلاقا من الاعتقاد الأوروبي الراسخ بكذب المزاعم الإسرائيلية فإن اوروبا عارضت وتعارض صراحة أي اعتداء اسرائيلي على البرنامج النووي الايراني. فرنسا التي عارضت على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس مرارا أي اعتداء إسرائيلي على المنشآت الإيرانية هو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسفر إلى فرنسة للعمل على تحسين علاقات كيانه مع باريس بعد الفتور بسبب التهديدات بالاعتداء التي أكثر منها سابقا ووصلت إلى حد الابتذال.
ومن جهة أخرى دأبت الدبلوماسية الأمريكية بالحديث عن المفاوضات ودعوة الإيرانيين إليها وهو ما دعا علي باقري معاون سكرتير الأمن القومي الإيراني للرد عليها قائلا إن بلاده لم تترك المفاوضات مع مجموعة 5+1 حتى ترجع إليها.
والحقيقة أن ايران بلد مستقل وذو سيادة وعضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية والبرنامج النووي الايراني سلمي وشفاف ويخضع لتفتيش الوكالة الدولية ومراقبيها وكاميراتها على مدار الساعة في حين أن اسرائيل هي التي تمتلك برنامجا عسكريا ومئات الصواريخ النووية العسكرية كما أنها لم توقع على معاهدة NPT ولم تسمح للوكالة الدولية يوما بأي مراقبة لبرامجها وأنشطتها السلمية فضلا عن العسكرية. وتمارس امريكا والدول الاوروبية ازدواجية صارخة من خلال دعم اسرائيل في وجه الضغوط التي تطالبها بالتوقيع على معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل وممارسة الشفافية.