من واجبنا ان نتساءل: كيف يمكن الجمع بين هذين النقيضين، وقد اصبحت الحقائق بالنسبة للرأي العام العالمي اوضح من الشمس؟!
المؤكد ان من حق اهلنا الفلسطينين المحاصرين في غزة ان يستقبلوا الناس المؤمنين بعدالة قضيتهم سيما الزعماء والامراء والمسؤولين، لكسر الحصار الصهيوني الجائر المفروض عليهم منذ اكثر من (7 سنوات) ، ومن اجل دخول قوافل الاغاثة والمساعدة والعون الى ربوعهم الحزينة والمثخثة بالالام والعذابات بفعل الارهاب الدولي (الغربي ــ الاسرائيلي).
الا انه ليس من حق مؤججي الحروب الاهلية والفتن الطائفية الخادمين للمصالح الاستكبارية، استغلال براءة غزة ونقائها وتضحياتها الغالية، للتغطية على جرائمهم اللاانسانية في العالم الاسلامي واستخدام (عباءتها) لمواراة سوءاتهم المفضوحة.
بالامس القريب (23/10/2012) زار أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قطاع غزة، بعدما حصل على الضوء الاخضر للقيام بهذا التحرك السياسي من الادارة الاميركية والكيان الصهيوني، الشيء الذي اعتبره المراقبون (محاولة لـ "تعويم" الدور القطري في المنطقة المهدد بالانحسار مع فشل جهوده في الاطاحة بالنظام السوري والرئيس الدكتور بشار الاسد).
وما ان غادر "آل ثاني" غزة، حتى شنت "اسرائيل" ــ وهي بالمناسبة حليفة قوية للامير القطري ــ غارات جوية على القطاع بعد ساعات اسفرت عن سقوط العديد من الشهداء والجرحى من ابناء الشعب الفلسطينيي الذي قاطع بعض فصائله الوطنية والثورية هذه الزيارة بسب دوافعها الدعائية المضللة.
على صعيد متصل اخبرت التقارير الاعلامية عن زيارة مماثلة سيقوم بها نجل "ملك البحرين" واسمه الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة اليوم الخميس 1/11/2012 الى غزة وايضا بحجة كسر الحصار عن القطاع والشعب الفلسطيني فيه؟!
اللافت ان قطر والبحرين ترتبطان بعلاقات وثيقة مع زعماء الكيان الصهيوني، وتقيمان في اراضيهما قواعد عسكرية واستخبارية للقوات الاميركية والاوروبية والاسرائيلية، ومن الثابت ايضا ان هذه القواعد تحولت في السنوات الاخيرة الى غرف عمليات لوجستية وتجسسية كبرى تعمل ليل نهار ضد الجمهورية الاسلامية وسورية والعراق ولبنان.
في حين تشير الوثائق والشواهد المؤكدة الى قيام الانظمة البترودولارية بزعامة السعودية ومعها قطر والبحرين والامارات بتمويل الجماعات الاسلامية المتطرفة (التكفيرية)، وتجنيد الكثير من افرادها من مختلف الجنسيات وتسليحهم لاغراق العالم الاسلامي بالفوضى والاضطرابات والاعمال الارهابية المجنونة، لفائدة "غرف العمليات السيئة الصيت" ومخططاتها الرامية الى تدمير جبهة قوى المقاومة والممانعة بوجه المشروع الاطلسي ــ الاسرائيلي في الشرق الاوسط.
وفي خضم هذه التحركات المشبوهة للغرب المتصهين والانظمة العميلة له في المنطقة، يتراءى للشعوب الاسلامية والعربية صورة سوداوية مريعة للسلوكيات المزدوجة التي يقوم بها "آل ثاني وآل خليفة" وأربابهم في بلاد الحرمين الشريفين، ونعني بهم "السعوديين والوهابيين" المشهورين بتعطشهم للدماء، والذين هم اصل الفتن المذهبية والطائفية في المنطقة بل في العالم اجمع..
فمن الواضح ان التلويح بـ "قميص غزة" يمثل اكذوبة بشعة ومدانة في آن معا، وهي تجسد افلاسا سياسيا لا نظير له يقوم به حكام زائفون سخروا- وخلافا لرغبة مواطنيهم - جل ثروات بلدانهم الغنية بالنفط والغاز، لفائدة الاجندات الغربية والاسرائيلية، وهم لا يتورعون حاليا عن اشعال الحرائق في العالم الاسلامي تحت ذرائع متباينة ومتنافرة، وقد صاروا الان يهرولون الى القطاع الفلسطيني المغلوب على امره والخاضع تحت نيران غارات العدو الصهيوني الجوية وحملاته الصاروخية الغادرة ، وهم (الحكام) يحسبون ان هذه التحركات الاستعراضية، سوف تمحو اخطاءهم الاستراتيجية القاتلة من الذاكرة الاسلامية والانسانية.
اما غزة الطهر والتضحية فهي انقى من ان تتلوث بالسرائر المريضة لزعماء البترودولار، كما ان الامة الاسلامية لن تسمح ابدا بان تكون هذه القلعة الفلسطينية الابية سوقا يتبارى فيها تجار الحروب الاقليميون للتظاهر بالفضيلة اوا نتزاع "صكوك الغفران".
ويقيننا هو ان غزة وفيها ضريح سيدنا هاشم جد الرسول الاكرم محمد(ص)، لن تعطي للحكام القتلة والمتآمرين مثل هذه المنقبة، كما انها لا تدعي حتما امتلاكها مثل هذه "الصكوك.
حميد حلمي زاده