فمثل هذا السلاح قادر على تقويض جميع الضغوط والحصارات والعقوبات الاورواميركية التي اتخذت ابعادا طاولت حتى مبدأ (حرية الفكر والتعبير) وحجب القنوات الفضائية الرسالية في البلدان الاسلامية والعربية.
المؤكد ان زعماء النظام الرأسمالي الغربي ــ الصهيوني المهووسين بتكديس الاموال وقناطير الذهب، والتي تتراكم في خزائنهم ــ بالمرتبة الاولى ــ من امدادات البترول والغاز المتدفقة بشكل رئيس من منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز، لن يكونوا قادرين على تحمل ادنى صدمة يمكن ان تعرض مرابحهم واطماعهم الجشعة للنقصان، ناهيك عن الانقطاع.
والمعروف ان ثمة شركات اميركية واوروبية عملاقة، تقف وراء صناعة القرارات السياسية والعسكرية والاقتصادية المناوئة لمصالح العالم الاسلامي عموما وايران خصوصا. ولاشك في ان أي قرار نهائي تتخذه الجمهورية الاسلامية في مجابهة اشكال الحظر والحصار بواسطة ايقاف صادراتها ومبيعاتها النفطية الى العالم الغربي، سوف يولد وقعا مدويا في الاقتصاد الغربي الذي يمر بأسوأ مراحله حاليا بسبب ثورة الجياع تحت شعار (احتلوا وول ستريت).
الملاحظ ان الغربيين الذين يصعدون هذه الايام من اجراءاتهم الاستفزازية الحاقدة على ايران بسبب مواقفها المقاومة بوجه المشروع الصهيو اميركي، يحاولون اللعب على الحبلين في مضمار الضغوط المتلاحقة من جهة، والتظاهر بالتمسك بالمفاوضات والقنوات الدبلوماسية من جهة اخرى، تجسيدا لسياسة (العصا والجزرة.(
بيد ان هؤلاء الغربيين المسكونين بنعرة الاستكبار والفوقية التي تدفعهم الى تكرار اخطائهم السابقة ضد طهران، لايريدون الاعتبار من الماضي، ولا يثقون ابدا بعدم جدوى العقوبات في الضغط والحصار والتضييق على الجمهورية الاسلامية، رغم ان هذا السلوك اثبت فشله في اركاع ايران، بل حفزها اكثر فاكثر على التطور والنمو ومواكبة العصر وتثوير طاقاتها العلمية والمعرفية والتقنية في جميع الابعاد والاتجاهات.
والواقع ان الغرب يعلم اكثر من سواه بان وقف امدادات الطاقة (النفط والغاز)، يشكل ضربة قاضية لاقتصادياته وشركاته وكارتلاته، وازاء ذلك فانه الاكثر ادراكا لاستخدام هذا السلاح الحيوي في لجم سياساته التسلطية، علما ان الجمهورية الاسلامية تملك اوراقا اخرى تستطيع ان تلقم بها افواه طواغيت المال والاعلام والذهب الاسود، وتجعلهم يندمون الف مرة على مواقفهم المعادية للاستقلال والسيادة والتطلعات المشروعة في الدول التحررية والمناضلة بالمنطقة.
وحسب وجهة نظر صانعي القرار الايرانيين وحلفائهم في جبهة المقاومة والممانعة ، فان الامساك بعصب الطاقة في المنطقة من شأنه ان يزلزل الكيانات الغربية ويجبرها على الركوع والانصياع لما يمكن اعتباره "ثورة الارادات" في العالم الاسلامي، وهي الثورة التي غيرت التوازنات والمعادلات الاميركية والاوروبية والاسرائيلية بفعل الصحوة الاسلامية المباركة ومنجزاتها على مستوى تغيير الموزائيك السياسي في الشرق الاوسط.
ويقود هذا السبيل الى ابعد مما قد يتصوره الغربيون والصهاينة في الميادين الجيوسياسية والجيو استراتيجية، لان الطاقات الاسلامية الكامنة في المنطقة حبلى بالكثير من المفاجآت والمآثر على مستوى تقويض التحديات والضغوط والعقوبات الاميركية والاوروبية، والخروج منها بزخم هائل من المكاسب والابداعات والمنجزات الخلاقة.
لقد دحضت الجمهورية الاسلامية طيلة الثلاثة والثلاثين عاما الماضية مختلف التوجهات والممارسات والسلوكيات الرامية الى تقييد ايران، وتأخيرها عن المضي قدما في عملية التنمية والتقدم، وقد برهنت طهران على نظريتها الفذة القائمة على صيانة الاستقلالين السياسي والاقتصادي، وخرجت بنتائج مذهلة واحيانا اسطورية، في وقت كانت القوى الاستكبارية تراهن لعشرات السنين على أن تترك تهديداتها وسياساتها الكيدية جراحا عميقة اذا لم تكن قاتلة في الواقع الايراني وبالتالي في العالم الاسلامي.
وبهذا قدمت ايران امثولة رائعة في انتاج قدراتها الذاتية واطلاقها الى اقصى المديات، متجاوزة جميع الحواجز المادية والنفسية والدعائية التي وضعها الاميركيون والاوروبيون للحيلولة دون بلوغ ذلك.
لكنها ارادة الاسلام والشعب الايراني المؤمن وقائده الرباني ، ومسؤوليه المخلصين وعلمائه وخبرائه الغيورين الذين صابروا وثابروا وجاهدوا وضحوا وانتصروا وحققوا المعجزات، وجعلوا مكائد المستكبرين تذهب ادراج الرياح.
*حميد حلمي زادة