الاوضاع العربية وصلت الى درجة من الانهيار غير مسبوقة، في ظل وجود رئيس فاسد راكع عند اقدام الاسرائيليين مثل الرئيس حسني مبارك، فهذا الرجل بتخاذله واذلاله للشعب المصري، وسحقه لكرامته شق الصف العربي، وقاوم اي محاولة للانعتاق من الهيمنتين الامريكية والاسرائيلية في المنطقة.
مصر الآن تحررت من اغلال العبودية الاسرائيلية، وفي طريقها للتحرر من العبودية الامريكية الاكبر، واذا كانت لا تصعد من لهجة المواجهة، وتتأنى حكومتها في اتخاذ قرار الطلاق، فذلك يعود الى دهاء سياسي يزن موازين القوى بشكل علمي عقلاني، لتمرير مرحلة انتقالية باقل قدر ممكن من المشاكل، والتصدي للقضايا الداخلية الاكثر الحاحا مثل الامن والبطالة والازمات الاقتصادية عموما.
الشعوب العربية التي تمردت في معظمها على ثقافة الخنوع، وكسرت حاجز الخوف، طفح كيلها من الاهانات الاسرائيلية المتواصلة، وهي قطعا لن تقبل بالعودة اليها، حتى لو حاول الزعماء الجـدد اطالـة امـد الهـدنة مع اسرائيل تحـت عنـاوين معالجة القضايا الداخلية الملحة.
نجاح الثورات في تغيير الانظمة في دول المواجهة يعني العودة الى القضية العربية المركزية الاولى اي قضية فلسطين التي تراجعت اهميتها طوال العامين الماضيين بسبب غياب اي تحرك فلسطيني حقيقي وجدي تجاه التغول الاسرائيلي، وانشغال طرفي المعادلة السياسية الفلسطينية في الضفة وغزة بتكريس الامر الواقع وتوفير الاحتياجات المعيشية للمحكومين تحت سلطتيهما، ولا ننسى ايضا انشغال الرأي العام العربي بانتفاضات شعبية ضد انظمة فاسدة قمعية.
وجود برلمانات عربية منتخبة من القاعدة الشعبية سيفرض على السلطات التنفيذية الحاكمة اتباع سياسات معادية لاسرائيل وحروبها ونهبها للارض، وتهويدها للمقدسات، واعادة النظر، لا بل الغاء، معاهدات السلام الزائف الموقعة معها.
اما اذا لم تنجح بعض الانتفاضات في اطاحة نظام الحكم، واقامة انظمة ديمقراطية، فان هذا سيعني فوضى السلاح، وانهيار السياج الامني الذي فرضته حكومات عربية على حدودها مع اسرائيل بهدف منع اي مجموعات جهادية من تنفيذ عمليات داخل الاراضي المحتلة.
اضطراب الاوضاع الامنية في لبنان، وتدفق المتطوعين الاسلاميين الى سورية، وكشف الاردن خلايا متشددة كانت تخطط لعمليات ضد اهداف اسرائيلية، كلها منفردة او مجتمعة، تشكل فألا سيئا لاسرائيل.
علينا ان نتخيل لو ادت الفوضى في لبنان الى عودة المقاومة الفلسطينية لتعمل جنبا الى جنب مع المقاومة اللبنانية، وعلينا ان نتصور لو جرى فتح جبهة هضبة الجولان امام المقاومة السورية، او اوقفت مصر الجديدة دورها كحامية للحدود الاسرائيلية من عمليات التسلل لحركات المقاومة في سيناء.
بالامس صرح وزير الدفاع المصري الفريق اول عبد الفتاح السيسي واثناء حضوره مناورات عسكرية، بان من الضرورة الحفاظ على الكفاءة القتالية للقوات المسلحة المصرية لان الحرب قد تندلع في اي وقت.
الحرب التي يتحدث عنها الفريق السيسي ليست مع السودان او ليبيا، وانما مع اسرائيل، فالعقيدة التعبوية للجيش المصري ما زالت تعتبر اسرائيل العدو الاول.
زمن القادة الخانعين لامريكا واسرائيل بدأ ينقرض، وزمن الزعماء الذين يقذفون اسرائيل بالورود ومعاهدات السلام والدعوة الى التطبيع ذهب الى غير رجعة، والقوة العسكرية الاسرائيلية لن تمنع هزيمة دولة الاحتلال، والا لما انهزمت اكبر قوة عظمى في التاريخ امام المقاومتين العراقية والافغانية.
*القدس العربي