فتنة السلطان وبوصلة السيد !

فتنة  السلطان  وبوصلة  السيد !
الإثنين ٢٢ أكتوبر ٢٠١٢ - ٠٣:٤٥ بتوقيت غرينتش

يجمع العارفون بطريقة تفكير السيد وما يملكه من حنكة وملكة الجمع بين الكلام المكتوم والصمت الناطق بان هذا الرجل الاستثنائي قد استطاع من خلال عملية صبر النبي ايوب الفضائية ان يخرج جميع اعدائه وخصومه من مخابئهم السرية ويجعلهم يلعبون باوراقهم على المكشوف!

لقد فاجأتهم 'طيور الله ' فعلا هذه المرة واستطاعت انجاز المهمة بنجاح تام والقيام بـ'مسح' استراتيجي للبحر واليابسة التي يلعب عليها العدو الصهيوني فكانت اشبه بخطوة 'كش ملك ' لنتنياهو وزبانيته الذين كانوا يستعدون لاضخم مناورات مشتركة مع 'الشيطان الاكبر' في المنطقة وهكذا كانت الصاعقة!
الامر الذي اعتبره قادة الصهاينة ضربا قويا ما دفعهم للرد عليه بمفاجأة مضادة لها في النوع والاتجاه! ولما كانت عملية 'ايوب' النوعية من النوع الذي قلب الطاولة على جميع اعداء وخصوم 'السيد ' داخل 'بيت العنكبوت' وخارجه فكان لا بد من خطوة من العيار الثقيل توازيها بالقوة وتعاكسها بالاتجاه!
فكانت عملية اغتيال او تصفية الزعيم الاقوى في قوى الامن الداخلي ورئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن، وهو الرجل المثير للجدل على اكثر من مستوى لكنه الذي اختير وحده دون غيره ليكون القادر على نقل كرة النار من داخل حصن العدو الى عرين 'السيد' كما يظنون!
والسبب بسيط جدا: انها كرة الفتنة النارية التي لطالما عجزت تل ابيب واللاعبون المحليون الصغار في الفلك الامريكي من اشعالها على الساحة اللبنانية والعربية والاسلامية منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري في العام 2005 م، وهاهم اليوم يعيدون الكرة لعلهم يفلحون!!
ايا يكن رأيك باللواء وسام الحسن وسواء وضعته في خانة الكاشف لاكثر من ثلاثمئة خلية جاسوسية لصالح العدو الصهيوني او وضعته في خانة اللاعب المخابراتي الدولي الاخطر في كل ما جرى منذ العام 2005 حتى مقتله، الا ان القدر المتيقن فيه انه كان يرسم صورة 'حريري 2 ' في مسرح السياسة اللبنانية من حيث كمية التشابهات والتماثلات التي يملكها مع سيده وزعيمه المغدور 'حريري 1' كما يؤكد كل من عرف الاثنان عن قرب!
انها اذن فتنة 'حريري 2 ' التي ظن اعداء 'السيد' وخصومه انهم بقادرون على اغراقه بها لكنها هي بالذات من ستخرج كل اعداء وخصوم هذا 'السيد' من متاريسهم او خنادقهم او من خلف جدرانهم التي كانوا يقاتلونه من ورائها!
لقد كان بعض قيادات اجهزة استخبارات ما يسمى بدول 'الاعتدال العربي' ينتظر هذه اللحظة التاريخية ليطلق رصاصته الاخيرة على كل ما و من هو معتدل من 'سنة لبنان' ليرمي بثقله علنا الى جانب ما كان يسميه من 'ورم حميد ' اي تلك الميليشيات التكفيرية الخاطفة للقرار السني بوجه ما يسميه بـ'الورم الخبيث' اي حزب الله اللبناني - وهو ما كان يتداوله امراء من جنس بندر بن سلطان في مجالسهم الخاصة في ايام السبات كما ينقل عنهم من جالسوهم فاذا باللحظة تفاجئهم الآن لتظهر ميليشياتهم 'الحميدة' هذه الى العلن وهي تصوب على الدولة اللبنانية التي طالما تغنوا بها فيما اليوم يتهمونها بقتل اللواء الحسن وبحماية المقاومة وحلقائها الاقليميين ويرمونها بكل الحمم النارية انتقاما من 'ايوب' الاول والثاني و'ما قبل ايوب' الذي ساهموا في اغتياله ولم يرووا عطشهم من دمه وما بعد ايوب الذي يظنون انهم سيشاركون في ذبحه او انزع سلاحه في الفتنة الثانية!
لكن من خسر حرب تدمير سورية على رؤوس اهلها وحروب استنزاف الدولة السورية بموالاتها ومعارضيها اكراما للسيد الامريكي وربيبته الاسرائيلية الصغيرة كما يقول مناصرو المقاومة لن يكون بقادر على زحزحة قدم 'السيد' عن متراسها الذي تعشق، او يغير من مسار عينه التي التي لا تبرق ولا تلمع ولا ترمش الا لفلسطين وارض الرباط التي بارك الله من حولها.
هكذا يتمتم حواريو السيد الناطقون بلغة الصمت والرسائل المكتومة، وهم يحضرون لايوب 3 وايوب 4 ولعشرات الآلاف من الاستشهاديين الذين تركهم الشهيد عماد مغنية لايام الفتن الكبرى!
ان الذين يصوبون اليوم النار على الرئيس نجيب ميقاتي وعلى مفتي الجمهورية بل وحتى على اللواء اشرف ريفي وهو الصديق الصدوق للواء وسام الحسن وعلى كل من يدعو الى التهدئة والتعقل والحوار والوفاق وحماية السلم الاهلي في لبنان ووصفهم لكل هؤلاء باصحاب البيانات 'المخدرة' انما يجعلهم شاءوا ام ابوا جزءا من وقود فتنة العدو الاول للبنان والعرب والمسلمين والمسيحيين الثانية وهم الملطخة وجوههم والمسخمة اجسامهم وعظامهم بسواد الفتنة الاولى حتى النخاع!
من مثل هؤلاء لا التاريخ سيرحمهم لانهم سيكونون اول الخاسرين في اية انتخابات مقبلة ولا الجغرافية ستفسح لهم بالمجال ليبقوا لاعبين على مسرحها بعد الآن، واول من سيتخلى عنهم هو كبيرهم الذي علمهم السحر وذلك عندما تحين ساعة التسوية بين الكيار، بعد ان يئس 'ربهم الاعلى' من اسقاط البندقية المقاومة ولا حتى لي ذراع الدولة الممانعة كما يؤكد العارفون باسرار لعبة الجيواستراتيجيا!
حتى صاحب الطموح العثماني الجديد لن يتمكن من مساندتهم او حمايتهم بعد ان بات على شفا حفرة من 'صفر امتياز' وهو يتمسك باذيال الفيل الايراني لانقاذه من المجهول الذي ينتظره!
ولا ذلك الذي يفكر باسترجاع ابوته على خيمة المياه الدافئة التي سرقها منه الانقلابيون الصغار على آبائهم بقادر على فعل شيء له وهو الذي يلعب في الوقت الضائع من زمن تغير معادلات التحول الاستراتيجي الكبير!
اما اولئك الذين قرروا ان يتلقفوا كرة نار الفتنة الملعونة من جيرانهم بحماس منقطع النظير سيبقون اسرى من ورطهم في هذه اللعبة الخطرة وهو الذي سيخرج بدوره بخفي حنين وخالي الوفاض ولا يملك من اوراق المساومة بين الكبار سوى حطام مملكة قد نخرها الفساد وبعض حطب يصلح وقودا لمعارك وهمية ترضي غروره وغرور بعض التائهين في 'الربع الخالي' مما تبقى من مملكة صفقة اليمامة!

*محمد صادق الحسيني - القدس العربي