هذا وانعقدت القمة الأوروبية في بروكسل علي وقع خلافات حادة إزاء كبري الملفات الساخنة في الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بأوروبا. ووضعت هذه الملفات دفعة واحدة علي طاولة مفاوضات متعثرة مع دخول الأزمة عامها الرابع، وتزامنت مع مؤشرات تتعمق إلي أزمات اجتماعية وسياسية تجتاح أكثر من بلد جراء تردي الأوضاع الاقتصادية وما أدت إلي أزمة ثقة تزداد حدة بين الحكومات وشعوبها وإلي بوادر أزمات سياسية داخل النخب الحاكمة كما بين الحكومات.
القضايا الخلافية إزاء إقامة اتحاد مالي وهيئة موحدة للرقابة البنكية وأصدار سندات مشتركة شكل فيها مقترح رئيس الاتحاد الأوروبي بإنشاء ميزانيتين منفصليتن واحدة لمنطقة اليورو وأخري أقل حجماً للدول العشر خارجها ما من شأنه أن يكرس اتحاداً أوروبياً بسرعتين وماقد يضع وحدته السياسية علي المحك.
وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز في تصريح لقناة العالم إن : أوروبا قد أصبحت اليوم بسرع متعددة وليس بسرعتين فقط، وأعتقد أن ذلك ليس حلاً مطلقاً وإنما يشكل مصدراً لمشكلتنا في المستقبل.
كما تسببت الخلافات حول الميزانية الأوروبية لمابين 2014 و2020 بنزاع مثير حفز ألمانيا علي التهديد باستخدام الفيتو ضد أي اتفاق علي تقسيمها وماسيؤدي إلي تخفيض حجم حصتها فيها؛ فيما ضغطت فرنسا باتجاه إنشاء هيئة الرقابة المصرفية الموحدة حتي نهاية العام الجاري؛ ولم تبد ألمانيا حماساً عاجلاً في غير أوانه وعارضت بشدة إصدار السندات المشتركة باليورو.
ورفضت إسبانيا من جهتها تمرير قرض تمت الموافقة عليه بقيمة تصل إلي مئة مليار يورو عبر الخزينة العامة كي لايرتفع معدل دينها العام؛ فيما تنتظر اليونان تقرير الترويكا الدولية الدائنة؛ ليبدو المشهد الأوروبي غارقاً في خلافات لم يحول فيها التفاؤل الرسمي دون أن يكلف الخروج منها ثمناً باهضا.
وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في تصريح خاص لقناة العالم، أنه ومن أجل الخروج من هذا الوضع ينبغي تسوية مشكلات منطقة اليورو وإعادة تعزيز الثقة؛ حيث أن الثقة سوف تحفز علي النمو إلي جانب النجاحات المأمولة في الاتحاد المصرفي، لضمان المستقبل الأوروبي.
وفي خطوة قد تزيد من المعاناة الاجتماعية تحت كابوس خطة التقشف كشفت تسريبات عن وثيقة بعثتها القمة وتقضي بإرغام دول منطقة اليورو علي التوقيع علي عقد خطي يلزمها بتفيذ تلك الخطط بحذافيرها.
القمة التي وضعت كل ثقلها كما يبدو أمام تحديات أزمة مستعصية تتجه إلي التحول نحو أزمات سياسية قد تزلزل القارة العجوز ومستقبلها استهلتها ألمانيا بتوصيفها بقمة "الكثير من المفاوضات والقليل من القرارات" إن لم يكن عدمها... قررات يعتقد بأنها ستضع أوروبا أمام منعطف تحدده نتائج القمة الأوروبية المقبلة في كانون الأول/ديسمبر.
19/10/ 15:12 FA