فقد نشرأحد الكتاب أخيرا مقالا في إحدى الصحف العربية ، أعرب فيه عن قلقه الشديد من الاوضاع المتدهورة التي تعيشها الدول العربية في منطقة الخليج الفارسي ، مشيرا الى الضعف والهزال والتفرقة والاضطرابات التي تواجهها دول المنطقة وخاصة الكويت والبحرين ودولة الامارات ، دون ان يشير الكاتب الى بقية الدول العربية في المنطقة التي تواجه نفس الاوضاع.
ويبدو ان الكاتب الذي يربط في كل مقالاته الاوضاع السيئة في المنطقة العربية بما قام به زعماء دول الخليج الفارسي من تآمر ضد العراق والتواطؤ مع الامريكان لتدميره ، يعتقد ان العرب الذين شاركوا في الحرب ضد العراق وضد صدام حسين ،هاهم يدفعون ثمن تآمرهم وقد حصدوا الاضطرابات والتوترات ، ولا زالوا يواجهون المزيد.
ونسي الكاتب المحترم أن يشير الى تآمر حكام المنطقة مع صدام حسين في هجوم قواته على ايران واحتلال العديد من المدن وتدميرها على رؤوس أهلها وارتکاب جرائم تندى لها جبين البشرية ، كما نسي أن يقول بأن هؤلاء الحكام دفعوا مليارات الدولارات لديكتاتور العراق لشراء الاسلحة والمعدات والغازات السامة و الاسلحة الكيمياوية ليضرب بها الشعبين الايراني و العراقي وخاصة الاكراد العراقيين في حلبجة.
ان ما تشهده هذه الدول هي نتيجة ما قدمت ايدي حكامها من اعمال عدوانية بحق الشعبين الايراني والعراقي وها هي ملايين الارامل و اليتامي في العراق تعاني الفقر والفاقة ، وملايين الاطفال والرجال والنساء والشيوخ ابتلوا بامراض خبيثة مثل السرطان ويعالجون منذ سنين في المستشفيات نتيجة استخدام القوات الامريكية للقنابل المحرمة دوليا ضدهم .
ان الاوضاع المضطربة في المنطقة هي في الواقع نتيجة ما كسبت ايدي حكامها وما وقع على الشعب العراقي الذي يعتبروه شعبا شقيقا من ظلم ، ولا زال التامر ضد الشعب العراقي مستمرا من قبل حكام المنطقة ، وهم يواصلون التامر ضد العراق ، بذريعة ان الحكومة العراقية الحالية لا تنفذ اجنداتهم ورغباتهم كما كان يفعل صدام حسين ، وهم يقدمون الدعم لمعارضي الحكومة ويرسلون السيارات المفخخة هدايا للشعب العراقي لقتل الابرياء منهم انتقاما .
وها هي حكومات دول الخليج الفارسي تشكو من قوة الاخوان المسلمين والاحزاب السلفية بل وصل الامرالى اتهامها بالتامر. وقد اعلن مسؤول في الامارات عن تامر الاخوان المسلمين للاطاحة بحكومة ابو ظبي بل ان السلفيين في الكويت يتحدون الان الامير ويريدون ان يشاركونه سلطاته ويهددون الحكومة بالاحتجات والاعتصامات.
ماذا يمكن ان يوصف هذا الوضع المتازم سوى القول بانه نتيجة ما اكتسبه الحكام من اخطاء لم يحسبوا نتيجة عملهم مستقبلا.
كاتب المقال الخائف على مستقبل دول الخليج الفارسي لايخفي قلقه من قوة ايران ويعتبرها " اللاعب الاقوى في المنطقة حيث تجري مناورات عسكرية ضخمة لكل فروع قواتها المسلحة وتجري تجارب لتختبر فاعلية صواريخها على مشهد من العالم، قوتها البحرية تتضاعف فعدد غواصاتها تتزايد في الوقت الذي لا تملك دول مجلس التعاون الخليجي غواصة واحدة قادرة على التصدي للبحرية الايرانية ".ويعترف الكاتب بتفوق ايران العلمي ويقول :" ايران اثبتت تفوقها العلمي في مجالات الحاسوب وبرامجه ".
ويقول الكاتب أيضا : " وبعيدا عنا وعلى شواطىء البحر الابيض المتوسط اي في لبنان اطلقت ايران (حزب الله) طائرة بدون طيار في اتجاه الكيان الصهيوني واستطاعت ان تخترق مجاله الجوي والوصول الى اجواء مفاعل ديمونه النووي في عمق فلسطين المحتلة"..
الكاتب يعرب عن يأسه وقنوطه من دول مجلس التعاون لفشلها في تشكيل قوة للدفاع عن نفسها رغم تواجد القوات الامريكية والغربية على اراضيها ويقول " في هذه الاجواء ماذا تفعل او فعلت دول مجلس التعاون مجتمعة او متفرقة استعدادا لمواجهة الاخطار القادمة من الشرق؟ الصورة الواضحة عندي ان هذه الدول لم تفعل ما يجب ان تفعله وفي يقيني بانها معتمدة على الحماية الاجنبية وقواها المتواجدة في المنطقة" .
لا يشيرالكاتب الى ما يقوم به حكام البحرين من قمع مظاهرات الاغلبية وعدم استجابتهم لمطالب الشعب البحريني ، كما ينسي ما تقوم به الحكومات في مجلس التعاون من ارسال الاسلحة والمعدات الى اليمن ودول عربية اخرى لاثارة الاضطرابات والقتال فيها .
من المؤسف جدا ان ينسى الكاتب او يتناسى كيف ان حكام السعودية الذين هم شركاء في قمع الشعب البحريني ، قد استفزتهم خطوة البرلمان البريطاني في توجيه اصابع الاتهام الى السعوديين في المشاركة بقمع الانتفاضة الشعبية هناك وكيف ان هذه الخطوة ازعجت كبار المسؤولين السعوديين وهددوا بإعادة النظر في علاقاتهم مع الحكومة البريطانية ان لم يتراجع البرلمان البريطاني .
اذا كانت الاوضاع متأزمة ومضطربة في دول مجلس التعاون الى هذا الحد ، كما يقول الكاتب وانه يخشى أن تتفاقم اكثر، فعليه ان يوصى المسؤولين في هذه الدول بعدم تكرار مواقفهم السابقة و المخزية من ايران، عليه ان يقول لحكامه بان عليهم أن يكونوا أصدقاء للشعب الايراني ولا يعتبروا ايران عدوا لهم .
إن عليهم أن يعتمدوا على قوتهم الذاتية وعلى شعوبهم ، و لا يعتمدوا على أصدقائهم الامريكان والاوروبيين الذين سوف ينقلبوا عليهم إذا اقتضت مصالحهم ، وسوف يبيعونهم بأبخس الاثمان ، ولنا في مواقف الامريكان والاوروبيين من بن علي ومبارك وصالح والقذافي خير شاهد ودليل.
شاكر كسرائي