ومادام الامر كذلك فانه لايمكن للحوار ان يتم بين اولئك الذين يتطلعون الى تسمية الحقوق والمطالب المشروعة، وبين اولئك الذين لا يريدون ذلك تعنتاً.
ويؤكد هذا ان الغاء لغة الازدواجية والمماطلة واللف والدوران، واحيانا لغة التهديد والوعيد، هو وحده الذي يحقق للحوار البناء مقاصده ومعانيه السليمة.
ان مشكلتنا مع الغرب، هي رهانه الدائم على قاعدة (حاور.. حاور حتي تجعل الآخرين يركعون)، وهي مشكلة عويصة، مردها انعدام المعايير الاخلاقية والمصداقية والجدية في الخطاب الغربي، واصلها تمركز مساعي زعمائه ومنظريه على تطويع "الثالثيين" ولاسيما ابناء العالم الاسلامي، وفقا لاجنداتهم ومشاريعهم وسلوكياتهم الهيمنية.
وفي معرض جولة قائد الثورة الاسلامية في محافظة خراسان الشمالية وكلماته العديدة بجموع مواطني مدن هذه المحافظة ونواحيها وقراها، الذين احتفوا بتواجد الامام الخامنئي (دامت بركاته) بين ظهرانيهم، تحدث سماحته يوم الثلاثاء 16/10/2012، الى الجماهير الايرانية المؤمنة حول اساليب الكذب والتضليل والتمويه التي كان الغربيون يستخدمونها وما يزالون في مختلف حواراتهم مع مسؤولي الجمهورية الاسلامية، مؤكدا على ان هؤلاء يتوخون هدفا اساسيا لا يحيدون عن سواه، وهو (ان يجعلوا الشعب الايراني يستسلم، لكنهم اعجز من ان ينالوا ذلك).
واشار السيد القائد الى النجاحات الايرانية التي تحققت على مستوى کبح جماح المتغطرسين الدوليين قائلا: (ان احدى مواقع المواجهة مع الاعداء، هي حلبة اطلاق المواقف والتصريحات في الساحة الدولية) منوها سماحته الى (ان المسؤولين في الجمهورية الاسلامية الذين خبروا اجواء واهداف المفاوضات والمحادثات حول الطاولات المستديرة وفي مختلف المنابر والمنتديات، يعرفون جيدا كيف يطلقون التصريحات السياسية والمواقف المبدئية بطرق مدروسة وشاملة وجيدة وصحيحة).
في هذا الصدد فان السؤال الجوهري الذي لا يستطيع الغربيون الاجابة عليه هو: متى يحين آوان عودتهم الى جادة العقل والمنطق ويدركوا بان مواصلة التلاعب والعبث مع ايران قيادة وحكومة وشعبا، لن توصلهم الى مبتغياتهم، لاننا لسنا في مباراة شطرنجية، ونربأ بانفسنا عن الدخول في مقامرات، او اعمال لهو اخرى تستند الى عوامل الاستغفال والتضليل والتزييف للايقاع بالخصوم.
فالحقيقة التي يتعين على الغربيين وعيها وفهمها وبالتالي قبولها طوعا او كرها ، هي ان (سياستنا هي عين ديانتنا، وان ديانتنا هي عين سياستنا)، وازاء ذلك فان كل ما يقوله مسؤولونا ومفاوضونا في الغرف المغلقة او امام المحافل المعلنة، يمثل نسخة طبق الاصل لارادة الشعب الايراني الحرة، وقد يتعدى الامر فيمثل تطلعات الامة الاسلامية كافة.
وفي ظل مثل هذه المعادلة، فان تمسك الغربيين بزعامة اميركا، بنزعة الغطرسة والمخادعة والفوقية في ما يتصل بلغة الحوار واجواء المفاوضات، سوف يعني الدوران في حلقة مفرغة، واستنزاف الوقت والطاقات، لغاية في نفوس زعماء الاستكبار العالمي والصهيونية البغيضة، وهي انتظار ما ستعود به تحركاتهم المشبوهة علي الجبهات الاخري في ايران والعالم الاسلامي، من نتائج کيدية على الارض ابتغاء استعمالها كاوراق ضغط على القوى والمواقع المستقلة.
بيد ان الامام الخامنئي (دام ظله) حزم الامر، في معرض حديثه مشيرا الى (ان الاطراف الاوروبية الغربية ما فتئت تعيش اجواء القرن التاسع عشر، وحقبة العنجهية الاستعمارية) مؤكدا على (ان على الغرب ان يعلم بأن تمسك الشعب والمسؤولين الايرانيين بالثوابت، ورفضهم للغة العربدة والاستخفاف، سوف يعرضه لمشاكل عديدة، باعتبار ان صلابة الداخل الايراني، يمثل اليوم دعامة قوية على مستوى صيانة السيادة الوطنية للشعب وتقويض سلوكيات المتغطرسين، وهو ما تحول حاليا الى دليل عملي لتحفيز حركة الشعوب ودحض لغة المستكبرين).
فالجمهورية الاسلامية وشعبها المؤمن يملكان الكثير من الطاقات الكامنة والابداعات الخلاقة، الشئ الذي تستطيع به التصدي للاعداء والانتصار عليهم، وهما لن ينخدعا ابدا بالخطابات والمواقف الغربية المعسولة و الملتوية، لان ثورة المعلومات والقدرات المعرفية التي توصلت اليها ايران طيلة الاعوام الـ 33 الماضية كفيلة بتفادي ألاعيب الاستكبار العالمي ومكائده الشيطانية.
حميد حلمي زادة