سكوت قاتل يرافق المسؤولين الاسرائيليين ويكاد يطبق على صدورهم ويقطع انفاس سكان مستعمراتهم ويلح السؤال الكبير عليهم : هل مسح الطائر 'ايوب' مفاعل ديمونا بالكامل؟!
انها الكارثة لو حدثت فعلا، ولعله السبب الاساسي وراء هذا السكوت المطلق وغير المعتاد من عدو كان يوهم العالم بالقدرة على الضربة الاولى!
انها نقطة التحول من الدفاع الى الهجوم، والتي يتم فيها لاول مرة سلب العدو قدراته الابتكارية او الاستباقية رغم كل كميات اسلحة الدمار الشامل المكدسة في مخازنه، وذلك عندما تتحول الى مجرد 'حديد خردة ' غير قادرة على الفعل او الحراك بل تصبح حبيسة الانفعال!
'ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة ولن تقلل من قيمة واهمية المفاجآت الكثيرة التي يحملها المستقبل من الايام'!
لكنها 'اللازمة' التي كان لابد منها على ما يبدو لاعادة تصويب بوصلة الاحداث الكبرى التي تمر بها منطقتنا العربية والاسلامية بعد ان تاهت سفن البعض ومراكبهم في رمال 'الربيع العربي' المتحركة!
انها 'الصحوة ' التي كان لابد منها لتصويب اتجاه بوصلة الحراك العربي وانقاذه من محاولات تزييفه او اغوائه او الاحتيال عليه او ركوب موجاته لاغراض باتت مكشوفة لاصحاب البصائر من الثوار!
انها علامة فارقة تقطع الشك باليقين باننا في مرحلة خيبر وبدر الكبرى ولسنا في مرحلة 'شعب ابي طالب' كما يريد البعض ان يوهمنا!
انها نقطة عطف مهمة باننا في حالة 'ربط نزاعات' لا يمكن فكاك بعضها عن الآخر ولذلك كان الامين العام لحزب الله وسيد المقاومة الاسلامية اللبنانية واضحا في خطابه وشفافا كما لم يكن من قبل!
الطائرة ايرانية الصنع. التجميع هو من عمل كادر المقاومة الاسلامية اللبنانية. انها ليست العملية الاولى ولن تكون الاخيرة. ان الطائرة انطلقت من لبنان من مكان ما الى فلسطين المحتلة ومسحت البحر والارض كما لم تمسح وحدة فدائية من قبل. انها طيور الله التي حلقت لمدة ثلاث ساعات متواصلة فوق المياه وفوق اليابسة وعلى امتداد ثلاثمئة كيلومتر فيما العدو في تيه صحرائه التاريخية.
انها الرحلة الرسمية الاولى والعلنية للخطوط الجوية لحزب الله اللبناني الى القدس المحتلة الناجحة والموفقة والمتفوقة والتي اتت اكلها بامتياز!
لكنها هي ايضا وايضا جزء من اسطول رحلات متواصل الحركة منذ سنين يسند بعضها بعضا، قرر الطرف الاكثر مرونة في حركته ان يكون حامل بيرق نقطة التحول الاولى لخريطة المنازلة الكبرى المرتقبة!
انها المنازلة التي تترقبها وتعمل من اجلها كل اطراف محور المقاومة والتصدي للعدوان الصهيوني على مقدرات امتنا.
انها المنازلة التي يحضر لها ويعمل على انجازها بنجاح يغير وجه المنطقة قوى مقتدرة ومتماسكة ومنسجمة تمتد من خراسان الى بغداد الى دمشق الى صور وبنت جبيل الى نابلس ورام الله وبيت المقدس الى غزة هاشم الى قاهرة المعز المتجددة دون تقطع او انقطاع مهما عمل المرجفون في المدينة!
قبل يومين من اعلان وتبني سيد المقاومة عن رحلة 'ايوب' الثانية لارض الرباط كشف 'موقع ايران النووي' عما سماه 'انتشار مثل هذه الرحلات في سماء فلسطين المحتلة لاسيما في شماله وقرب الجولان...' مشيرا الى ان مجموعات المقاومة استطاعت خلال السنوات الماضية رسم خريطة كاملة والقيام بمسح شامل لكل معوقات الاشتباك العسكرية او الطبيعية ....' مضيفا الى ان الهدف من استمرار ذلك هو:
اولا : اختبار فعالية انظمة الدفاع الجوية الاسرائيلية والتي ثبت حتى الآن بانها غير فعالة!
ثانيا: جمع المعلومات وتحديد الاهداف!
ثالثا: رفع قدرات هذه الجماعات من خلال التدريبات في اجواء العدو!
انه عمل قديم جديد اذن، قدمه دليل على وجود ارادة وتخطيط ثابتين وجدته دليل على اننا دخلنا مرحلة 'المفاجآت المفتوحة' كما يقول المتتبعون والمطلعون على خفايا الحرب المعلوماتية والاستخبارية الشاملة المندلعة منذ سنوات بين من يريد وقف الزحف الى حتفه اي اليهود الصهاينة وبين من يستعجل الزحف لفتح بيت المقدس اي المسلمون والمسيحيون من بيت المشرق الجديد الممتد من جبال الاطلس الشاهقة الى سور الصين العظيم مرورا بالقارة الاوراسيوية اي وصولا لبوابات موسكو وبكين!
انه 'سفر ايوب الثاني' الذي يفترض به او من دلالاته العميقة انه سينقلنا ويحولنا من الدفاع الى الهجوم!
في هذه اللحظة بالذات ونحن نقرأ هذا السفر المقدس لعملية الشهيد حسين ايوب، فان جنود الله من قوات التعبئة في كل محافظات ايران تستعد لاكبر مناورات سيشترك فيها نحو خمسة ملايين مقاتل سيقومون خلالها انجاز عمليات دفاع وقتال افتراضية حسب جغرافية وتضاريس كل محافظة ولكن تحت عنوان عريض واحد هو : كتائب بيت المقدس!
وفي هذه اللحظة ايضا تدور اشرس المعارك واكثرها تعقيدا في شوارع وازقة حلب وريفها وارياف كثيرة من بلاد التين والزيتون وطور سنين، في اطار حرب كونية يجمع المطلعون على خفاياها بانها الحرب التي على اساس نهاياتها سيحسم شكل النظام العالمي القادم ونوع الجغرافية السياسية التي سترسم عالمنا الاسلامي ووطننا العربي من جديد!
محمد صادق الحسيني
القدس العربي