لا اريد ان اشغل فكر القراء الكرام الى قضايا صغيرة يطرحها بعض الصحفيين الذين لا هم لهم سوى اثارة الاحقاد بين المسلمين وليس من أجل اطلاع المواطنين على معلومة تفيدهم وترفع من مستواهم.
ولكن الاشارة هنا للتنبيه فقط لا للشماتة. فقد اثيرت قبل اسابيع قضية ارتفاع اسعارالدجاج في ايران، واستغلها صحفي في صحيفة الحياة اللندنية المدعومة من قبل دولة نفطية كبرى وبعنوان كبير لكي يظهر فرحته من ارتفاع اسعار الدجاج في ايران معلقا على ذلك بالقول بان ارتفاع اسعار الدجاج في ايران يدل على تأزم الاوضاع الاقتصادية في هذا البلد وانهيار الاقتصاد الايراني.
ولم يكن يدرك هذا الصحفي الذي دبج مقالته بكلمات تدل على حقده وكراهيته للايرانيين ، ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية في العالم أمر عادي خاصة وان الاعلاف والمواد الاولية للدواجن يتم استيرادها من الخارج وان المؤسسات الدولية اعلنت هذا العام عن ارتفاع كبير في اسعار المواد الاولية و الغذائية وحذرت من خطر ارتفاع اسعار المواد الاولية على الشعوب الفقيرة .
لا أدري ماذا فعل هذا الصحفي الذي فرح كثيرا لارتفاع اسعار الدجاج في ايران وكتب مقالة طويلة عن تاثير غلاء الدجاج على الاقتصاد الايراني وامكانية ان يصبح الايرانيون اكثر فقرا وعوزا ، لا ادري ماذا فعل عندما ارتفعت اسعار الدجاج هذا الاسبوع في السعودية ، ألم يخجل هذا الصحفي من فعلته ومقالته ؟.
كثير من الايرانيين رغم ارتفاع اسعار الدجاج اشتروه ، وراينا طوابير لشراء الدجاج لا مقاطعته ، لان الايرانيين قد وصل مستوي دخلهم الى مستوى كبير وهم يحصلون على موارد كبيرة لا يكترثون لارتفاع اسعار المواد الغذائية خلافا لما كان مستواهم في السنوات الماضية.
واليوم وقد انخفض سعر الدجاج في ايران بعد وصول المواد الاولية من الخارج ولا توجد ازمة دجاج في ايران .
ولكن أزمة الدجاج استفحلت في السعودية التي تعتبر البلد النفطي الاول و الذي لا يواجه أي عقوبات وضغوط وتهديدات من الخارج . ودعا العديد من المواطنين الى مقاطعة الدجاج ، فهل دبج الصحفيون الايرانيون مقالات ضد السعودية وهل سخروا من الاقتصاد السعودي ووصفوه بالمنهار.
لقد قرأنا في صحيفة الوطن السعودية مقالا عن الدجاج بعنوان " كبسة دجاج " بقلم صالح الشيحي بتاريخ 2-10-2012 والذي يعبر فيه عن وجود واستفحال ازمة ارتفاع اسعار الدجاج في السعودية ، وجاء فيه :
" تصدرت الارتفاعات التي طالت "الدجاج" أحاديث الطبقة المتوسطة في بلادنا.. فلا حديث يعلو على أحاديث الدجاج.. وفي غير وسيلة انطلقت الدعوات الشعبية في أوساط السعوديين، لمقاطعة هذا الكائن الحي، بدءا من يوم السبت الماضي، غضبا من ارتفاع أسعاره.. لنجد أنفسنا أمام أزمة طاحنة قد تقطع الروابط المتينة، وتعصف بالعلاقة المتجذرة التي امتدت لسنين طويلة بين السعوديين وشريك مائدتهم الدائم "الدجاج"!
فـمن الذي كان يصـدق أن المائدة المحلية ستخلو من الدجاج وكبسة الدجاج يوما ما.. طارت أسعار الدجاج وهو لا يطير، كيف لو كان يمتلك المقدرة على الطيران كم سيصل سعره؟!
ولا أحد يلوم الناس حينما تدافع عن قوت يومها.. ولا ينبغي التقليل أو الاستهانة بردة فعلهم.. ومع أن هناك أسرا كثيرة في البلد تؤثر عليها أي ارتفاعات للأسعار مهما كانت المسوغات.. إلا أننا نسكت أحيانا عن تلك الارتفاعات إن كانت طفيفة، أو غير مؤثرة.. لكن أن تصل الارتفاعات إلى 40? فهذا ما لا يمكن تصديقه فضلا عن قبوله.. نحن في حالة سلم وأمن وأمان.. ما الذي سيحدث في حال الأزمات والكوارث؟!
الناس محتقنون دون أزمات جديدة.. فما المبرر لهذه الضربات المتتالية؟!
ارتفعت أسعار الأرز.. ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء.. اليوم ترتفع أسعار الدجاج.. ماذا يأكل المواطن إذن؟!
اننا نقول للصحفي ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية في ايران او السعودية او اي بلد آخر امر طبيعي بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية في العالم ، اننا لا نلومك بل نلوم المسوول في الصحيفة الذي سمح بطبع مقالك في صحيفته ولم يدر انه سوف يواجه اليوم خبرا بارتفاع اسعار الدجاج السعودي بل ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء .
لنقرأ المقال التالي بقلم عبد العزيز السويد عن اسعار اللحوم وتأثيرها على الطبقة المتوسطة في السعودية في صحيفة الحياة ، الأحد 30 سبتمبر 2012:" امامنا اعتراف رسمي من عضو في مجلس الوزراء، أن اصحاب الدخول المتوسطة من السعوديين لم يعد بإمكانهم شراء اللحوم الحمراء،. أيضاً لحوم الدجاج تلهث ركضا للحاق بأسعار شقيقتها الحمراء ويتوقع ركوبها القطار السريع نفسه بعيدا عن متناول اصحاب الدخول المتوسطة مع ذلك حظيت بتبرير من وزير الزراعة ، ارتفاع تكلفة الاعلاف سبب ارتفاع اسعار لحوم الدجاج، هنا لا حاجة للخوض في التفاصيل، في الأخيرة تكثر الشياطين، فهل نسبة الارتفاع مبررة قياسا لنسبة ارتفاع الأعلاف؟.
اعتقد ان الصحافي الذي يفرح من معاناة الشعوب الاخرى وتفاقم مشاكلهم ، لا يعبر عن ضمير الانسانية ، لان المشاكل الاقتصادية لا تحل في بلد واحد بل ان كل البلدان معرضة لازمات اقتصادية ومالية ، الا ترون الازمات المالية والاقتصادية تجتاح العالم الغربي الرأسمالي والتظاهرات تجتاح الغرب احتجاجا على البطالة والازمات الاقتصادية مثلما تغرق دول العالم الثالث والقارة الافريقية في ازمات الفقر والجوع والبطالة .
فالصحفي ان لم يكن قادرا على حل مشاكل الناس ، عليه ان يلوذ بالصمت ، لا ان يفرح لاتراح الاخرين ، ويسخر من عذاباتهم ومعاناتهم.
شاكر كسرائي