صحيح ان زعماء هذا التحالف يتابعون لحظة بلحظة مسيرة المكاسب والابداعات الاسلامية الايرانية وبخاصة في جوانب التسلح الدفاعي ارضا وجوا وبحرا، وقد يكونون قد رسموا لانفسهم تصورا عن ما هو في حيازة طهران من اوراق رابحة في مضمار لجم عربدة قادة اسرائيل المجانين وعلى رأسهم مجرم الحرب "بنيامين نتنياهو"، الا ان ارتهان هؤلاء "الزعماء" للعقلية الاستكبارية ضرب حجبا من غشاوة العمى والتعنت والعنصرية على ابصارهم، فلم يعودوا يعتقدون بوجود اية قوى او اقطاب، يمكن ان تضاهيهم وتنافسهم وتردعهم في هذا العالم الفسيح.
فالثابت انَ هذه "العقلية الاستكبارية" هي التي سولت للنفوس المريضة لصانعي القرار في الولايات المتحدة والدول الاوروبية والكيان الصهيوني الغاصب التمادي في تأجيج "نعرة العدوان والتطاول والاساءة" التي اتخذت اشكالا متعددة، عسكرية (كالتدخل الصارخ في شؤون سورية ولبنان والعراق والبحرين وافغانستان و باکستان)، وسياسية (كالضغوط القائمة ضد ايران جراء تمسكها بحقوقها المشروعة في امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية) وعقائدية (على مستوى الممارسات والافلام والصور ورسوم الكاريكاتير المسيئة للنبي الاكرم محمد (ص) وحرق القرآن الكريم وتشويه المقدسات الاسلامية والسماوية دون استثناء).
ومما لا شك فيه ان الكيان الصهيوني الذي يحاول منذ 12 عاما، التخلص او في الاقل التخفف من عقدة الهزائم المذلة التي مني بها على ايدي ابطال المقاومة الاسلامية والوطنية اللبنانية والفلسطينية في الاعوام 2000 و2006 و2008، هو المرشح الاتعس حظا، للاندحار والسقوط بل و(الزوال)، حال وقوع اية مناجزة حقيقية في الشرق الاوسط ولاسيما في منطقة الخليج الفارسي و مضيق هرمز.
فالتقارير الاخبارية والمعلوماتية، تؤكد بشكل لالبس فيه، على تدهور الاوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فضلا عن انهيار المعنويات العسكرية في الكيان الصهيوني، وهو ما يبرز الى السطح الدوافع التي جعلت زعماء "الدولة العبرية" يلجأون الى لغة التهديد والوعيد والتحريض ضد الجمهورية الاسلامية ــ تحديدا ــ تحت ذريعة تعاظم ما يسمى بـ "خطر القنبلة النووية الايرانية"، مع ان اكثر الاطراف ارتباطا بهذا الملف، وهما مجموعة دول 5+1 والوکالة الدولية للطاقة الذرية لا تملكان اية ادلة او شواهد مادية او عينية، يمكن ان تثبت هذا الزعم.
وازاء ذلك اعتبر معظم الخبراء والمحللين والمراقبين المنطقيين، التمثيلية التي قام بها رئيس حكومة العدو نتنياهو، وراء منصة الجمعية العامة للامم المتحدة اواخر ايلول الماضي (2012)، ابتغاء تأليب المجتمع الدولي على ايران، دليلا واضحا على عجز الكيان الغاصب لفلسطين والقدس الشريف، ومؤشرا قويا، عزز الاعتقاد السائد حول تضاؤل "النفوذ الصهيوني المصطنع" في الشرق الاوسط.
لقد اكدت طهران مرارا وتكرارا، حرصها البالغ على استقرار الامن والسلام في المنطقة والعالم ودعمت موقفها هذا بالكثير من السياسات والافعال المتوازنة بغية ابعاد شبح الحروب والمغامرات الطائشة للاعداء الخارجيين والاقليميين، عن العالم الاسلامي. كما انَّ ايران تبذل قصارى جهدها لقيام حوار وطني بين الشعوب والحكومات في البلدان العربية التي امتدت اليها الايدي الغربية الصهيونية الاثيمة من اجل ضرب ا لمنطقة ودولها وابنائها من الداخل، تحت ذريعة نشر الديمقراطية والحريات والتعددية.
كما ان الجمهورية الاسلامية حذرت على الدوام تلك الاطراف الخليجية المعروفة وتركيا من مغبة التورط اكثر فاكثر في تنفيذ المؤامرة الصهيو غربية، باعتبارها مؤامرة شيطانية خبيثة تستهدف تدمير الامة برمتها بسلاح التفرقة والطائفية والعنصرية.
اما بالنسبة للتهديدات الصهيونية التي تزايدت في الاونة الاخيرة، فان طهران تفسرها بانها ناجمة عن عقدة الضعيف العاجز والمهزوم المكتوي، الذي لا يجرؤ على المناجزة او المنازلة وجها لوجه، وهو ما يضطره الى اعتماد لغة قرع طبول الحرب، واستخدام اسلوب التهريج والضجيج الفارغين للظهور بمظهر القوي ذي البطش امام العالم.
لکن في مقابل کل هذه الزوبعة المرعوبة، فان الجمهورية الاسلامية لا تتردد عن الاعلان و بملء الفم ان وقوع أي عدوان صهيوني على منشآتها او اراضيها او مصالحها الوطنية والاقليمية، لا يعني سوى ازالة "اسرائيل" من خارطة المنطقة البتة.
حميد حلمي زادة