وباعتقادنا ان التصريحات التصعيدية التي تطلقها "اسرائيل الغاصبة" في الاونة الاخيرة، ضد الجمهورية الاسلامية ظنا منها بانها يمكن ان تخيف طهران او تثنيها عن ثوابتها الاسلامية والوطنية والانسانية، تدل بوضوح على حجم القلق والهواجس الذي يسيطر على الصهاينة والاميركيين والغربيين ــ عموما ــ جراء تعاظم الدور الرسالي الايراني في المنطقة والعالم، لاسيما بعد انتشار تيار الصحوة الاسلامية المباركة في الشرق الاوسط، واكتساحه انظمة الخنوع والتبعية للاملاءات الاستكبارية في مصر وتونس وليبيا.
فقد صرح الجنرال محمد علي جعفري القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: (ان الكيان الصهيوني سوف ينتهي اذا ما اعتدى على الجمهورية الاسلامية او فكر في شن الحرب عليها) بيد ان الجنرال جعفري لم يتردد في القول (لا يمكن انكار وقوع الحرب مستقبلا، لكن يتعين على الجميع ان يعلموا بان الظروف التي سادت ايران ابان فترة الثماني سنوات من الدفاع المقدس لن تتكرر، لان قواتنا المسلحة تمتلك حاليا معدات دفاعية حديثة، وتتمتع بجهوزية وقدرات عالية، ستردع أي طرف من نزعة التعرض للجمهورية الاسلامية.
وفي ضوء التصريحات الحاسمة لسماحة قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي وكبار المسؤولين في البلاد في هذا المضمار يمكن الوقوف على عدة حقائق اهمها:
ــ ان ايران وبعد نحو 33 عاما من انتصار الثورة فيها بعامة، واجتيازها بنجاح اختبار حقبة الحرب الظالمة عليها (1980 ـــ 1988) بخاصة، قد تحولت الى قوة اسلامية اقليمية عظمى، تستمد قدراتها من عقيدتها الثورية من جانب، ومن امكاناتها الذاتية ومنجزاتها التقنية والعلمية الوطنية المتزايدة من جانب آخر
ـــ ان الجمهورية الاسلامية تعتبر اليوم صمام امان الامن والسلام الاقليميين والدوليين وازاء ذلك فان استفزازها سوف يضع الاستقرار العالمي برمته فوق "فوهة بركان " اكيدا
ــ ان محاولات التحريض على طهران واعتماد نسخة "ايران فوبيا" تارة و"الهلال الشيعي" حينا، وما يجري حاليا من مؤامرة (غربية ــ اسرائيلية ــ سعودية) للقضاء على مواقع (محور المقاومة والممانعة) تدريجيا في المنطقة بدء من سورية، كل ذلك لن يحقق اغراضه الدنيئة، لا على مستوى الجمهورية الاسلامية، ولا في ما يتصل بحلفائها، ولا على صعيد تغيير المعادلة الجيوسياسية والجيواستراتيجية في الشرق الاوسط
فمن المعروف ان هذه المحاولات ليست وليدة اليوم، بل هي تجسد كنه العداء الاميركي ــ الصهيوني المستديم لهذا المحور الذي وجه ضربات قاصمة الى المنظومة الاستكبارية الغربية والخليجية، لاسيما عبر انتصار (تموز 2006) في لبنان، وصمود (2008) في فلسطين، وخروج التحالف الاميركي الاطلسي , خالي الوفاض من احتلاله كلا من افغانستان (2001) والعراق (2003)
ــ ان العدو الصهيوني مافتىء يبحث عن مخرج لازماته السياسية والعسكرية والاقتصادية العنيفة عقب هزيمته المذلة على ايدي ابطال حزب الله المقاوم والمجاهدين الفلسطينيين، وكانت لجنة فينوغراد (2006) توَّجت توصياتها لقادة تل ابيب، بضرورة تحقيق نصر استثنائي لتفادي الانهيار العسكري والاجتماعي الذي حلّ بساحة "اسرائيل" حتى يومنا هذا
لكن المراقبين الاستراتيجيين يعتبرون أن أي جنوح اسرائيلي لشن حرب على الجمهورية الاسلامية، سوف يكون بمثابة "انتحار" وهو ما اكده مرارا و تکرارا كبارالمسؤولين السياسيين والعسكريين الايرانيين فضلا عن الخبراء الاجانب . وقد جاء اخيرا على لسان قائد حرس الثورة اللواء جعفري، واصفا "اسرائيل" بأنها (غدة سرطانية متغلغلة بين الدول الاسلامية)، معيدا الى الاذهان مقولة سيدنا الراحل الامام الخميني (قدس سره شريف)، بـ (وجوب ازالتها من الوجود)
وبما اننا نضع ايدينا على اصل الداء في العالم الاسلامي، أي (اسرائيل)، فان من السهولة بمكان معرفة اسباب تصعيد الفتنة الطائفية والعنصرية في المنطقة، سيما مع ثبوت معلوماتنا عن اشكال "التواطؤ السعودي ــ القطري ــ الاردني" مع تحرکات الكيان الصهيوني والتحالف الاميركي ـــ الاوروبي، واصطفاف هذه الاطراف الحاقدة في جبهة معاداة مصالح الامة وابنائها المؤمنين ، وهم يواجهون في كل مرة شكلا من اشكال التطاول على المقدسات الاسلامية و القيم الحضارية، وآخرها الفيلم المسئ لنبي الرحمة محمد (ص).
*حميد حلمي زادة