قانون البنى التحتية او ما يسمي الدفع بالأجل موضوع خلاف القوى السياسية العراقية حيث يتبناه التحالف الوطني الا قليلا مع بعض النواب من الكتل الاخرى ويعترض عليه اخرون على خلفيات عديدة.
وفيما تبدو حجج الداعمين للقانون قوية ومنطقية لانه يوفر للبلد فرصة اعمار غير مدفوعة الثمن الا بعد التنفيذ ما يتيح التحقق والتاكد من سلامة الانجاز ثم دفع المستحقات وهوما يمنع نسبة كبيرة من الفساد وما يعطي ايضا فرصة لانجاز مشاريع ضخمة اموالها موجودة بالقوة وليس بالفعل بحيث يتيح الدفع الاجل تنفيذها لان الميزانية السنوية لا تستطيع تامينها في دورة واحدة لذلك تبدو حجج المعارضين صغيرة وجزئية امام مشروع عمل كبير يؤمن للعراقيين احتياجات اساسية بطريقة حسنة.
المعارضون اصناف واقسام فمنهم من لا يريد للمالكي ان ينجز شيئا يفيده في مشروعه السياسي والوطني ومنهم من يرى في اي انجاز من هذا النوع القضاء على نغمته النشاز في الفشل الحكومي والتدخل الطائفي بما يجعله يفضل المصلحة الاقليمية على بناء العراق. وهنالك اخرون يريدون مقابل القانون امتيازات خاصة لهم ولاحزابهم ومليشياتهم وارهابييهم فقد كشف النائب عن ائتلاف دولة القانون، السيد علي كردي، ان قانون "الدفع بالأجل" يواجه اعتراضات شددة من قبل بعض اعضاء مجلس النواب، مؤكدا وجود لوبي يعمل على تمرير قانون العفو العام الذي يواجه الاعتراضات من قبل اعضاء مجلس النواب، فضلا عن اعتراضات شعبية لان هناك خوف من ان يكون بوابة للافراج عن الارهابيين.
بينما يعارض البعض على خلفية ملاحظات فنية هنا وهناك للحصول على مكاسب خاصة من خلال ابتزاز المالكي والضغط عليه لحاجته للاصوات لتمرير القانون الذي يعتبر فرصته الذهبية لامكانية انجاز تقدم كبير في البنية التحتية والخدمات العامة ما يؤهله ليتحول الى زعيم وطني على صعيد الاعمار فضلا عن الاصعدة الاخرى التي حقق تقدما فيها.
المصلحة الوطنية تقتضي وضع النواب الوطنيون يدهم بيد المالكي لتمرير هذا القانون الذي يعارضه بعض رؤس الكتل وتشعباتها لاسباب شخصية وكتلوية وفئوية اكثر منها وطنية.
وكما افشل هؤلاء الوطنيون مشاريع الدول الاقليمية والتفتيت الطائفي والتناحر الداخلي وتفضيل الحزب على الوطن فهم مدعوون اليوم اكثر من اي وقت مضى لتجاوز مصلحة الجزء الى مصلحة العراق وسوف لن يرحم التاريخ ولا العراقيون الذين سيخذلونهم في مشروع التصويت لان الناس تريد السكن والكهرباء والخدمات حتى لو جاء بها خصمهم السياسي ولذلك سيجد المعارضون بعد حين انفسهم بعيدا عن جمهورهم الذي اوصلهم للبرلمان ليخدموه ويقدموا مصالحه وهذا هو معنى النيابة الحقيقية والشرعية بل ان النائب من الناحية الشرعية يفسخ عقد نيابته بنفسه اذا صوت ضد اية مصلحة لموكليه.
الامل بالوطنيين من النواب اكثر من الخوف من الحزبيين والكتلويين والطائفيين والابتزازيين رغم كثرتهم لان الضمير الوطني الذي عبر الحزب والقومية في مسألة الاستجواب وسحب الثقة لازال قائما وهو املنا الذي نراهن عليه.
ان منع قانون مهم في البرلمان من التشريع لمطالب فئوية سيسمح بتلويث العمل البرلماني واعادته الى دائرة المساومات الرخيصة التي خرج منها بصعوبة في قضية سحب الثقة حين انضم نواب من العراقية والتحالف الكردستاني الى صف المالكي فافشلوا مشروع خصومه.
ان بقاء البرلمان حرا نظيفا من المساومات الرخيصة يعزز من دوره ويحمي نوابه من غضبة الناس التي ستطيح بمن لايهتم بهم خارج الحلبة وما اكثر الخارجين الذين تسيدوا لعقود على شعوبهم ثم لم يعد يذكرهم احد حين اخرجهم الشعب من الحلبة وفي هذا عبرة كافية للمتصارعين.
كامل الكناني