أفريقيا غنية بالموارد الطبيعية من نفط وغاز ومعادن كثيرة وعديدة و نفيسة مثل الذهب والماس, وكذلك تتضمن أفريقيا وبشكل وافر الكعكه الصفراء ( اليورانيوم ), كما تتمتع أفريقيا بالموارد الزراعية والأماكن السياحية الطبيعية الخلاّبة وتضم ثلث دول العالم الحالي ، وكانت الإدارات الأمريكية السابقة تهمل الأهتمام بالقارة الأفريقية, ولكن بعد عام 1999 م بدأ الأهتمام الأمريكي بالقارة الأفريقية وانطلقت عجلة الحراك السياسي للخارجية الأمريكية، عبر جولات وجولات امتدت من جولة مادلين أولبرايت الى جولة كولن باول فجولة كوندا ليزا رايس الى جولات رئاسية قام بها كل من بيل كلنتون عام 1998 م وجورج بوش الأبن في عامي 2003 م و 2008 م , وبموازاة الحراك الدبلوماسي للخارجية الأمريكية ثم الرئاسي كان هناك المسار الأمني المخابراتي- الأستخباري والذي ما زال يعمل في كل القارة الأفريقية متابعاً للنشاط الصيني والفرنسي والإيراني ونشاط حزب الله بشكل خاص والأوروبي بشكل عام .
فكما هو معروف للمتابعين والخبراء في السياسة الدولية / ومن الزاوية التاريخية التقليدية / أنّ القارة الأفريقية هي مسرحاً للنفوذ الأوروبي الغربي وخاصةً فرنسا وبريطانيا بشكل كبير ونوعي، كذلك نفوذ لأسبانيا والبرتغال وبلجيكا بشكل أقل من الأول، وبعد حركات الأستقلال الأفريقية لدولها في حينها عن من كان يستعمرها, بقي النفوذ الفرنسي تحت عنوان وغطاء عريض اسمه " غطاء الفرانكفونية " وتراجع نفوذ الانجليز، بسبب ضعف نوعي وكمي للندن في تعزيز عنوان وغطاء الكمنولث " الأنجلونية "، وبسبب هذا الضعف وتراجع النفوذ الإنجليزي, تولد فراغاً استراتيجياً في كينيا ونيجيريا, كذلك فراغ آخر في أنجولا وموزامبيق بسبب تراجع النفوذ البرتغالي والأسباني, وفي الكونغو وزائير بسبب تراجع النفوذ البلجيكي.
وعليه : فقد ترتب على ذلك أن سعت واشنطون الى التقدم وبخطى حثيثة لملىء هذا الفراغ عن طريق بناء اتفاقات الشراكة، وتوطيد الروابط الثنائية مع معظم دول القارة الأفريقية .
أفريقيا القارة تشهد الآن حرباً ذات نسخة جيو- سياسية – استخبارية بين واشنطن وحلفائها من جهة, والصين وفرنسا وإيران وحزب الله من جهة أخرى، في صراع النفوذ على القارة السوداء " لحلبها"، وما يتم رصده استخبارياً الآن أنّ فرنسا- وعبر الحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم الآن، ما زالت أكثر سعياً لجهة تأمين مناطق نفوذها التقليدية في أفريقيا, بالمقابل واشنطن تحاول السعي وبجدية متناهية لحرمان الصين وإيران، من بناء تحالفات استراتيجية في القارة الأفريقية وتحديداً مع دول خليج غينيا النفطية ( نيجيريا, زائير, انجولا, غينيا الاستوائية, والكونغو ).
وتشي المعلومات الأقتصادية باطارها الأستخباري الأحصائي التحليلي, أنّ صادرات نفط بلدان خليج غينيا الى الولايات المتحدة الأمريكية تفوق صادرات الخليج "الفارسي" النفطية اليها .
انّه من الصعب بمكان أن نحكم على نجاح باهر لجولة هذا الفريق الحالية للقارة السوداء, لكنها تأتي تحت عنوان مهم ضمن جهود ترتيب المسرح الأفريقي، بما يتيح لأمريكا العمل على ترويض دول خليج غينيا النفطية، ودفعها للدخول في التحالفات العسكرية – الأمنية الأمريكية.
وفي السابق حاولت ادارتي الرئيس بوش الأبن الى احتواء تللك الدول الآنف ذكرها عبر ترويضها، لجهة استقبال القيادة الأفريقية – الأمريكية, فانّ إدارة الرئيس أوباما تستخدم الوسائل الاقتصادية في ترويض هذه الدول، لكي تتقبل أفريقيا تمركز القيادة الأفريقية الأمريكية وشبكات القواعد البرية والجوية والبحرية التابعة لها, بالإضافة إلى محطات الاستخبارات الأمريكية وذيولها وذيول محطّات استخبارية تابعة لحلفائها.
*بقلم: المحامي محمد احمد الروسان ،عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية