في الوقت الذي تمتدح فيه كل خطوة في الشمال يمكن ان تقرب مواقف دوله حتى في قضايا تنتهك المبادىء الاسياسية لسيادة الدول الاخرى وحقوق الانسان كالغزو وانتهاك المقدسات وخطف المواطنين واغتيال الابرياء وفرض الحظر الاقتصادي والتجاري والعسكري والسياسي على كل من يتجرأ على الاعتراض ، وفرض القوانين الخاصة بهذه الدول وكانها قوانين دولية لاتملك الدول الاخرى من خيار الا الرضوخ لها ، في المقابل نرى كل التشكيك والاستهزاء والطعن والاستخفاف العنوان الابرز لكل اجراء يمكن ان تقدم عليه دول الجنوب في اطار التقريب بين مواقفها للدفاع عن حقوقها الدنيا.
حركة عدم الانحياز .. أكبر تحد في وجه نظام الهيمنة
تعتبر حركة عدم الانحياز اكبر تجمع دولي بعد منظمة الامم المتحدة ، فالدول الاعضاء في الحركة هي اكثر من ثلثي اعضاء المنطمة الدولية .
تضم حركة عدم الانحياز في عضويتها 120 دولة ،53 دولة أفريقية، و 39 دولة آسيوية و 27 دولة من أمريكا اللاتينية والكاريبي و دولة واحدة من أوروبا ، إضافة إلي 17 دولة و10 منظمات حكومية يتمتعون بصفة المراقب.
هذا التجمع الدولي يمتلك 86 بالمائة من موارد النفط و52 بالمائة من موارد الماء للعالم ، ويحتضن اكثر من نصف سكان المعمورة.
الكثير من المراقبين الدوليين يرون في حركة عدم الانحياز بانها التحدي الاكبر لهيمنة الشمال بقيادة امريكا والناتو بعد انهيار النظام الثنائي القطب في اعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي ، في حال تمكنت الدول الاعضاء ، او على الاقل الدول المؤثرة في الحركة ، من التوصل الى اليات يمكن ان تلم شمل الحركة وتخرجها من حالة السلبية والانكفاء الى وضع المبادرة والاقدام ، لوضع لمساتها على نظام دولي يقوم على التعددية ، تتخذ فيه الامم المتحدة في اطاره دورها الريادي والمحوري بعيدا عن تاثيرات قوى الهيمنة التي جعلت من الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي الى عصا غليظة ترفعها في وجه الشعوب التي تنشد الاستقلال والحرية ، ويفسح المجال امام تعاون دولي في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية والعمل على نزع السلاح النووي في العالم بعيدا عن الانتقائية والاستفراد بالقرار الدولي.
قمة طهران .. فرصة استثنائية أمام حركة عدم الانحياز
قاومت حركة عدم الانحياز ومازالت تقاوم كل محاولات تفتيتها ونسفها ، ونجحت في الحفاظ على كيانها ورفضت اظهارها بمظهر الكيان الفضفاض المتهرىء الذي لا فائدة منه. واستطاعت ان تضع لمساتها على الكثير من القرارات والاجتماعات والحافل الدولية لتي كادت تمرر وتدمر تحت وطأة القطب الاوحد الذي يعمل على الاستفراد بالقرار الدولي. ويمكن الاشارة الى بعض مواقف الحركة المشرفة ومنها موقفها ازاء حق الجمهورية الاسلامية الايرانية في امتلاك الطاقة النووية للاغراض السلمية ، ومواقفها من الترسانة النووية لاسرائيل ، وكذلك موقفها القوي في مؤتمر كوبنهاكن الاخير حول المناخ والبيئة.
يرى الكثير من المراقبين ان استضافة الجمهورية الاسلامية الايرانية للقمة ال16 لحركة عدم الانحياز ، الدولة التي ما انفكت تدعو الى منح الحركة حق النقض "الفيتو" في مجلس الامن ، تشكل فرصة تاريخية استثنائية لاخراج الطاقات الكامنة في حركة عدم الانحياز الى حيز الوجود ، وبلورتها بصورة قرار دولي فاعل ومؤثر ومدفوع بارادة اكثر من 12 دولة ، يمكن ان يغير المعادلة الدولية لصالح دول الجنوب ، ويكثف من اللون الاحمر لمصالح هذه الدول يحول دون تجاوزها بالسهولة التي تتم الان.
ان ايران ولما تمتلكه من تاثير اقليمي ودولي ، ومن موقع جغرافي ممتاز ، ومن قرار سيادي لا يشوبه شائبة ، ومن طاقات اقتصادية هائلة ، ومن تاريخ نضالي مشرف في مقارعة النظام الدولي الظالم في منذ كان ثنائي القطب وحتى اليوم، ومن تجربة عملية ناجحة في الحفاظ على القرار السيادي والدفاع عن المصالح الوطنية ومصالح المستضعفين في العالم ، وقبل كل هذا وذاك وجود ارادة سياسية لاتتزعزع لاحداث التغيير في النظام الدولي الحالي، نابعة من التراث الايراني الاسلامي ومن ارادة شعبية رافضة لكل اشكال الهيمنة الغربية مهما كانت وباي شكل كانت وو... ايران هذه يمكن ان تشكل قوة محررة للطاقات الكامنة في حركة عدم الانحياز وتحويل هذه الحركة الى منظمة دولية فاعلة يمكن ان تعطي بعض التوازن للمعادلة الدولية المختلة لصالح مصلحة الغرب وامريكا والناتو وقوى الهيمنة في العالم.
ماجد حاتمي