جامعة الدول العربية : هل هي جامعة عربية أم جامعة عبرية؟

جامعة الدول العربية : هل هي جامعة عربية أم جامعة عبرية؟
الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٢ - ٠٢:٠٧ بتوقيت غرينتش

ما إن رفض النظام السوري مبادرة الجامعة العربية الأخيرة التي تقدمت فيها بالحل اليمني حتى سارعت الدول الغربية الاستعمارية بمشروع قرار الى مجلس الأمن يجيز استعمال القوة العسكرية والتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي السوري بما يعني تطبيق الفصل السابع . وانعقد مجلس الأمن في 4 فبراير 2012 وباءت الجلسة بالفشل الذريع لما استخدمت روسيا والصين في أقل من ستة أشهر وللمرة الثانية على التوالي الفيتو المزدوج.

وأحبطت محاولة الناتو والجامعة العربية لتشريع التدخل العسكري وتغييرالنظام بالقوة مرة أخرى تحت فزاعة اسقاط الدكتاتورية ومقاومة الاستبداد والدفاع عن الشعب السوري . ومنذ تلك اللحظة التاريخية سوف تعمل الرجعية العربية العميلة والمتصهينة وعلى رأسها مشيخة قطر والمملكة العربية السعودية اللتان تترأسان مجموعة الدول العربية في الجامعة على تأجيج الصراع المذهبي  وإشعال  الفتن الطائفية  بتمويل  وتسليح العصابات الارهابية والجماعات الوهابية التكفيرية والسماح للخلايا النائمة لتنظيم القاعدة صنيعة «السي آي آي» والموساد الصهيوني للدخول الى سوريا والقيام  بالمجازر والمذابح الوحشية المروعة لقتل الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين الأبرياء بدم بارد أمام مرأى ومسمع بل وبغطاء ممن يسمون أنفسهم دعاة حقوق الانسان والديمقراطية فيما يزعمون أنهم قادة العالم الحر.
فكان ذلك ايذانا من مجموعة الدول العربية وعلى رأسها مشيخة قطر والمملكة العربية السعودية بتحويل الجامعة العربية الى أداة للناتو للتآمرعلى سوريا كما تآمروا على ليبيا وما مؤامرتهم على العراق في القاهرة علينا ببعيدة .
فكانت الجامعة العربية ومن ورائها الناتو هي اللاعب الأساسي لحشد ما يسمى بالمعارضة السورية المتمثلة في  جماعة اسطنبول وباريس التي صنعتها مخابرات واشنطن وباريس . وبدأت تشرف وتعد لما يسمى مؤتمرات «أصدقاء سوريا » بدءا بمؤتمر تونس في 24 فيفري 2012 الذي استدعته حكومة النهضة لتثبت ولاءها لواشنطن. وهكذا أعطيت الأوامر للعصابات الارهابية المسلحة ولتنظيم القاعدة  بمزيد العمل على ايجاد ما يسمى بمناطق «محررة» كما حصل في بني غازي بطرابلس الغرب فكانت القامشلي  والحسكة ودير الزور والرقة وادلب مسرحا لعملياتهم الارهابية وترويع السكان المدنيين لقربها من الحدود التركية حيث كانت تركيا اليد الطولى للناتو لتنفيذ خطته العسكرية ضد سوريا ومحاولة تطبيق النموذج الليبي .
والذي حصل في بابا عمرو في حمص من طرف هذه العصابات الارهابية المجرمة بمحاولة عزل باباعمرو عن الدولة السورية وطرد متساكنيها وترهيبهم انما يندرج ضمن الخطة التي رسمتها لهم الدوائر الاستعمارية والصهيونية حتى يتمكنوا بما يسمونه من« مناطق آمنة » ينفذون  من خلالها  مشروعهم التآمري على الشعب والدولة والوطن بهندسة تركية وبتمويل قطري سعودي وبتعليمات أمريكية.
وبإرادة وطنية صادقة وعزم وتصميم  كان يوم التاسع من آذار – مارس 2012 يوم الحسم مع العصابات الارهابية المسلحة في بابا عمرو . وبصفة مفاجئة وغير مسبوقة قام الجيش العربي السوري باستعادة السيطرة على منطقة بابا عمرو وتم تحريرها من هذه العصابات المجرمة المدعومة من جماعة القاعدة والجماعات التكفيرية .
وواصلت الجامعة العربية مؤامرتها في دعم المعارضة السورية العميلة والخائنة المستقوية بالأعداء التاريخيين للأمة والوطن والشعب وعلى رأسهم أمريكا وفرنسا وبريطانيا من كانوا ولا يزالون سببا في احتلال واستعمار وتقسيم الوطن العربي الذين زرعوا في قلب الأمة العربية الكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني على أرض فلسطين المحتلة للحيلولة دون وحدة العرب وتقدمهم. فكان مؤتمر اسطنبول في 1أفريل2012 ومحاولة لملمة المعارضة ومواصلة مساعدتها  بضخ المال والسلاح .
وفي21 أفريل 2012 وافق مجلس الأمن على القرار رقم  2043 الذي يندرج في اطار خطة عنان التي تتمثل في :
الالتزام بالتعاون مع المبعوث في عملية سياسية تشمل كل الاطياف السورية. (1)
الالتزام بوقف القتال والتوصل بشكل عاجل الى وقف فعال للعنف المسلح بكل أشكاله من كل الاطراف.  (2)
. ضمان تقديم المساعدات الانسانية في الوقت الملائم لكل المناطق المتضررة من القتال(3)
تكثيف وتيرة وحجم الافراج عن الاشخاص المحتجزين تعسفيا الذين شاركوا في أنشطة سياسية سلمية.   (4)
ضمان حرية حركة الصحفيين في أنحاء البلاد دون التمييز بينهم في ما يتعلق بمنح تأشيرات الدخول..(5)
احترام حرية التجمع وحق التظاهر سلميا كما يكفل القانون. (6)
وبعد المقابلة التي وصفت بالناجحة والتي ضمت الرئيس السوري بشارالأسد بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي عنان وافقت القيادة على خطة عنان بدأ فريق العمل الذي تشكل من 300 مراقب أممي غير مسلح في العمل على الأرض .
ولكن تجري الرياح بما لا يروق لأصحاب المتآمرين من الحلف الأطلسي والجامعة العربية الذين وافقوا في العلن وخانوا في السر . وقبل أن يبدأ عنان في تنفيذ خطته كان تشكيكهم الذي رافقته حملة اعلامية قادتها الجزيرة القطرية  وقناة العربية العبرية (السعودية).
وهكذا أصبحت الجامعة العربية والناتو يعلنون من واشنطن وباريس والدوحة  والرياض وأنقرة مساعدتهم المكشوفة  بالمال والسلاح للمعارضة المسلحة المتكونة من العصابات الارهابية والمرتزقة والقاعدة وذلك لمزيد اشعال نار الفتنة والتنكيل بالشعب السوري الذي وقف في معظمه مع قيادته الوطنية التي استجابت لمطالبه المشروعة في الاصلاح السياسي والتحول الديمقراطي.
وفي نفس السياق وتزامنا مع  هذه الحملة المسعورة وإمعانا منها في التآمرعلى الشعب السوري ودولته وجيشه وقيادته الوطنية وتنفيذا لرغبة الناتو قررت الجامعة العربية في 10 يونيو – جوان 2012 ايقاف البث للقنوات السورية على «نايل سات» في خطوة غير مسبوقة  كشفت في نفس الوقت عن حجم المؤامرة الكونية ضد سوريا وضلوع  الجامعة العربية فيها وبينت زيف الديمقراطية وحرية الاعلام التي يتشدق بها الغرب وعملاؤه من الرجعية العربية والتركية .
ولعل دماء الاعلاميين الشهداء من قناة الاخبارية السورية التي لم  تجف بعد تدل على جرائمهم .تلك الجريمة البشعة المتزامنة مع المجازر الوحشية التي عبثت بأمن المدن والقرى مخلفة عديد الشهداء من المدنيين والجيش والأمن كما حصل في مجزرة الحولة  وقبلها في بابا عمرو  وادلب ودرعا جاءت لتبين كفاح الاعلاميين والصحافيين مع الجيش والشعب . ووصل الأمر بهذه العصابات المجرمة الى استخدام المواطنين كدروع بشرية لتنفيذ مخططهم  في التخريب والتدمير والسلب والنهب .
مما اضطر الدولة السورية  المسؤولة الوحيدة على أمن الوطن والمواطن الى التدخل العاجل عبر الجيش الوطني والجهات الأمنية المختصة لتخليص المدنيين المستغيثين من قبضة الارهابيين وإعادة الأمن والاستقرار في تلك الربوع .
مما جعل  فريق المراقبين الذي يترأسه الجنرال روبرت مودي يوقف العمل مؤقتا لعدم تمكن الفريق من  القيام بمهامه. وفي هذه الظروف المتسمة بالعنف والإرهاب للعصابات المسلحة والقاعدة ومرتزقة الناتو كانت مبادرة كوفي عنان بموافقة كل من روسيا والصين في مؤتمر جينيف 3 جويلية 2012 الذي طرح خطة عمل أكدت على ضرورة حل الأزمة حلا سياسيا بعيدا عن أي تدخل خارجي تاركا الحرية المطلقة للشعب السوري في اختيار من يحكمه . وبعد فشل أمريكا وأداتها الجامعة العربية وعملائها من العرب والأتراك في جينيف وفي مؤتمرما يسمى «أصدقاء سوريا »بباريس في 6 جويلية 2012 ساندت الجامعة العربية بكل صفاقة موقف هيلاري كلينتون للتدخل في الشأن السياسي لسوريا ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي الذي يحترم سيادة الشعوب وإرادتها في تقرير مصيرها بنفسها وذلك في محاولة يائسة من الناتو  والجامعة العربية للانقلاب على ما وقع التوافق عليه في خطة العمل في جينيف . والتزاما منها  بخطة الناتو والمشروع الصهيو أمريكي هاهي  في خطوة أخيرة وليست آخرا تقدم مشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة  للتآمر على سوريا. فأي جامعة عربية هذه التي كانت تاريخيا تقف ولا تزال الى جانب أعداء الأمة من استعماريين وامبرياليين وصهاينة؟ ألم تكن مواقفها باستمرار تملى  من طرف أمريكا ؟  فمتى تناقضت جوهريا  في مواقفها مع الدول الاستعمارية ؟ أليست حقيقة جامعة عبرية ؟
*النفطي حولة -  الشروق التونسية