وكشفت الصحيفة أمس في شريط فيديو نشرته على موقعها الإلكتروني قيام إرهابيين أتراك يتحدثون اللغة التركية بارتكاب اعتداء على مخفر قرية الشعبانية السورية بعد أن تسللوا عبر الحدود التركية إلى القرية.
وقالت الصحيفة: إن مقاطع الفيديو تظهر أن المعتدين من عناصر الاستخبارات التركية ودخلوا إلى قرية الشعبانية السورية من قرية قزيل تشات التابعة لمدينة يايلاداغ التركية وأن المجموعات السلفية المقيمة فيما يسمى مخيمات اللاجئين بمدينة يايلاداغ أبلغت أهالي المدينة أن عناصر من القوات الخاصة والاستخبارات التركية شاركت في هذا الاعتداء على المخفر كاشفة عن أن هذه المجموعات هي التي تعرض مقاطع الفيديو على سكان المنطقة المحليين.
وأوضحت الصحيفة أن الشاحنة التي أقلت الإرهابيين إلى القرية السورية تحمل عبارة (بارك الله) كتبت باللغة التركية مشيرة إلى أن أهالي مدينة يايلاداغ أفادوا بأن المعتدين انتقلوا إلى قرية الشعبانية من مخيمات يايلاداغ وقاربياز لارتكاب هذه الجريمة الوحشية بحق الجنود السوريين وأن قائم مقائمية مدينة يايلاداغ هي التي دفعت تكاليف الشاحنة التي نقلت المعتدين.
ونقلت الصحيفة عن سكان المنطقة تأكيدهم أن العديد من المجموعات الإرهابية المسلحة التي تقيم في المخيمات تسللت عبر الحدود التركية لترتكب اعتداءات ومجازر مشابهة في سورية حيث لم يتدخل الجنود الأتراك وعناصر الأمن التركي لمنع تسللهم إلى سورية.
ولفتت الصحيفة إلى أن المعتدين كانوا يروون للجنود وعناصر الشرطة الأتراك الاعتداءات التي نفذوها بعدما يعودون من سورية.
وأشارت المصادر المحلية إلى أن مدينة يايلاداغ تحولت إلى ملجأ لآلاف الإرهابيين حيث لا تقوم الدولة التركية بحماية المواطنين الأتراك منهم ولا يوجد عناصر من قوات الأمن التركية في المدينة سوى الجنود المنتشرين على الحدود مؤكدة أن وجود هؤلاء الغرباء الذين لا يملكون أي هوية ولا يعرف عنهم أي شيء يثير قلق وخوف سكان المدينة واستياءهم.
وأوضحت الصحيفة أن هؤلاء المجرمين يمارسون الضغط على السكان المحليين عن طريق عرض مقاطع الفيديو التي تظهر مجازرهم الوحشية لبث الرعب في قلوب الأهالي وتهديدهم بالاعتداء على المدنيين الذين أجبرتهم الدولة التركية على العيش مع هؤلاء المجرمين.
إلى ذلك أكد الكاتب التركي حسني محلي أنه كلما ظهر الفشل في المخططات التركية المرسومة للتدخل في الشؤون السورية ازداد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو غضباً وعلا صوتاهما محذرين مما يسميانه مجازر في سورية على غرار ما حصل في اليومين الماضيين.
وقال الكاتب في مقال له نشرته صحيفة (الأخبار) اللبنانية أمس: إن ما نشرته وكالة (رويترز) عن وجود قاعدة خاصة قرب مدينة أضنة جنوب تركيا حيث قاعدة أنجيرليك الأميركية لإدارة الحرب في مدينة حلب بإشراف ضباط أتراك وسعوديين وقطريين, جاء ليعكس أسباب الغضب بل حتى القلق التركي من أحداث حلب لأن الحكومة التركية ومنذ بداية الأحداث في سورية راهنت على هذه المدينة ورسمت مخططات لتحويلها إلى بنغازي ثانية حتى يتسنى لها أن تعلن شمال حلب منطقة للحظر الجوي وتستطيع من خلالها تحقيق أهدافها انطلاقاً من المدينة والمناطق المجاورة لها بعدما تحدثت أكثر من مرة خلال المرحلة الماضية عن حزام أمني أو منطقة عازلة داخل الأراضي السورية.
وأوضح الكاتب أن هذه المعطيات تفسر الدعم المطلق منذ البداية للمجموعات الإرهابية المسلحة عبر الحدود التركية ـ السورية حتى تتمكن من السيطرة على أعزاز وإدلب وعبرها حماة وحمص لتضييق الحصار على حلب ودمشق معاً, مشيراً إلى أن هذا الدعم تنوع بين العسكري واللوجستي والمادي الكبير جداً إضافة إلى إقامة مخيمات لهذه المجموعات في مدينة أنطاكيا.
وأضاف الكاتب: إن صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية ومعها صحف بريطانية وفرنسية تحدثت عن وجود المئات من عملاء الاستخبارات الأميركية والبريطانية في جنوب تركيا وذلك لتدريب المقاتلين العرب الذين يأتون من الدول العربية ودفعهم إلى الداخل السوري بحماية تركية.
وأشار الكاتب إلى أن موقع تركيا الجغرافي وحدودها مع سورية وهي بطول 900 كيلومتر وعلاقاتها الاستراتيجية مع أميركا والحلف الأطلسي كانت أيضاً دافعاً معنوياً لعناصر المجموعات الإرهابية المسلحة ولاسيما أن أنقرة استضافت منذ الأيام الأولى جميع مخيمات هذه المجموعات وكذلك مجلس اسطنبول وكل تحركات أعضاء هذا المجلس ظناً منها أنها ستكون صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في سورية.
وشدد الكاتب على أن الرهانات التركية فشلت حتى الآن بسبب اعتماد أردوغان وحكومته على معلومات قطرية وسعودية ثبت كذبها بتغيير الأوضاع في سورية خلال فترة أقصاها 3 أشهر وكلما طالت هذه الأشهر زادت عصبية أنقرة التي راهنت على سقوط مدينة حلب خلال هذا الشهر وهو إن لم يتحقق فلن يكون سهلاً على أحد الرهان بعد الآن على مواقف أردوغان وداود أوغلو ولن يبقى لديهما ما سيقولانه أولاً للمجموعات الإرهابية المسلحة التي اعتمدت كثيراً على الوعود التركية وثانياً للرأي العام التركي بعد مضايقات أحزاب المعارضة لهما واتهامهما بالتآمر مع أميركا وقطر والسعودية على سورية والمنطقة عموماً.
بدوره انتقد الكاتب الصحفي التركي أورهان بورسالي بشدة تدخل الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان في الشؤون الداخلية السورية لافتاً إلى أنه كان الأجدر بهذه الحكومة مساعدة سورية في إجراء الإصلاحات اللازمة وأن تساعد على حفظ أمنها واستقرارها.
وقال الكاتب بورسالي في مقال نشرته صحيفة (جمهوريت) التركية: إنه كان على الحكومة التركية اتباع سياسة تهدف إلى حماية وحدة الأراضي السورية وإقناع الغرب بهذا الخصوص ومنح الفرصة للحكومة السورية لتطبق الإصلاحات الديمقراطية ولعب دور في التطورات من خلال الدفاع عن استقرار سورية ومنع سفك الدماء فيها الأمر الذي من شأنه الإسهام في إيجاد حل للأزمة.
وأشار الكاتب إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية سعت إلى هدم العلاقات مع سورية بدلاً من أن تلعب دوراً يسهم في حل الأزمة في سورية نتيجة خوفها من الولايات المتحدة الأمريكية حيث برزت الحكومة التركية في موقفها المعادي تجاه سورية بعد إصرار الولايات المتحدة وبريطانيا على تدمير سورية والتحريض على إشعال الحرب الأهلية فيها بعد العدوان على ليبيا.
وأوضح الكاتب أن سياسة (السلام التقليدية التركية) ومصالحها الإقليمية والعالمية تتطلبان حماية استقرار سورية ووحدتها، معتبراً أن ما يهم حكومة حزب العدالة والتنمية فقط هو إقامة محور يمتد من تركيا إلى سورية والسعودية بهدف فرض سيطرة الإسلام السياسي على المنطقة وإقامة ديكتاتوريات إسلامية فيها لافتاً إلى تطابق سياسات حكومة أردوغان مع سياسات الغرب ومصالحه في المنطقة.