ماذا جرى في الآونة الأخيرة و ماذا يجري الآن من أجل أن تحشد روسيا و الصين هذا الكم الهائل من السفن الحربية و الذي قال عنه أحد الخبراء العسكريين أنه يستطيع أن يدمر الشرق الأوسط و تركيا معا ً في يوم واحد ،
منذ بداية الأحداث بما أسموه الربيع العربي الهدف كان و كما يعلم الجميع هو إعادة رسم الخارطة السياسية و الجغرافية بما يتلائم مع مخطط تقسيم العالم العربي إلى دويلات ذات نزعة طائفية بم فيها سوريا الطبيعية و خاصة ً في الشام و في لبنان و إقامة خليج جديد في الشرق من أجل السيطرة على منابع الطاقة المكتشفة و التي ستمد احتياجات العالم من الطاقة النظيفة في القرن الحالي ،و هذا ما نقلته سابقا ً عن أحد المخضرمين في السياسة الأوروبيه و العالميه وكتبته في سر الصراع مع سوريا .
و في حقيقة الأمر و أنا واحد من هؤلاء الذين استغربوا ردة فعل الدول الحليفة لسوريا في بداية الأحداث بإنها لم تكن على المستوى المطلوب ، هذا طبعا ً بغض النظر عن الفيتو الروسي و الصيني في مجلس الأمن ، لأن هؤلاء الحلفاء كان بإستطاعتهم دعم سوريا عسكريا ً بطرق أخرى كانت كفيلة لوضع حد ٍ ما لهذه المؤامرة الدولية و خاصتا ً أن حلفائها كانوا على علم مسبق بهذه المؤامرة .
و السؤال الذي يطرح نفسه اليوم لماذا تصرف حلفاء سوريا و سوريا نفسها أيضا ًبهذه الطريقة و هل هذا ما كان قد ُخطط له من قبل الحلف الجديد... ؟ و لنبدء بالكلام عن علاقات الدول ببعضها التي تبنى بشكل أساسي على المصالح المشتركة لإن أي حلف يبنى على أساس المصالح بمن فيهم حلفاء دمشق لإن لهؤلاء أيضا ً وجهة نظر و أهداف يريدون الوصول إليها ، لكن قبل الغوص في مصالح حلفاء دمشق أريد أن أنوه لحدث بدء بالظهور في أوروبا و قد تم استيراده من الولايات المتحدة الأميركية منذ تسعينيات القرن الماضي و هو أن من يحكم أوروبا اليوم هم مافيات الشركات العالمية و الحكومات الأوربية بسياستها تخدم فقط مصالح هذه المافيات ضاربة بعرض الحائط مصلحة شعوبها و جعلته يبحث عن الطعام في صناديق القمامه و هذه الظاهرة المتجددة كانت شهدتها أوروبا في بداية القرن الماضي وصولا ً إلى منتصفه أي بما معناه الديمقراطية الأوروبيه هي ديموقراطية المافيات و ليست ديمقراطية الشعوب . و في العودة إلى موضوعنا في مصالح حلفاء سوريا ، روسيا و ايران و الصين هذه الدول كلها تعاني من إستنزاف الولايات المتحدة و حليفها الصهيوني و المتصهينين من العرب ، محاولة زرع الفتن الطائفية و تمويل الإرهابين من تنظيم القاعدة وغيرهم من المتطرفين في روسيا كان يأتي من حكام الخليج " الفارسي" مباشرتا ً و في الصين يتم دعم الأسلامين من الخليج و من تركيا، طبعا ً هذا يحدث بضوء أخضر أميركي صهيوني ، حتى في إيران من خلال تحريض الأقليات العرقيه الموجودة داخلها ، هذه المهمة يقوم بها عملاء اميركا منذ عشرات السنين و هذا ما تعتبره هذه الدول خطر حقيقي على مجتمعاتها و هو أكثر خطرا ً من العملاء التابعين الذين يرتدون ثوب الديمقراطيه الزائف إضافة ً لمحاولة محاصرتهم إقتصاديا ً من خلال وضع اليد والسيطرة على منابع النفط و الغاز و طرق عبوره . هذا الإستنزاف يشكل خطرا ً حقيقيا ً على هذه الأمم إذا ً المشكلة لهذه البلدان هي مع الأنظمه التي ترعى الأرهاب وهم الآن في الحجاز و الخليج "الفارسي" عموما ً .
أما بالنسبة للشام فهي تتعرض كل سنتين أو ثلاث لمواجة مع الغرب منذ احتلال العراق حتى يومنا هذا ، وهذه أيضا ً عملية استنزاف لدمشق و هذا هو أحد الأسباب الحقيقة التي منعت القيادة باستمرار الإصلاحات المنشودة وكلنا يذكر ربيع دمشق عندما طرحه الرئيس بشار الأسد .
و نعود لإيامنا هذه ومع بدء الأحداث في سوريا منذ 16 شهرا ً ، دمشق و كل حلفائها يحاولون بطريقة ٍ ما تهدئة الأوضاع فقط لا غير و ليس استئصالها هذا أولا ً، أما الحقيقة الثانية فهي أن دمشق لم تستخدم أكثر من 20 بالمئة من قدراتها العسكرية في مواجهة الأرهاب لإن دمشق تحرك لواء فقط من كل فرقة عسكريه و الفيلق يتكون من عدة فرق و دمشق تملك أربع فيالق ، هذا منذ أن بدأ الأرهاب يقض مضاجع أراضيها و الكثير من المحللين السياسين و العسكرين يعلمون جيدا ً أن دمشق لم تستخدم إلا الجزء اليسير من قوتها و هنا وضعوا علامات إستفهام كثيرة ، إلى أن ظهرت المشكلة الكبرى الآن وهي أن دمشق لم تكن إلا مستنقع من الرمال المتحركة الذي وقع به كل أعداء سوريا ، كانت دمشق تقنع أعدائها إنها تترنح و أنها على وشك السقوط و ستسقط غدا ً أو بعد اسبوع و تمر الأيام و يزداد التورط للدول المعادية و ترسل ضباطها و جواسيسها و تمول و تسلح و تفشل و من ثم تعيد الكرّة تقنعهم بإنها ضعيفة و أنها تتهاوى و هي على وشك السقوط و هكذا يزداد المتورطين تورطا ً. لماذا ...؟؟؟؟ .
هل يستدرج الحلف الجديد الولايات المتحدة الأميركية و حلفائها إلى حرب شاملة تعيد رسم الخارطه الجغرافية للشرق الأوسط و السياسية للعالم و بناء توازنات جديدة للقرن الواحد و العشرين ؟؟؟ .
في حقيقة الأمر أننا كسوريون سمعنا كثيرا ً عن إلقاء القبض على العشرات من ضباط المخابرات الأتراك و الضباط فرنسين و سعوديين و قطريين و غيرهم و دمشق لم تنفي ذلك ولم تؤكده ، هذا الشيئ أحبط الكثيرين منا و أدخل الشك في عقولنا عن قدرة قيادتنا في إدارة المعركة و حتى عن مصداقية الوسائل الإعلاميه التي تسرب هذه الأخبار ، و هنا أريد أن أوكد صحة كل المعلومات و التسريبات عن إلقاء القبض على الكثيرين من هؤلاء الضباط و هذه ليست إشاعات و رئيس حزب الشعب التركي استطاع ان يتأكد بنفسه لإنه قابل الكثير من الضباط الأسرى في دمشق ، هنا أريد من الذي يقرأ هذا المقال أن يتخيل أو يتصور في لحظة ٍ ما من الأيام القادمة يقوم التلفزيون العربي السوري بعرض شرائط تلفزيونية مسجلة لهؤلاء الأسرى و إعترافاتهم و عن تورط حكوماتهم و دولهم بشكل مباشر في قتل المدنين و العسكريين في بلدنا الغالي و أيضا ً تسجيلات مصورة عن الطرق التي تسلل منها الأرهابين إلى سوريا بمرافقة عناصر استخبارت الدول المجاورة ، لكن أهم من ذلك هو تصوير معسكرات تدريبهم ومن يدربهم ، هذا يعني أن دمشق بالأسرى الذين لديها و الوثائق التي تملكها تستطيع الذهاب إلى المحاكم الجنائية الدوليه و إن هذه الدول متورطة بجرائم ضد الأنسانية و تسطيع أن تطالب بمئات المليارات من الدولارات كتعويضات من هذه البلدان المتورطة بالإضافة أن الأسرى ليسوا أسرى حرب ، أي لا تطبق عليهم إتفاقية جنيف لإسرى الحرب ولا الإتفاقات الدولية الموقع عليها لإن هذه الدول لم تعلن الحرب على سوريا و سوريا تستطيع أن تعاملهم كمجرمين و تعدمهم أن أرادت ، هل يتخيل أحد منا أن تطالب دمشق بمحاكمة أردوغان علنيا ً بإرتكاب جرائم حرب ضد الشعب السوري ماذا يعني ؟؟؟؟ هل يتخيل أحد ماذا يعني أن تطلب دمشق بمحاكمة الأمراء السعودين المتورطين في الأحداث السورية أم مشيخة قطر أم الدولة الفرنسيه أو المملكة المتحدة بجرائم ضد الأنسانية هذا بغض النظر عن غلمانهم في لبنان .
هذه فضيحة عالمية كبرى لحكومات و شعوب الدول المتورطة في سفك الدم السوري و قد تكون ردة الفعل لهؤلاء الأغبياء إعلان الحرب على سوريا و من هذا المنطلق بدء الأسطول الروسي و الصيني حصاره لإسطول الناتو المتواجد في المياه الإقليمية التركية و لهذا أيضا ً قال الخبير العسكري الروسي أن إسطوله هذا يستطيع أن يمحي من على الخارطة الخليج و تركيا معا ً في أقل من 24 ساعة ، و حتماً لن تكون إيران من المتفرجين على هذه الحرب بل ستشارك بها من منطلق مصالحها المباشرة في المنطقة كما هي مصالح روسيا و الصين أي بما معنا تدمير أبار النفط و القواعد العسكرية الأجنبية المتواجدة في الخليج " الفارسي" و إغلاق مضيق هرمز فقط بإضرام النار بناقلتي نفط ولا حاجة للألغام البحرية و ما اللقاء الذي تم في دمشق منذ أيام بين رئيس الأركان للقوات المسلحة السورية و رؤساء المخابرات الخارجية لكل من روسيا و الصين و إيران إلا للتنسيق العسكري الكامل للحلف السوري .
ما يريده الروس و الصينين و أقولها بكل وضوح هو تغير حكام الخليج الذين يدعمون الإرهاب و التطرف الديني الذين جعلوا من الإسلام دين المحبة و الأخوة سلاح لتقطيع الرؤوس و زرع الفتن و تفتيت المجتمعات ، حتى و لو بقيت منطقة الخليج "الفارسي" منطقة نفوذ غربي فهذا لا يهمهم و إنما يهم شعوب الخليج أولا ً و أخيرا ً ، و لكن هذا يعني بالنسبة لروسيا و الصين و إيران الأمن الإجتماعي لمواطنيهم ، أما الهدف الثاني فهو أن يكون شرق المتوسط منطقة نفوذ الحلف السوري و ذلك من أجل ضمان عدم السماح للقوى المتهالكة بحصار هذا الحلف إقتصاديا ً. أما ماذا تريده القيادة في دمشق و بالذات الرئيس بشار الأسد فهنا تكمن المعضله الكبرى ، القيادة في دمشق تعلم أن الصهيوني العالمي يفتعل صِدام معها كل سنتين أو ثلاث وذلك منذ غزو العراق و ذلك بهدف إبتزازها و استنزافها على كافة الصعد فالحصار الإقتصادي و العلمي و زرع بذور الطائفيه لم يتوقف حتى في الأوقات التي كان الغرب يفتح نافذته لجس نبض دمشق ، و سيبقى الحال كذلك حتى يحدث تغير جذري في المنطقة و لكن على الرغم من هذا الحصار المتعدد الأوجه إستطاعت القيادة إلى الوصول بما يسمى الأمن الغذائي و توازن الرعب مع الكيان السرطاني الصهيوني ، هذا كان بالسير على نفس الخط الذي رسمه الرئيس الخالد حافط الأسد .
لكن بعد إكتشاف الغاز في عام 2004 بدأت دمشق تغير إستراتيجيتها فدفعت بعلاقاتها شرقا ً بشكل فاعل مع موسكو و بكين و طهران ،وبدأت دمشق تعمل بصمت مطبق لتغير قواعد التوازن و التكتيك الحربي المتعارف عليه عسكريا ً في كل جيوش العالم و تحويله إلى وحدات كوماندوس سريعة الحركة و سهلة الإختباء و بنفس الوقت تملك قوة ضاربة كأي جيش نظامي و عندما أتت حرب تموز 2006 تم إختبار هذا النوع الجديد من التكتيك و حقق المفاجئة الكبرى و هزم الكيان الغاصب على يد بضعة آلاف من المقاتلين .
في السنوات الماضية كانت دمشق تعمل بدم بارد و أعصاب جليدية دون القيام بأي ردة فعل و كأن في قاموس دمشق لا وجود لهذا المصطلح على الرغم من كل الإستفزازات الصهيونية و حلفائها و المثال على ذلك عندما ضرب الصهاينة مع الأتراك الموقع العسكري في دير الزور ، دمشق لا تريد أن تكشف أوراقها و أساليبها و خططها و أسلحتها لغاية اليوم المنتظر الذي تستطيع به هي و حلفاؤها فرض معادلة جديدة ، و هذا ما رأه الحلف السوري فرصة تاريخية لقلب الطاولة في المنطقة من خلال الأحداث في سوريا ، ما يريد بشار الأسد و القيادة في دمشق هو المستقبل ، و في الكثير من خطاباته كان يركز على مستقبل أجيالنا القادمة وهذا مع الأسف الشديد لم نستطع فهمه جيدا ً نحن السوريون . القيادة في دمشق هدفها الأول إزالة و محو نتاج الحرب العالمية الثانية الكارثية على الوطن السوري و المنطقة بشكل عام و هذا لن يتحقق إلا من خلال حرب عالمية ثالثة والتي ينتظرها بشوق عظيم أو من خلال الضغط في تعرية حكام المنطقة و الحكومات الغربية و مافياتها و إظهار حقيقتهم البشعة العميلة التي تعمل ضد مصلحة شعوبها التي إرتكبت مجازر ضد الإنسانية و دعمت الأرهاب و المثل الأكبر على ذلك هو حزب العدالة و التنمية الذي يعتبر ميت سريريا ً بعد أن عرته دمشق و تعرية حقيقة حاخامات الخليج والسقوط المدوي للمقنعين بالإسلام السياسي على أنهم ليسوا إلا عملاء للمستعمرين الجدد .
ما تريده القيادة في دمشق هو الرخاء الإقتصادي ليس فقط من الثروات التي تم إكتشافها بل أيضا ً لأنها ستكون العقدة الأقتصادية الأهم في كل أنحاء الأرض قاطبة ً فمنها توزع الطاقة لمعظم دول العالم و لكن أهم من كل هذا و من أجل الهدف الأسمى و هو استعادة الأراضي المحتلة ليس فقط جنوبا ً و بل شمالا ً ، من أجل ذلك لعبت دمشق على حافة الهاوية وصورت نفسها بأنها ضعيفة و أنها على وشك السقوط و أنها ستقط غدا أو بعد اسبوع و هكذا أصبحت دمشق مصيدة للقردة و تم إلقاء القبض على الكثير من ضباط الدول التي أرادت أن تدخل المستنقع السوري فكانت مثل مستنقع الرمال المتحركة كلما تحركت و حاولت الخروج منه سحبك إلى العمق ليهلكك . لقد قدمت دمشق آلاف الشهداء و ما زالت تقدم و معركة حلب ليست آخر المعارك لإن المعركة الكبرى هي على كل الأراضي السورية و حتى داخل لبنان إذا إقتضى الأمر و المعركة داخل الأراضي التركيه بدأت ملامحها من خلال الإنتشار الواسع لاهلنا الأكراد و العمليات المؤلمة التي يقومون بها .
الغضب الدمشقي قادم بفولاذه الأموي ليطهر كل شبر من أرض الشام و بعد ذلك إما الخضوع للحلف السوري بأساطيله التي تحاصر الناتو و إما أن تكشف دمشق عن كنوزها و وثائقها و اعترافات أسراها إلى المحاكم الدولية و هذا يعني الحرب العالمية الثالثة التي لن يستطيع حلف الناتو و أتباعه تحملها لأنها تعني دمار ما تبقى من إقتصاده المتهالك . المعارك التي يخوضها بواسلنا الذين لا يقهرون سيتذكرها جيدا ً أحفادنا و أحفاد أحفادنا و أما من هدد الصين بنفطه و من أهان المسؤلين الروس في مطاراته و من إغتال رجال الشام فلقد بدء العد التنازلي لسقوطهم.
* أدونيس آرامي -دام برس