إننا نشهد جريمة منظمة وغزواً ممنهجاً استطاع صناعه ومخططوه وممولوه أن يتلاعبوا بمشاعر البسطاء والأغبياء ويوظفوا عاهات واختلالات اجتماعية اتخذوها ذريعة لتحقيق أهدافهم الحقيرة في تمزيق مكونات الأمة الممزقة أصلاً بفعل «سايكس بيكو» لتعيد فلسفة وفكرة بيريز- كونداليزا رايس لتقسيم خريطة الوطن العربي وفقاً لمصالح ومخططات محاور النفوذ.
فكان لابد من إحداث هذه الفوضى التي لم تكن يوماً مخفية بل معلنة بدءاً من فكرة وفلسفة «الفوضى الخلاقة» إلى استراتيجية «الصدمة والرعب» ومعهما جاءت فلسفة «السيطرة الصامتة» لتفضح الاستراتيجيات الجديدة لمحاور النفوذ.
وشدد الكاتب على أن الثورة فكرة، والفكرة مشروع، والمشروع إنسان، والإنسان الثائر يمتاز بصفات لم نرها في «ثوار الربيع» المزعوم الذين برزوا بثقافة الحقد والكراهية والإلغاء والعنف وعشق الدم بل اتخذوا من دماء الشعوب سلماً للوصول للسلطة والحكم.
ويضيف : ان ما يجري في سورية هو عمل إجرامي وإرهاب ولا اعتقد أن هناك وطنيون أو ثوار يحلمون بسعادة شعوبهم يقبلون أن يوصلوا للحكم بهذه الطرق الإجرامية التي يمارسونها بحق الشعب والدولة والنظام والتراث والحياة والسكينة والأرض التي تلوثت برجس محترفي القتل الذين لا يمكنهم بناء أوطان ولا صناعة حياة بقدر ما نرى هولاء القتلة متخصصون فعلا بصناعة الخراب والقتل والموت المجاني .. ندعوهم للحوار فيرفضوا ويتمسكوا بشرط "إسقاط النظام" لماذا..؟ لسبب بسيط أن في سقوط النظام أي نظام هو انهيار كل مقومات الدولة والمجتمع وتمزيق النسيج المجتمعي وهذا بالتالي يحتاج لمعالجات قد تدوم قرون بمعني أن في أسقاط النظام نهاية لكل مقومات الدولة والمجتمع وهذا ما تمناه بيريز في كتابه الشهير "الشرق الأوسط الجديد" وقدمته لنا السيدة رايس وكانت تأمل أن يتحقق خلال الغزو الأمريكي للعراق ثم تأجل لحرب لبنان ومع ذلك سقط هذا الحلم الأمريكي / الصهيوني , ليأتي ما يسمى ب( الربيع العربي ) ليدخل بعضنا في تبعاته وهم نوعان .. النوع الأول عملاء مأجورين ومرتهنين وجدوا لخدمة المستعمر وحسب , هؤلاء يتمثلون في أنظمة العهر والعمالة والارتهان في الخليج " الفارسي" والنوع الأخر نخب ومكونات اجتماعية مستلبة منها لا تؤمن إلا بما يوجهها أسيادها ونوع مجبول بكل قيم الحقد والكراهية , وثم اغلبية " صامته" وهؤلاء أشد بلاء على الجسد العربي كونهم صامتون في لحظة لا يحتملها الصمت فالصامت خائن أمام هذه الهجمة الشرسة والقذرة ..
"ثوار" من محيطنا لخليجنا لا يؤمنون بالحوار ولا يحبذون الحوار ويرغبون بالسلطة والحكم وأن على انقاض شعوبهم لا فرق لديهم في هذا ..؟ يستنجدون بالمستعمر والغازي والمحتل والصهيوني لا فرق، فالغاية تبرر الوسيلة , ولهذا تسقط لدى هؤلاء كل المعايير والقياسات والقيم والمثل ولا تجد الوعي لا لدى دعاة "الإسلام" وهم أول من التحق بركب الغزاة بل وأصبحوا رأس حربه في مشروعه الاستعماري الجديد ..ولا بين دعاة الليبرالية الذين لا يستوعبون مخاطر وجودهم الوطني والقومي إلا بمقدار ما يتلقون من دعم وكالة " التنمية الأمريكية" ..
ثمة جيل مراهق مبهور بذاته تم تحفيظه عبارات مثل " شارك" "عبر عن ذاتك , كن صاحب شخصيتك , صور , حرر, "أرسل إلينا في ظل فضاءات مفتوحة تحولت من نعمة إنسانية إلى نقمة على الإنسانية والوجود الإنساني برمته .. نعم ما قيمة وسائط إعلامية متاحة وسهلة وميسرة حولت العالم إلى " قرية" لكن هي ذاتها من جعلت هذه " القرية" تحترق وتحرق كل مكوناتها خدمة لذاك الذي يتقى كل هذا بعيدا يتأمل بسخرية وتشفي أمم تجلد ذاتها وتحرق تاريخها وتنسف وجودها عبثا فقط لكي يأتي هذا الواقف بعيدا في برجه يقاولك على إعادة بناء وطنك وتشكيل قيمك وثقافتك ويحدد لك هويتك الجديد وما يجب أن تكون عليه ..؟!!
إذا ما يحدث في سورية جريمة ويجب معاقبة القتلة والمجرمون الذين ليسوا ثوار وليس هناك ثورة ولا ثورات ويكذب " سيدا" هذا حين يتحدث بدون خجل عن "ثورة شعبية في سورية " ويكذب حين يصادر هو وزبانيته إرادة الشعب العربي السوري في تنصيب نفسه وأمثاله أوصياء على هذا الشعب العربي العظيم .. فماذا يريد القتلة والمجرمون من سورية واحة السكينة والأمان والصمود والممانعة والمقاومة والحاضنة لكل عربي قادم إليها .. نعم وحدها دمشق وسورية لم تسأل القادم اليها عن هوية وبطاقة وجواز ورخصة وإقامة .. في الحجاز حيث يقال بيت الله لا تقوى على الخروج من فندقك للبقالة المجاورة إلا برفقة ( كفيلك) ومعك جوازك وبطاقتك وتذاكر سفرك وخمسة شهود يشهدوا أنك زائر ومغادر بعد ساعات أو يوم ..وأن لم تفعل هذا فالسجن نصيبك وقد تقضي عمرك فيه دون أن يعلم بك أهلك هذا في الديار المقدسة ..؟؟
ولفت الكاتب إلى أن ما يجري في سورية هو عمل إجرامي وإرهاب وليس هناك ثورة مضيفاً: إن رئيس مجلس اسطنبول سيدا يكذب حين يتحدث من دون خجل عن «ثورة شعبية» في سورية وحين يصادر هو وزبانيته إرادة الشعب العربي السوري في تنصيب نفسه وأمثاله «أوصياء» على هذا الشعب العربي العظيم.
• باختصار – الفجر برس