وبمنح المجموعات الإرهابية المسلحة أضواء خضراء، وإشارات مرور كثيرة للمضي في جرائمها الإرهابية غير المسبوقة على الشعب السوري، وفوق ذلك استطاعت روسيا الاتحادية والصين أن تمدد وكإجراء فني روتيني لبعثة المراقبين الأمميين إلى سورية لمدة شهر، وهو ما يعيدنا إلى أجواء وظروف استحالة أخذ سورية إلى مجهول، ولاسيما أن كل هذه المعالجات والنتائج جاءت في خضم عملية تطهير سورية من الإرهاب والإرهابيين وهو القرار الذي أطلق عليه بقرار الحسم والإرادة الوطنية لحماية سورية الوطن والشعب والتاريخ والجغرافية والموقع والدور والموقف.
لقد وجدت الولايات المتحدة ومعها كل الغرب وكل الأدوات الاحتياطية لمشروعها في المنطقة باستهداف سورية، وكذلك الدول والقوى الإقليمية الضامنة والوكيلة لهذا الاستهداف عبر تسليح ودعم المجموعات الإرهابية، في وضع صعب وشاق وقاس، لأن كل الجهود لتجييش مجلس الأمن، وعلى امتداد كل أشهر الأزمة السورية، لم تصل إلى أي مردود، وباتت الولايات المتحدة محاصرة بإرادة مناهضة وقوية وفعالة لما استساغته في السابق من أن تكون المالكة صاحبة العلامة التجارية المميزة لمجلس الأمن، وحتى المجتمع الدولي، وحتى القوانين والشرائع الدولية، تدعو لها، وتفسرها وتستغلها وفق مقاساتها في الحروب والفتن وإشعال الحرائق وتهديد مصير الشعوب والدول، والتدخل وبكل استفزاز وعنجهية في الشؤون الداخلية لهذه الدول والشعوب.
ومن هنا صعّدت الولايات المتحدة من تهديداتها ليس ضد سورية وبعزمها فرض المزيد من العقوبات على الشعب السوري، بل وأيضاً ضد مجلس الأمن وروسيا والصين، والتلويح كذلك بمضاعفة جهودها ومحاولاتها للعمل على استمرار الحرب الإرهابية على سورية من خارج إطار مجلس الأمن الدولي، وهو ما عبرت عنه الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند حين قالت: «إن العمل في إطار مجلس الأمن أصبح مستحيلاً لأميركا بعد أن رفضت روسيا والصين للمرة الثالثة أن تؤيد مشروع القرار الغربي حول سورية»، مدعية في الوقت نفسه «أن الوضع الحالي في سورية لا يسمح للمراقبين بتنفيذ مهمة حماية الشعب السوري الملقاة على عاتقهم»! على حد زعمها .. في إشارة إلى الموافقة على تمديد تفويض بعثة المراقبين لشهر إضافي، وهو ما يعني ان الولايات المتحدة لم تعد بأي حال مؤيدة لعمل بعثة المراقبين الأمميين، وكذلك غير مؤيدة لخطة هذه البعثة في تنفيذ خطة المبعوث الأممي كوفي عنان، لاعتقاد الولايات المتحدة أن هناك خيارات كثيرة سيتم تبنيها ومن خارج إطار مجلس الأمن بديلاً من خطة وقف العنف والدخول في العملية السياسية، والحوار الوطني الشامل، وكل هذه الخيارات تصب في عودة الاستعمار لممارسة دوره القذر في الساحة السورية، والتلاعب بها كالتلاعب بالدم والألفاظ والمفاهيم للإبقاء على الفوضى الدموية المخططة والممنهجة في نشر الإرهاب والفتنة، وتقويض بنى الدولة السورية ومؤسساتها الوطنية.
ويبدو أن الولايات المتحدة، قد بدأت فعلاً بشكل مباشر وغير مباشر في تهيئة الأدوات القادرة على أن تحقق هدفها المغامر والمقامر هذا، وأول مؤشراته التشكيك بقدرة كل من روسيا والصين، في التمسك بموقفهما الحازم الداعم والمؤيد للحق السوري في مواجهة الإرهاب، وكذلك قدرة سورية على أن تنفذ بالكامل قرار الحسم في الداخل السوري في التصدي للمجموعات الإرهابية، ومن هنا كان المشروع السعودي- الخليجي بنقل المناقشات حول سورية من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما دام لا وجود لفيتو هناك، وكل الهدف من وراء ذلك إبقاء الحالة السورية في حالة سخونة وغليان على المستوى السياسي الدولي ولإظهار عزلة دولية حول موسكو وبكين، علماً أن قرارات الجمعية العامة لا تعتبر إلزامية، بل لها أبعاد رمزية فقط.
إن صراع الإرادات هذا، سيستمر إلى أن يتوج بالرهان القوي والراسخ على أن سورية لن تتخلى عن معركتها الحقيقية والأساسية في تطهير الوطن من الإرهاب والإرهابيين، وهي قادرة على ذلك كما تقول كل الوقائع والحقائق والمعطيات وحتى المواجهات على الأرض.
*احمد صوان