سؤال يلح على مخيلة كل منا وهو يتابع سعي هذه الدول لزعزعة استقرار دول معينة وتدمير أخرى والسيطرة على قرار دول ثالثة، ولاسيما أن هذه الدول تفتقد تماماً لأنموذج ديمقراطي حقيقي يمكن القول معه إنها تسعى لنشر أنموذج حضاري غير مسبوق في المنطقة، فمواطنو قطر والسعودية مثلاً لم يتعرفوا جدياً حتى اليوم إلى صناديق الانتخاب والوقوف في طوابير لممارسة حقوقهم الانتخابية، ونظراؤهم في تركيا وإن كانت ديمقراطية الانتخابات قد شقت طريقها إليهم قبل سنوات طويلة فإن حكومة رجب طيب أردوغان جعلت منه أكذوبة مفضوحة في ظل مصادرة الحريات واضطهاد القوميات واعتقال الصحفيين...
ولذلك فإن الأنموذج الذي تسعى إلى ترويجه دول الإرهاب الثلاث هو نفسه الذي بشرت به كونداليزا رايس قبل سنوات عندما تحدثت عن (الفوضى الخلاقة) ورسم خريطة جديدة لـ (الشرق الأوسط)، فإضافة إلى الفائدة الأمريكية - الصهيونية المباشرة التي يحققها مثل هذا الأنموذج المدمر لشعوب المنطقة عبر إتاحته الفرصة للكيان الصهيوني ليرسم مشاريعه ومصالحه، فإن الدول الثلاث المذكورة سابقاً تضمن ثلاثة قبل ثلاثة:
- إنهاء النظام القومي العربي بمشروعه النهضوي المقاوم، قبل أن يتسع نفوذه وفكره أكثر فأكثر ويهدد عروش المشيخات والمشاريع السلطانية العثمانية الجديدة.
- عزل الدول المؤثرة على الساحة العربية والإقليمية وإشغالها بمشاكلها الداخلية قبل أن تجد الدوحة والرياض وأنقرة أنفسها معزولة بفعل مواقفها الرجعية المتآمرة.
- محاصرة النفوذ الإيراني المتزايد شعبياً بفضل مواقف طهران من القضايا العربية والإسلامية قبل أن يفتك ويفضح المواقف الخادعة والمراوغة لهذه الدول من القضايا العربية المصيرية.
في العقود الأخيرة لم تقدم هذه الدول إلا أنموذجات سلبية سيئة لشعوب المنطقة، فالدوحة عرفت لدى الشعوب العربية بعمالتها، والرياض بإرهابها الوهابي، وأنقرة بكذبها ونفاقها ومحاولتها السيطرة على ثروات العرب وخيراتهم.
قد يرى البعض فيما سبق مبالغة انطلاقاً من حقيقة أنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تنشر الفوضى وتزرع التخريب في بيئة محيطة بها ومؤثرة عليها، وهنا تكمن خطورة ما يسعى إليه مثلث الإرهاب، فهو وبحكم وظيفته كتابع ومنفّذ للسياسة الغربية والأمريكية لا يعي أن الفوضى التي يتبناها هنا أوهناك ستدخل إلى داره عاجلاً أم آجلاً، وسيحصد الآلام نفسها...
اتفقوا على سورية ولكل غايته ومشروعه من طموح إسقاط الدولة السورية، لكن أياً من المجتمعين لم يفكر بما بعد الفشل..!!.
*زياد غصن - تشرين