عن انتصار تموز والطائفيين الحقيقيين

عن انتصار تموز والطائفيين الحقيقيين
الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢ - ٠٢:٣٩ بتوقيت غرينتش

احتفل حزب الله بالذكرى السادسة لانتصار تموز، بكلمة شاملة للسيد حسن نصر الله، بحضور حشد هائل، جامع شامل، ضمّ شخصيات وطنية لبنانية مشهودا لها، من كل التيارات السياسية، ومن ( كل) الطوائف، لأن انتصار تموز، وإن حققه الحزب برجاله ونسائه الذين هم أبناء وبنات الجنوب اللبناني، والضاحية، فإنه انتصار للبنان العربي الوطني- باستثناء عملاء إسرائيل، ومستثمري الطائفية الممولة نفطيا سعوديا ـ ولفلسطين، ولملايين العرب الرافضين للكيان الصهيوني.

منذ الساعات الأولى للعدوان على لبنان عام 2006، وبهدف تدمير حزب الله، تصاعدت حملة أعداء المقاومة الحاقدة على الحزب، بالترافق مع تصاعد هجمات طيران العدو الذي عمد إلى دك الضاحية الجنوبية ظنا من حيلوتس قائد طيران العدو الذي وعد بحسم المعركة مع حزب الله بالطيران، أن المقاومة ستنهار تحت الضربات الساحقة النازلة من السماء.

ومع توالي هطول صواريخ حزب الله على مستعمرات العدو في الجليل، وعلى حيفا وما بعد حيفا، والتلويح بما بعد بعد حيفاـنتوقع المابعد بعد في أية حرب قادمةـ أفرحت مصداقية السيد حسن، ورجال حزب الله البواسل، وأهل الجنوب الذين لم يصابوا بالهلع، والذين كانوا الدعم اللوجستي للمقاومين، قلوب ملايين العرب المتلهفين على (نصر) بعد مسلسل الهزائم، وأشباه الانتصارات (المباعة) سياسيا.

السيد حسن، وهو صادق في كل ما يقول..بالتجربة، عوّد جمهور العدو على تصديقه، بينما انكشف كذب قادته، وكانت هذه سابقة في تاريخ الصراع مع هذا العدو المغتر بقوته، وبانتمائه لحضارة الغرب الاستعماري.

قادة الكيان الصهيوني، وخبراؤه العسكريون، اعترفوا صراحة بأن حزب الله انتصر في حرب الـ33 يوما..وفقط قادة دول عربية تابعة، وقوى طائفية عميلة، و(زعامات) تافهة مخترعة..شككوا في الانتصار..ومعهم حق: فالانتصار على العدو كان انتصارا عليهم، وعلى خطابهم السياسي، وهو فضيحة لعجزهم ولكل ما يمثلونه.

في مقدمة من فرح بانتصار حزب الله، كان شعبنا الفلسطيني، ليس في لبنان فقط، وإنما في عمق فلسطين، وفي الضفة، والقطاع، والشتات، لأن شعبنا يعرف، ويؤمن، بأن كل هزيمة تقع في العدو، تقرّب يوم تحرير فلسطين.

ملايين العرب، مشرقا ومغربا، في أيّام قليلة، اتخذوا من سماحة السيد حن نصر الله زعيما ملهما، وفي ظل وجود قيادات خانعة، متآمرة على فلسطين، وكل قضايا العرب، برز السيد حسن سيدا حقيقيا، وليس مجرّد حاكم طرطور يجلس في منصب أكبر منه، منصب لا قيمة له، مستمدا أسباب بقائه ممن نصبوه، وهم رعاته الأمريكان في كل الأحوال!

أنا كعربي فلسطيني اعتدت على طرح السؤال الكاشف: هل هذا الحاكم مع فلسطين؟ والجواب يقرر، وعندي أنه بعد جمال عبد الناصر لم يبرز الزعيم الذي يحمل هم فلسطين، ويؤمن بوحدة الأمة العربية، ويحارب الاستعمار و..أذناب الاستعمار. ولعلها مناسبة في الذكرى الستين لثورة 23 يوليو، أن أحيي مع ملايين العرب ذكرى القائد والزعيم جمال عبد الناصر، وكل الأوفياء لها، وأن نصب اللعنات على من خانوها، وحرفوا مسارها بعد الرحيل المبكر لناصر.

السيد حسن مع فلسطين،وما يمثله مع فلسطين، والجنوبيون مع فلسطين، وأهل الضاحية مع فلسطين. والحق أن لبنان مع فلسطين، باستثناء الحزب الصهيوني الانعزالي، والطائفيين النفطيين.

هنا أود تذكير من نسوا بما قدمه الجنوب اللبناني للثورة الفلسطينية التي اجتثت من الأردن عام 70، فكان أن وجدت في أحضان أهل الجنوب، الذين أستسمحهم بأن اذكر بأنهم مسلمون (شيعة)، ومن هذا العناق الفلسطيني الجنوبي وجدت الثورة الفلسطينية لنفسها مكانا ضربت فيه أقدامها، وانتعشت روح المقاومة لدى المحرومين، المستلبي الحقوق، المنسيين..أبناء الجنوب، وأثمرت حركة أمل بقيادة الإمام موسى الصدر، بدعم فلسطيني فتحاوي، ومن ثمّ ترعرع مئات الفتية الجنوبيين في المقاومة، وهم الذين انطلق بهم حزب الله بعد رحيل الثورة الفلسطينية من لبنان في العام 1982، ليدشن زمن المقاومة اللبنانية والانتصارات.

لم تدفع بقعة من الأرض العربية لفلسطين من تضحيات ما دفعه الجنوب، والضاحية الجنوبية..وبيروت العظيمة، و..صيدا معروف سعد (الناصري)، وصور الباسلة. فليتذكر من نسي.

هناك اليوم في بلاد العرب من يكافئ حزب الله، ولبنان كله، وبالخصوص أهل الجنوب..بالجحود، والتنكر للبطولة، ويا للعجب، في حين يعترف العدو الصهيوني بما فعله حزب الله، بل وأكثر من ذلك، فهذا العدو مسكون بالرعب من حزب الله ومقاوميه، وما يتوعد به قائد المقاومة، السيد حسن نصر الله.

في الذكر السادسة لانتصار تموز، ومع تصاعد الأحداث في سورية، واحتدامها الدموي، روّج طائفيون محقونون دعاية قصد به النيل من سمعة حزب الله، وإفقاده بعض شعبيته التي يتمتع بها عربيا وإسلاميا، وهي أن الحزب يدفع ببعض رجاله للقتال ضد الشعب السوري!

منذ اللحظة الأولى التي سمعت بها بهذه الدعاية المحمومة، عرفت بأنها مفبركة، وأن من حاولوا شق صفوف الشعب اللبناني بفتنة تأخذ المسلمين السنة والشيعة إلى نار تحرق الجميع، وجدوا هم ومعلموهم السعوديون في الحراك الشعبي السوري فرصة لزرع الشقاق في صوف الشعب السوري طائفيا، وبغاية مكشوفة: تدمير سورية الوطن، والدولة. أليس هذا ما فعله تآمرهم، والطائرات التي خرجت من قواعدها في الدول التي يحكمونها..لتدمير العراق ؟!

أنا واثق أن حزب الله أرفع وأجل وأعقل من أن ينخرط في هكذا حرب، لأنها الحرب التي تجنبها دائما، ونأى بنفسه عنها، وثقف جماهيره بما يحصنهم من الوقوع فيها.

حزب الله صديق وحليف لسورية..هذا صحيح، وهو لا ينكر هذا، وعندي أن هذا لا ينتقص من استقلاليته، فإذا كان يتغذى بالسلاح من سورية، وعبرها، فإن من يتهمونه يتمولون من النفط، ويحظون برعاية أمريكا وفرنسا وبريطانيا، ويعسكرون في تركيا، وهم الآن يتماهون مع القاعدة، ولا يستطيعون أن يحتجوا على ممارساتها، وعلى تبشيرها بدولة إسلامية ولو في معبر (باب الهوا) الحدودي مع تركيا!

في خطابه قبل أيام أعلن السيد حسن أن الصواريخ التي دكّت (إسرائيل) و..قلبها، هي صناعة سورية، وليست إيرانية، وحيا القادة الذين تمّ اغتيالهم في مبنى الأمن القومي، ووصفهم بأنهم رفاق سلاح.

من سمع خطاب السيد حسن تكشفت له أسباب مطاردة قادة الكيان الصهيوني، وفي مقدمتهم باراك، وروح الانتقام التي تحركهم للثأر من سورية.

هنا أسأل: ما شأن القادة العرب بسلاح سورية الكيماوي؟ لماذا يقلقهم، ولا تقلقهم ترسانة الكيان الصهيوني النووية، والكيماوية، والجرثومية؟!..بالمناسبة: هؤلاء الحكام مسلمون سنّة!

سمعتم ولا شك باغتيال الدكتور (نبيل زغيب) مع أفراد عائلته في منزله بمساكن برزة،، وهو أحد أهم القائمين على تطوير سلاح الصورايخ السوري. لماذا يغتال هذا العالم، وخدمة لمن؟! الجواب: خدمة (لإسرائيل) تحديدا. بالمناسبة: هذا العالم الفذ عربي مسيحي.

الطائفيون هم الذين يعملون على تدمير سورية الوطن، وسورية الدولة، وهم يؤلبون الجهلة والدهماء على حزب الله، ومعلموهم لا يأبهون بحصار شعبنا في قطاع غزة..ولا يقلقهم تهويد القدس، تحت سمعهم وبصرهم، القدس التي لا تستفز عروبتهم المفتقدة، وإسلامهم التجاري للدعوة لاجتماع وزراء الخارجية العرب، فما بالك بالملوك والحكّام لإنقاذها، مع إنهم سنّة..سنة يسنون أسنانهم باستمرار لنهش لحم المواطن العربي المذل المهان، ويمزقون بها لحم بلاد العرب التي حولوها أشلاءً مباحة لكل طامع وغاز!

رشاد أبو شاور