لو قيض لمظفر النواب شفاه الله اليوم ان يكتب قصيدة في هذا السياق من جديد وهو يراقب ما يحصل في العالم لكتب برأيي: امريكا امام الباب امريكا.
كل الطرق تؤدي اليوم الى امريكا وواشنطن على ما يبدو بعد ان قررت العاصمة الامريكية اما ان تخوض آخر حروبها من اجل ان تستعيد السيطرة على العالم الذي يتفلت من بين يديها على ما يبدو في اكثر من ساحة وعلى اكثر من مستوى، من بطانات احتلالها في العراق وافغانستان الى صعود قوى عظمى سبق لها ان رضخت لموازين قوى مؤقتة كانت تمنح الغلبة للامريكيين حتى الآن!
او من اجل اتخاذ قرار مؤلم وحزين لقادتها لكنه سيكون القاصم لظهر امبراطوريتها الا وهو الانكفاء نحو الداخل والاذعان بان عصر الهيمنة والاستعلاء والتفرد بالقرار الدولي بات شبه مستحيل ما سيدفعها الى تقبيل اكثر من يد في الدنيا لم تستطع كسرها ناهيك عن بترها ليس اولها روسيا وليس آخرها ايران!
الحرب باتت مكشوفة تماما ولم يعد احد بقادر على اخفاء اوراق اللعبة القذرة التي تقودها امريكا في العالم من اجل الابقاء على مقدرات العالم تحت السيطرة الصهيو امريكية!
من لعبة التوازن الدولي بين الامم الى لعبة المتاجرة بدماء العرب والمسلمين على خلفية صحوتهم العربية والاسلامية الاصيلة التي تصر امريكا على تسميتها بالربيع العربي 'لغاية في نفس يعقوب'!
من فتنة الاعراق الى فتنة الاديان الى فتنة الطوائف والمذاهب الى فتنة ما تسميه 'الكيانات والمكونات' وكأنها تبحث عن خلق جديد تلعب في مقدراته ناسية ان هذه المنطقة وكانت وستظل امة واحدة بمسلميها ومسيحييها تصلي الى رب واحد، متنوعة ومتعددة في مللها ونحلها لكنها موحدة في حضارتها وثقافتها مهما حاول منظرو الصهيونية الامريكية ان يغيروا من معالمها من خلال الفتن والحروب القذرة!
ولكن لماذا تفكر امريكا كذلك يسأل كثيرون ؟!
'الاجابة اردناها هذه المرة من افواههم هم منذ ولادة كيانهم العنصري البغيض على ارض السكان الامريكيين الاصليين:'يقول جورج واشنطن في كتابه الشهير عن 'حياة محمد' في العام 1831 م:
'ما لم يتم تدمير امبراطورية السارزن (المسلمين) فلن يتمجد الرب بعودة اليهود الى وطن آبائهم واجدادهم'!
يقول السناتور هارت بنتون في خطاب له امام مجلس الشيوخ في العام 1846م :
'ان قدر امريكا المتجلي هو الغزو والتوسع . انها مثل عصا هارون التي صارت افعى وابتلعت كل الحبال. هكذا ستغزو امريكا الاراضي وتضمها اليها ارضا بعد ارض . ذلك هو قدرها المتجلي ....'!
يقول النائب الامريكي في الكونغرس ما بين 1834- 1839 م: ''ان قدر الهندي الذي يواجه الانكلوساكسوني مثل قدر الكنعاني الذي يواجه الاسرائيلي: انه الموت'!
يقول جورج فوكس 1624- 1691م:
''ان تكون يهوديا باللحم والدم لا يعني شيئا. اما ان تكون يهوديا بالروح فهذا يعني كل شئ'!
يقول السناتور البرت بيفردج 1900م: 'ان الله اصطفى الامة الامريكية من بين كل الامم والشعوب وفضلها عليهم وجعلها 'شعبه المختار' وذلك من اجل قيادة العالم وتخليصه من شروره'!
طبعا كل هذا مبني على مقولة تلمودية خطيرة تقول:
هذه هي خلفية شهوة وشبق الامريكي المتصهين للسيطرة على العالم والتي يلخصها احد فلاسفته عندما يسأل عن حدود بلاده فيقول: 'ان حدودنا من الشمال هي القطب الشمالي ومن الجنوب هي القطب الجنوبي ومن الشرق سفر التكوين ومن الغرب يوم القيامة'!
ولكن دعونا نسمع ماذا يقول ضحاياهم من السكان الاصليين ممن سماهم كريستوفر كولومبس بالهنود الحمر لانه ظن انه وصل الى الهند ..... : يقول باشغنتا كيلياس زعيم شعب دولاوير في العام 1787م: 'انهم يفعلون ما يحلو لهم، يستعبدون كل من ليس من لونهم . يريدون ان يجعلوا منا عبيدا، وحين لا يتحقق لهم ذلك يقتلوننا. اياك ان تثق بكلماتهم او وعودهم. انها احابيل، صدقني، فانا اعرف سكاكينهم الطويلة جيدا'!.
اما مايكل هولي ايغل من نشطاء هنود شعب سو فانه يقول في العام 1996م ما قد يفيد جدا لنا نحن المسلمين العرب والفلسطينيين العائمين على سراب المفاوضات العبثية: 'تاريخنا مكتوب بالحبر الابيض. ان اول ما يفعله المنتصر هو محو تاريخ المهزومين. ويا الله ما اغزر دموعهم فوق دماء ضحاياهم، وما اسهل ان يسرقوا وجودهم من ضمير الارض! هذه واحدة من الابادات الكثيرة التي واجهناها وسيواجهها الفلسطينيون (.....) ان جلادنا المقدس واحد'!
يبقى اخيرا ان نوجه نحن رسالة الى كل من يستقوي بهذه الامريكا اللعينة والشريرة واخواتها من الكبار والصغار، لاسيما اولئك الذين يحاولون استجلابها ولو بالحرب الاهلية والذبح على الهوية او حتى تدمير الحجر والشجر والبشر على رؤوس الجميع باسم الربيع او الاصلاح او التغيير او الديمقراطية او حقوق الانسان او حرية التعبير، نقول لهم اسمعوا خطبة زعيم شعب 'دواميش' وهو يخاطب زعيم واشنطن في العام 1854م ردا على عرضه لبيع ما تبقى من بلاده وهو في وضع استسلامي: 'زعيم واشنطن الكبير يقول لي، في رسالتها انه يريد ان يشتري بلادنا ويقول انه صديقي وانه يكن لي مودة عميقة.
ما الطف زعيم واشنطن الكبير وهو في غنى عني و عن صداقتي ...
نعرف اننا اذا لم نبعه بلادنا فسوف يجيئنا الرجل الابيض مدججا بسلاحه وينتزعها.
كيف نستطيع ان نبيع او نشتري السماء ودفء الارض؟!
كيف نبيع طلاقة الهواء؟! كيف نبيع حباب الماء ..... كل شبر من تراب بلادي مقدس..... كل خيط من ورق الصنوبر ..... كل مدى من الضباب في غياهب الاحراج .... كل حشرة تمتص ما تمتص كله مقدس ..... النسغ الذي يسيل في الاشجار .... موتى الانسان الابيض ينسون مهدهم ... اما موتانا فابدا لا ينسون الارض الطيبة لانها امنا ... نحن منها وهي منا. واذن فحين يقول زعيم واشنطن انه يريد شراء بلادنا انما يسألنا ما لا يطاق!.
محمد صادق الحسيني