الواقع التركي بعد إسقاط المقاتلة التركية

الواقع التركي بعد إسقاط المقاتلة التركية
الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٢ - ٠٢:٤٣ بتوقيت غرينتش

نقلت صحيفة الديار تحليلا للواقع التركي بعد إسقاط الطائرة التركية حيث قال الكاتب نبيه برجي، لم يدعُ رجب طيب اردوغان حلف شمال الاطلسي الى الانعقاد عندما انقض الكومندوس الاسرائيلي على السفينة التركية «مرمرة» في المياه الدولية و قتل 9 مدنيين أتراك لم يكونوا يحملون سوى الطحين والكراسي الخاصة بالمعوقين. لم يفعل هذا أيضا عندما خرقت القاذفات الإسرائيلية الأجواء التركية في الذهاب والإياب، لا بل أنها تخلت عن بعض خزانات الوقود فوق الأرض التركية، لدى الإغارة على ما اعتبرته تل أبيب منشأة نووية سورية في العراء، حيث لا شجرة، ولا اكمة، ولا حتى أخدودا يحمي هذه المنشأة الافتراضية في منطقة دير الزور.

الذي أثار غيظ اردوغان ليس الشعور بالانكسار، على الأقل انكسار الأنف في تلك اللحظة، وهو الذي طرح نفسه على انه البديل من أتاتورك، بل و الباب العالي أيضا، وإنما لان الطائرات التركية دأبت، وعلى مدى الأشهر الأخيرة، على التحليق الاستفزازي فوق الأراضي والمياه السورية. ولم تتدخل الصواريخ الروسية الصنع. لماذا الآن بالذات؟ الأتراك استنتجوا هذا: اليد روسية والإصبع سورية، أي أن إطلاق الصاروخ لم يتم هكذا، وبصورة تلقائية، بل جرى التفاهم مع موسكو. كما كانت تجربة الصاروخ العابر للقارات، وفي مسار معين، رسالة الى الدرع الصاروخية، والى من يستضيف هذه الدرع، كانت «تجربة» الصاروخ الذي اسقط، بهدؤ أعصاب شديد، الطائرة التركية.
غريب أن اردوغان لم يدرك معنى الرسالة الأولى، وثمة مسؤول سوري كبير قال لنا «أن لدينا الصور الدقيقة والتي لا تقبل أي تشكيك بأن الطائرة كانت في الأجواء السورية وفي منطقة حساسة. الأتراك يعرفون ذلك، ويعرفون لماذا طائرتهم كانت هناك».
لماذا ذهبت تركيا الى الاطلسي، هي التي طرحت نفسها الدولة الإسلامية المثال التي يقتضي أن تحذو حذوها، سياسيا وإيديولوجيا، البلدان العربية، والمجتمعات العربية التي إذ تفتقد القيادة فهي تخشى من فظاظة أيمن الظواهري التي لا تتماهى قطعا مع شفافية نجم الدين اربكان؟
إذا، تركيا دولة اطلسية بالدرجة الاولى، بل وأميركية بالدرجة الاولى، وإلا لما كان اردوغان ذهب الى واشنطن ليطلب إقامة إنشاءات الدرع الصاروخية في بلاده، فيما تحفظت دول أوروبية على ذلك لأنها لم تعد تحتمل التداعيات الدراماتيكية للحرب الباردة في ظل ارتجاج اقتصادي حاد، وإلا لما كان الرجل الذي دخل الى صدور الكثيرين من العرب، الباحثين عن رجل وعن نموذج، يلجأ الى الاطلسي اثر سقوط الطائرة، وكان قد اعدّ السيناريو لاحتلال سوريا تلبية لنداء الأخوة في الإسلام، قبل أن يتبين له انه نداء الهاوية، فانكفأ ولو الى حين.
بدا ان إسلام العدالة والتنمية ليس أكثر من غلالة عقائدية باهتة. ولكن باستطاعة اردوغان ان يقول ان الإسلام مثلما هو ضد صدام الحضارات هو أيضا ضد صدام الاستراتيجيات، أي انه مع تفاعل الحضارات مثلما هو مع تفاعل الاستراتيجيات. كيف يمكن لأي مسلم ان يأخذ بهذا التعليل إذا سأل لماذا بقي الاطلسي بعد تفكك حلف وارسو، ومكونات حلف وارسو، وإذا ما سأل عن العلاقات المقدسة بين الحلف و إسرائيل؟
حقا لماذا ذهب الى الاطلسي ليزيل حتى الغلالة إياها (هل تريدون ان يلجأ الى نبيل العربي وجامعته العربية؟)، فيما يمتلك هو القوة الضاربة في مقابل الجيش السوري المنهك، والبعيد عن المستوى التكنولوجي والعددي للجيش التركي الذي يعتبر من أقوى جيوش العالم؟
انه إقرار متأخر جدا بأن سوريا باتت حالة، أو هي من الأساس، حالة معقدة، إقليميا و دوليا، ولا مجال لإسقاط نظامها من خلال تصريحات احمد داود اوغلو (الذي لم يعد إصبعه يظهر في الصور)، ومن خلال تسليح جماعات تتجه نحو منطق الكانتونات، أو الكهوف، بدل الاتجاه نحو قيم الدولة الحديثة، الديمقراطية، والفاعلة.
الأتراك ذهبوا الى الاطلسي ليقولوا ان الروس الذين ابتعدوا عن حدودهم بعد زوال الاتحاد السوفيتي لتحل محله جورجيا وأرمينيا وأذربيجان عادوا الى الحدود، وبوجه حديدي هذه المرة، وهم الذين لا يساورهم أدنى شك في ان إسقاط الطائرة تم بقرار روسي لا بقرار سوري، فدمشق في وضع من يسعى للحد من موجة العداء الخارجي،لا سيما العداء التركي، لا تسعيره، حتى ولو كان الاستنتاج الكلاسيكي يقول بالهروب من حرب داخلية تضغط على نحو هائل على النظام الى حرب خارجية قد تستدعي تدخلا للتسوية خشية اندلاع الحرب الشاملة.
لم يكن السيد الرئيس بشار الأسد ضد رجب طيب اردوغان، بل ان الرجلين مضيا سريعا نحو التكامل الاستراتيجي، العلاقات تغيرت لأسباب جيوبوليتيكية، لا لأسباب أخلاقية بعد انفجار الأحداث في سوريا، فهل يحدث إسقاط الطائرة تلك الصدمة التي تحتاج إليها تركيا لتتجه الى الواقعية، لا الى الهاجس الإمبراطوري.
تركيا لن تصدر إعلان حرب .. غضب شعبي تركي ضد اردوغان
قال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج يوم أمس إنه ليس لدى تركيا أي نية للدخول في حرب مع سوريا رداً على إسقاط دمشق لطائرة عسكرية تركية الجمعة الماضي، إلاّ أنه أكد أنها ستحمي نفسها ضمن القانون الدولي.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن أرينج قوله ان "تركيا ستحمي نفسها ضمن القانون الدولي. وكل ما ينبغي القيام به سنفعله في إطار القانون الدولي "، مؤكداً ان إسقاط الطائرة لن يمر بدون عقاب.
ولكنه أضاف "نحن لسنا مع إصدار إعلانات حرب. ولا نية لدينا للدخول في حرب مع أحد"، مصراً على أن حكومته ستجعل من هذه القضية "قضية دولية".
وأوضح أن "سورية أسقطت طائرتنا غير المسلحة بدم بارد وبطريقة عدوانية في الأجواء الدولية. والقانون الدولي إلى جانبنا. وتركيا لن تتردد في اتخاذ خطواتها لهذه الغاية".
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قال في وقت سابق في اجتماع مع المعارضة، إنه تم العثور على حذاءي الطيارَين التركيين اللذين فقدا بعد إسقاط القوات السورية طائرتهما يوم الجمعة، قائلاً إنه لا تتوفر أدلة على أن الطيارَين استخدما المظلة أو مقعديّ القذف للخروج من الطائرة.
وعرض أردوغان صور الحذاءين على قادة المعارضة، وكانت تركيا أعلنت أن القوات السورية اسقطت طائرة من نوع "اف 4" تابعة لها قد تكون دخلت المجال الجوي السوري.
ويعقد حلف شمال الأطلسي "الناتو" اجتماعاً اليوم تلبية لطلب تركيا، للبحث في مسألة إسقاط الدفاعات الجوية السورية مقاتلة تركية.
وفي الوقت نفسه أعلن ارينج ان تركيا ستقرر في الأيام المقبلة ما إذا كانت ستوقف صادراتها من الكهرباء الى سوريا ردا على إسقاط الجيش العربي السوري للطائرة.
وقال ارينج للصحافيين في ختام اجتماع لمجلس الوزراء “لقد رأينا حتى الآن انه من الأفضل تزويد سوريا بالكهرباء لكي لا تتأثر الحياة اليومية للسكان”. وأضاف “في الوقت الراهن نواصل ذلك، لكن الموضوع مطروح على جدول أعمال الحكومة. اعتقد انه سيكون هناك إعلان في غضون يوم أو يومين بشان ما إذا كنا سنواصل هذا الأمر أم لا.
وردا على سياسات أردوغان الصبيانية المتهورة فقد حمل الحزب الشيوعي التركي حكومة "رجب طيب أردوغان" مسؤولية تحطم طائرة الاستطلاع العسكرية التركية التي أنزلتها الدفاعات الجوية السورية ضمن الأراضي السورية ودعت حكومته إلى التنحي.
ووصفت اللجنة المركزية للحزب في بيان صحفي لها هذه الحركة بالاستفزازية قائلة "إن هذا التصرف لعبة وسخة وقذرة قامت بها الحكومة التركية بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وهي ليست أول خطوة استفزازية من الحكومة التركية بل هناك خطوات سابقة وهي احتواء المسلحين ضمن معسكرات تدريبية ضمن الأراضي التركية إضافة إلى دعمهم بالمال والسلاح" .

loading