أحداث أيلول 2011 لم تكن تسونامي، بل عودة عامة تمهيدية للحدث القادم الذي من شبه الأكيد سيقع في سنة 2012 وسيكون ناتج استمرار التطورات السياسية في الشرق الأوسط، و(ناتج) أزمات الولايات المتحدة الآخذة في التفاقم و"صبر" الدول الأوروبية. لقد أثبتت الأحداث الأخيرة وجود ما يكفي من تضارب المصالح بين مختلف الجهات المنقضة على القِدْر بما لا يسمح للواقع بأن يسير على هواه.
وفي القِدر الشرق الأوسطي تمد يدها جهات أخرى، بينها الروس والأتراك وغيرهم. ومؤخراً تبدّى منحى من جانب الولايات المتحدة لنقل الثقل السياسي إلى الأردن بدل مصر. وبضغطٍ من الولايات المتحدة أيّدت السعودية هذا المنحى. يبدو ان الهدف الأميركي هو اعتدال حماس وإدخالها بالتدريج في كنف السلطة الفلسطينية، إلا أن تجربة الماضي تشير بصورة عامة إلى أن هذه "النوايا الحسنة" تنتهي بصورة معاكسة لما أراده المبادرون إليها.
في هذه المرحلة الانتقالية، يجب على إسرائيل العمل السياسي والعملي لمنع وإحباط أي تطورات تعيدها إلى النقطة التي كانت فيها في أيلول الماضي، في بداية الصراع المكثّف في الأمم المتحدة.
الطريق مفتوحة أمام إسرائيل لأربع مبادرات ممكنة:
- اتفاق مرحلي قريب من أفكار شاؤول موفاز.
- استئناف المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة على أساس وثيقة تفاهم بوساطة أميركية.
- التخلي عن فكرة "دولتين لشعبين" واستبدالها بفكرة الفيدرالية الأردنية الفلسطينية، تضم أجزاءً من الضفة لا تلامس حدود 67 وتناسب الاحتياجات الأمنية لإسرائيل مع ضم الكتل الاستيطانية إليها.
- المبادرة الأقل معقولية من بين كل السابقات هي المبادرة السعودية، والتي تفصّل فيها إسرائيل التعديلات المطلوبة من أجل التوصل إلى نقطة انطلاق يمكن أن تؤدي إلى حل معقول. ميزة المبادرة السعودية هي أنها تتطرق إلى منظومة العلاقات الإقليمية بين إسرائيل وكل الدول العربية؛ وكذلك تفتح الباب أمام استعداد إقليمي، بمشاركة إسرائيل، لمواجهة ايران.
إن الفشل في كل القنوات المذكورة أعلاه يقود بالضرورة إلى العودة إلى اتفاقيات الحكم الذاتي في كامب دافيد الأول. وكونه لا توجد فيها أجوبة على كل المسائل الأساسية فإن الطريق إلى صدامٍ عنيف إضافي ليس وهماً وليس بعيداً.
تتذكر اسرائيل اليوم، مبادرة الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، وتدرجها من ضمن المبادرات التي قد تنتشلها من عزلتها وتفتح لها ابواب الشرق والغرب. ومن سخرية الاقدار انه كلما ضعفت اسرائيل وكادت تصرخ من الألم يهب الحكام العرب لنجدتها وانعاشها. وجودها يمنحهم استمرارية التسلط على شعوبهم بإسم الدفاع عن فلسطين.
"نيوز وان "رافي لاوفرت
17/10/2011