العالم - مقالات وتحلیلات
اذا انطلقنا من هذه الفرضية.. يمكن ان نصل الى توقع السيناريو الاكثر احتمال لسوريا على المدى القريب وليس البعيد.
اولا: لا بد ان نرصد ما جرى باختصار.. كان يُعلم منذ سبتمبر/ايلول، ان المعارضة المسلحة تجهز لشن هجوم على حلب.. وقد تم ابلاغ الحكومة السورية بذلك من قبل جهات دولية موثوقة... فجأة، يبدأ الهجوم، وخلال احد عشر يوما تكون قد سقطت حلب وحماه وحمص ودمشق وكل سوريا تقريبا بيد المعارضة، بدون مواجهة تذكر.
فور وصول "الفاتحين" الى دمشق وبالتزامن مع الاحتفالات بسقوط النظام، يجتاح الكيان الصهيوني مساحات شاسعة من سوريا ويصل الى مشارف العاصمة دمشق وينفذ مئات الغارات الجوية، مستهدفا القدرات الاستراتيجية العسكرية، للقوات المسلحة السورية، ويقول انه قضى على حوالي 80% منها.
بالتزامن ايضا.. يتم اغتيال عدد من علماء سوريين دوليين بارزين واكاديميين ومختصين في الذرة وشؤون علمية تقنية متطورة .
في العموم، يفهم انه تم القضاء على القدرات العسكرية الاساسية، لنزع انياب سوريا، وتم وضع العاصمة تحت الاشراف الاسرائيلي المباشر للتدخل والسيطرة عند الحاجة، وتم ضرب الادمغة التي قد تشكل خطرا علميا وعمليا على الاسرائيلي.
تم تقديم ما سبق، كتمهيد للسيناريو الاكثر ترجيحا وهو، انه قد تم اتخاذ قرار دولي بانها الجماعات المسلحة الموصوفة "ارهابية" في سوريا.. وذلك على غرار ما حصل مع القاعدة بعد انتهاء مهمتها في افغانستان، ومع داعش بعد انتهاء مهمتها في سوريا والعراق.. وكلا الجماعتين، عمل المخططون الدوليون على اخراجهما من مكان تجمعهما، ونشرهما في حيز جغرافي واسع جدا، فتت من خلاله جمعهما، وسهل عملية القضاء عليهما..
الجدير بالذكر انه كان السؤال دوما عن مصير الجماعات المسلحة الاجنبية في سوريا، وكان الجواب دوما، انه لا يوجد حل له، فلا دولهم تقبل بعودتهم باعتبارهم "ارهابيين" يشكلون خطرا على امن دولهم، ولا الدول التي هم فيها، تقبل ببقائهم للسب ذاته، ولا حتى دول اخرى يمكن ان تستقبلهم.. فلذلك "المحرقة" هي افضل إخراج لمصيرهم.
بحسب المصادر فان المعارضة المسلحة السورية، تضم عشرات الفصائل، تختلف مشاربها ومآكلها الفكرية والعقدية والسياسية، من الاسلامية المتنوعة الى العلمانية. لم يوحدها الا هدف اسقاط النظام. لكن بعد اسقاط النظام، ما هو هدفها؟ بالتأكيد ليست موحدة على هدف، وهذا ما سيشعل الاقتتال بينها.
ما صدر عن هذه الجماعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، عبر عن التناقض، فبعضها داس علم "الثورة" وبعض اخر تهجم على الجولاني، وطالبه باطلاق سراح سجناء القاعدة، وبعض ثالث توعد بتحرير الكعبة والمدينة..الخ.
ثم جاء الاعلان من الادارة الانتقالية للجماعات المسلحة في سوريا، بانه سيكون هناك جمع للسلاح من كل الفصائل، للانضواء تحت راية وزارة الدفاع والقوات المسلحة.. من اتخذ القرار هي هيئة تحرير الشام، حيث بدأ الحديث بين الجماعات عن تفردها بالقرار دون التشاور مع الجماعات الاخرى، فالجولاني عين رئيس حكومة انتقالي ووضع علم الهيئة في جلسة حكومية، وبدأ يتفرد بالقرار الاستراتيجية للبلاد.
لم تعلن الجماعات المسلحة المنضوية في المعارضة عن موقفها من قرار تسليم السلاح بعد، ولكن خبراء يوكدون ان بعضها لن يقبل، وهذا ما قد يؤدي الى حدوث اشتباكات ومعارك، قد تتحول الى حرب اهلية، يتقاتل فيها الموحَدون اليوم على اسقاط النظام. وهذا يعني ان التدمير والتآكل، سيضعف هذه الجماعات، وتظهر امام المجتمع الدولي وامام مشغليها اللوجستيين، انها غير قادرة على الامساك بالحكم والسيطرة على الامن في البلد. حيهنا سيتولى المخَططُ الدولي تقديم فريقه للحكم، فريق يتأنق ربطات الاعناق والبدلات الحديثة ويدخن السيجار، باعتباره "المنقذ الديمقراطي" المدعم من الغرب المحافظ على الحقوق والحريات. في ذلك الوقت، لن تجد الجماعات المسلحة حاضنة اجتماعية كما حصل عند دخولها الى دمشق بالامس، بل ستكون الحاضنة تحولت الى الفريق الغربي الذي سيوفر لهاما عجزت عنه هي. وستقدم المعونات للفريق ليبثت قدرته على تحقيق "المعجزات" بمعاونة الغرب وحلفائه.. والنماذج موجودة في دول عربية اخرى، ضربها "ربيع التغيير"
الفريق الحاكم المحسوب على الغرب، ستكون مهمته، تأمين مصالح الغرب و"اسرائيل" اولا ، ولا يعني ان الحكام الجدد الان لا يؤمنون)، بل تامين عن تأمين يفرق، خصوصا وان حكام اليوم "الاسلاميين"، سيكونون محرجين في توقيع اتفاقيات تطبيع مع الاسرائيلي.
اشارة اخرى.. ان الكل يعلم ان الدعم العربي لحكام " الاسلام السياسي" الجدد في سوريا، غير مريح بالمطلق، لبعض الدول العربية التي يوجد فيه اسلام سياسي ويشكل مخاطر على انظمتها، مثل الجارة الاردن والجارة الابعد قليلا مصر والامارات وغيرها..ووجود هؤلاء الحكام في السلطة لا يتماشى مع مصالح هذه الدول، فلذلك، هذه الدول لن توفر الدعم المطلوب، لا ماديا ولا معنويا لهم، خشية ان يستقووا عليها، ويشكلوا خطرا على انظمتها كون فيها من الاسلام السياسي ما فيها. ولهم في مصر وتونس عبرة.
حمى الله سوريا واهلها وصانها من كل اذى.
د حكم امهز