العالم – ضيف و حوار
وإليكم أجزاء من هذا الحوار.. علماً أن بإمكان المتصفحين الاطلاع على اللقاء بالكامل من خلال الفيديو المرفق.
العالم: ماذا يعني أن تكوني بنت قائد جهادي عظيم بهذا المستوى، قدم كل هذه التضحيات للمقاومة؟
خديجة فؤاد شكر: عمليا أنا بنت عائلة مجاهدة، لأن كل العائلة كلها بأجملها تعتبر بهذا الخط، ومثل الوالد للوالدة أيضا دور في التربية على هذا النهج المقاوم، وفيه نوع من المفخرة، إضافة إلى أن هناك نوع من الجهاد المشترك، هناك صعوبات ومحاذير كثيرة ولكن الله يمن عليك بأن تكوني بهكذا عائلة، وبكنف هكذا والد، عنده هذه القدرة على أن يعمل بحياته عملا مشتركا بين الجهاد والتربية على هذا الخط الذي كان من أولوياته، فهو شرف كبير، ونوع من المشاركة بالجهاد، كان لي حظ كبير أنني أتواجد بكنف والد من هذا النوع.
العالم: موقع كموقع الوالد بما يتحمله ويحيط به من مسؤولية أمنية عالية.. إلى أي مدى تعتبري أنه يحرمك أو يسلب منك أن تعيشي مراحل في حياتك قد لا يتسنى لك بأن تعيشي تفاصيلها بينما في الحياة العادية تحظى بها أي فتاة؟
خديجة فؤاد شكر: عندما تكوني عائشة في كنف والد بهذا المستوى تكون هناك محاذير أمنية كثيرة، ومحاذير لها علاقة بوقته وبالوضع الأمني، هذه الأمور رافقتنا منذ أن كنا صغاراً جداً، فلنقل هي لم تسلب منا شيئا معينا بل وضعت ضوابط لحياتنا، منذ كنا صغارا كانت لهذه الضوابط علاقة بقدرتنا على التواصل مع والدنا والشوق الدائم الذي كان يمتد لشهور وعدم تواجده بكثير من المواقف التي تحب البنت أن يكون والدها معها.. حرماننا من أن نكون معه بالعلن، وعدم حضوره في مناسبات مهمة، وعدم القدرة على الظهور مع الوالد علنا، بمواقف كثيرة كنت أحب أن يكون فيها.. مثلا تخرجي أو حفلات المدرسة أو أعياد الميلاد أو حفلات الزواج، والتواجد ببعض المواقف التي تعتبر عائلية، عادة أتذكر أنني كنت أنظر إلى البنات التي يشتري لهن آبائهن أغراض ويكونون معهن في المحلات.. أو كيف يكون رأي الولد بهذه أو تلك.. تحرمي من قضايا معينة وتوضعي في سقف معين للمحاذير الأمنية والأمور التي لها علاقة بالتوقيت الذي كنا نرى فيه الوالد والكيفية.. ولكن كل هذا مع تفاصيل كثيرة أخرى كانت صعبة بحياتنا، ولكن كانت الوالدة قد هونت من هذه الأمور كثيرا علينا، بالمقابل أنت تحظي بأمور كثيرة، أولا أنك بقرب شخص ألمع ونموذجي بهذه الطريقة، وهو يغدق عليك دائما بفكره وتكتيكه بالحياة، هو كان يستخدم استراتيجيته بالتفكير والجهاد والمقاومة والتحضيرات.. كان أيضا يستخدمها بموضوع التربية أيضا، كان يعلمنا كيف نمشي مسار حياتنا، وكانت هذه حضوة على أن تكون لك هذه الإمكانية بأن تسمعي قصص شهداء، وتكوني على اطلاع من الداخل على هذا المسار بهذه الحياة، لا تنظرين إلى مسار المقاومة من الخارج، بل تعيشينه من الداخل، رغم أنك تعرفين صعوباته ولكنك تبقين عارفة أيضا بشكل كامل أن الذي تتشربيه من هكذا والد يجعلني أن أكون محظوظة، الأثمان الصعبة التي كانت تندفع بسبب الحياة الأمنية والوضع الذي كان موجودا.. لكن الذي كسبته بحياتي مع الوالد أكبر بكثير، وهو الذي يجعلني فخورة أكثر وفرحة بما حصلت عليه حتى لو كان ثمن هذا هي المحرومية.
العالم: نحن فعلا نغبطك على أانك عاصرت وعايشت وكان لديك فعلا الفرصة لتسمعين من هذا الإنسان المناضل المعطاء.. ولكن عندما استشهد الشهيدالسيدمحسن.. السيدفؤاد شكرا كانت خديجة قبل ذلك تكتب مقالات في صحف لبنانية دون اسم، وأحيانا بتوقيع "خديجة".. المرة الأولى التي كتبت مقالا باسمك الكامل كان بعد استشهاد الوالد بعبارة "الآن صار بإمكاني كتابة اسمي كاملا خديجة فؤاد شكر".. ما الفرق ما بين خديجة وخديجة فؤاد شكر أمام الناس؟ ما الذي كان يمنعك بأن تكتبي باسمك الكامل ولا تخرجين إلى العلن؟
خديجة فؤاد شكر: خلال حياة الوالد أنا كنت أسعى لأحصل على معلومات وتحليلات وتجميع المواد التي لها علاقة بموضوع خط المقاومة والملفات التي كانت كان هدفها دائما إرهاب العدو وتحذيره وتطمين الصديق، بهذه الفترة أي أحد كان ممكن أن يعرف الصلة بين خديجة والسيد محسن كان قد يبدو إليه أن هذا الكلام من السيد محسن أو يؤخذ على محمل أنة رسالة، وهذا ما لم يكن الوالد يريده الوالد أبدا ولم يكن يرضى فيه، وأنا أيضا بطبيعة الحال لم أكن أحب أن أبين أنني استقي معلوماتي كوني قريبة من مركز قيادي، رغم أقلية الأشخاص الذين يعرفوننا دوما كان في بالنا خاصة بعد 2015 حيث أصبح اسمه معروفا.. نحن كنا نحاول أن نخفي الإسم بشكل عام في حياتنا.. فكيف إذا طلعنا على الإعلام؟ بقيت الفكرة أنني أبقى أكتب كشخص يستند على دراسته السياسية وعمله الإعلامي وليس استنادا لرأي هذا القائد الذي هو الوالد، من هنا كانت فكرة أن أبعد عن نفسي أنني خديجة فؤاد شكر.. بل أنا خديجة، حاليا أنا أشتغل مثلي مثل كل الذين من جيلي، لأننا نحاول أن ندخل الإعلام كوحدة من أدوات المقاومة بالميدان في السنين التي قطعتها.
العالم: هل كنت تعلمين بحيثية موقع الوالد وبالمسؤولية التي يشغلها وحجم هذه المسؤولية؟ أم أن معلوماتك عن حجم المسؤولية كانت أنه ضمن هذا الخط.. ولكن ليس بهذا القدر من المعلومات عن تحمل عبء المسؤولية الكبرى؟
خديجة فؤاد شكر: في السابق لما كنا أصغر ما كنا نعرف أي شيء، حتى أنني أذكر أنه كان يصير هناك غياب لمدة شهور وكانت الوالدة حريصة جدا بأن تتعاطى مع الموضوع بطبيعية وأريحية.. وأن مثل والدي مثل أي أحد آخر هو مسافر ومشغول وغائب.. المحاذير الأمنية كانت تجعلنا نعرف أن مثله مثل أي أحد من آباء أصدقائنا الذين كنا نعرف أنهم في العمل المقاوم منذ صغرنا حتى يستشهدوا.. مر الكثير حتى صرنا نعرف أن والدنا له موقعية ومسؤولية معينة، حقيقة أننا سبق وأن سالته في عمر معين.. خاصة لما دخلنا على عالم العمل.. نسمع الطريقة بالتبجيل في الكلام عن الوالد.. سألته مرة من المرات وكان جوابه واضح "أنا ماذا أعني بالنسبة لك؟" قلت له أنت والدي "ماذا تفرق صفتي أو موقعي عندك؟" قلت له طبعا لا يفرق شيئا.. كان لديه قولا كان يردده دائما أن الفرق في الموقعيات داخل حزب الله وفي تكوين المقاومة هو لتنظيم العمل فقط.. وإلا المجاهدين كلهم مجاهدون، حتى سماحة السيد والوالد والإخوان الآخرين كلهم.. كل الذين يشتغلون بالمقاومة هم مجاهدين، هذة التراتبية العسكرية هي للتنظيم وللتسهيل، وليصبح هناك تواصل، ولتسهيل أخذ القرار بطريقة معينة.. كلنا ننصب تحت الولاية وننصب في الجهاد، إستغرق كثيرا حتى عرفت أن الوالد يحتل موقعية معينة، ولا أريد أن أقول إنني تفاجأت حينما تحدث السيد بكثير من الأمور.. ولكن نعم نحن إلى وقت متأخر ظل الوالد قد أبقى تفاصيل كثيرة مخبئة ولا يتكلم عنها، وكنا نسمع عن الوالد فقط من خارج المنزل.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..