العالم - فلسطين
وأفاد شهود عيان أنّ الهجوم تمّ التخطيط له من قبل مجموعة من المستوطنين اليهود بمساعدة غير مباشرة من "جيش الاحتلال الإسرائيليّ"، الذي لم يكن موجودًا في مكان المجزرة.
يعلق المسلمون أهمية كبيرة على المسجد الإبراهيمي لأنهم يعتقدون أنه بني على موقع قبر النبي إبراهيم، كما يقدس المستوطنون المكان كما يسمونه مغارة البطريرك لاعتقادهم أنّ قبر النبي إبراهيم وزوجته سارة يقعان في كهف أسفل المسجد.
صحيفة (هآرتس) العبريّة، كانت قد نشرت خبرًا عن قيام وزير التعليم الإسرائيليّ السابِق، الحاخام والمُستوطِن العنصريّ، رافي بيريتس، بتنظيمٍ حفلٍ في مُستوطنة (غفعات شموئيل) داخل ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر لتكريم الحاخام يتسحاق غينزبورغ، الذي عبّر عن تأييده للإرهابيّ باروخ غولدشتاين، مُنفِّذ مذبحة الحرم الإبراهيميّ الشريف في مدينة الخليل المُحتلّة عام 1994، والتي راح ضحيتها 29 مصليًا عربيًا فلسطينيًا، وأُصيب أكثر من 150 بجراحٍ مُتفاوتةٍ. ويوم أمس الجمعة، الـ25 من شهر شباط (فبراير) حلّت الذكرى الـ28 للمجزرة الرهيبة، التي نفّذها الطبيب المُجرِم المولود في أمريكا عام 1956.
لقد اختار غولدشتاين يومًا ذا مغزى في تاريخ أمتّه، يرمز إلى انتقام اليهود من أعدائهم شر انتقام، وهذا ما دفع البروفيسور الصهيونيّ، يسرائيل شاحاك، إلى التساؤل بإنكار، إذ جاء على لسانه: هل من قبيل الصدفة فقط أنْ قام غولدشتاين بقتل ضحاياه في عيد البوريم اليهوديّ، وهو بالعربيّة عيد المساخر.
خ
سار خلف الجنازة ألف شخص من المشيعين الصهاينة المعجبين المتحمسين لما فعله، جنازة سمع خلالها أصوات تردد: “يا له من بطل”، “يا له من رجل صالح، لقد فعل ذلك نيابة عنا جميعًا، كما قال آخر: “إنّ الشهيد باروخ جولدشتاين هو منذ الآن شفيعنا في الفردوس”، و”سوف يرث اليهود الأرض ليس من خلال معاهدة سلام ولكن فقط من خلال إراقة الدماء”.
كلّ هذا وحرس الحدود والشرطة، والشرطة السرية سائرين معهم حامين خطاهم، ليقوم الجيش بعدها بتوفير حرس شرف لمقبرة جولدشتاين الذي أصبح مكانًا يحج إليه، وهذا التأييد وذاك الإعجاب بالقاتل غولدشتاين، لم يتوقف، كما أوضح المفكر الإسرائيليّ، البروفيسور يسرائيل شاحاك على الأصوليين اليهود فقط، بل تعداهم ليصل إلى الإسرائيليين العلمانيين وإلى يهود أمريكا أيضًا.
ووجب التذكير في هذه العُجالة أنّ الكاتب الإسرائيليّ، يوفال كاتس، أورد في مقال نشر في 4 آذار (مارس) عام 1994، في صحيفة (جيروزاليم بوست): كان التعليق الشعبي السائد هو: “بالطبع، يجب لوم غولدشتاين، فقد كان يمكنه الهرب بسهوله وفعل الشيء نفسه في أربعة مساجد أخرى، ولكنّه لم يفعل”.
هذه المجزرة ارتبطت بمناسبة وطنية دينية لكيان الاحتلال بجانبيها الأصوليّ والعلمانيّ، ارتباطًا أظهر مزيدًا من ابتهاج كثير من الإسرائيليين، كما أظهر في جانب آخر قلق بعضهم.
لقد سطرت الكاتبة الإسرائيليّة أفيراما جولان مقالاً بالغ الأهمية نشر في صحيفة (هآرتس) العبريّة يوم 28 (شباط (فبراير) عام 1994 تحدثت عن كيفية انتشار أخبار هذه المذبحة ومنفذها، ومن ذلك حديثها عمّا حدث في اليوم التالي للمذبحة، وذلك على أرض إستاد (ياد إلياهو)، بتل أبيب، وهو أكبر إستاد رياضي في الاحتلال، أثناء إحيائهم لحفل غناء فقد حدث أنْ قام أحد مواطني كريات أربع بإلقاء خطابٍ أشاد فيه بالقاتل فكان ممّا قال: “ذلك الرجل الصالح والطبيب المقدس، د. جولدشتاين الذي أدى لنا خدمة جليلة واستشهد في العملية”، على حدّ تعبيره.
وما زالت المجازِر تُرتكَب بحقّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ.
"رأي اليوم" *زهير أندراوس