العالم - مقالات وتحليلات
فمن المؤكد أن هاتفه "لا يرن" كثيرا هذه الأيام باستثناء من قبل المحامين الذين يعكفون على مراجعة ملفات 60 قضية مرفوعة ضده في المحاكم الأمريكية، فقد انفض الجميع من حوله، بما في ذلك من ادعوا الولاء له من أفراد طاقمه، وحتى بعض أفراد أسرته، أما وسائل التواصل الاجتماعي التي أدمن التغريد على صفحاتها، فيلفها الصمت حاليا، بعد أن تبرأت منه، واعتبرته عبئا لا تريد تحمل تبعاته وأغلقت جميع حساباته.
ترامب، ورغم كل ما ذكرناه آنفا ربما لن يختفي من المشهد كليا وسيظل محور العديد من العناوين الصحافية الرئيسية والقصص الإخبارية المثيرة في نشرات الأخبار التلفزيونية، خاصة بعد أن تحول إلى "شهيد" في نظر الملايين من أتباعه العنصريين الذين قد ينضم معظمهم، إن لم يكن كلهم، إلى حزبه "القومي" العنصري الفاشي الجديد الذي يعد بتأسيسه في المستقبل المنظور.
كان مفاجئا أن ابنته إيفانكا التي عملت إلى جانب زوجها جاريد كوشنر كمستشارين له في البيت الأبيض، كانا من بين الذين هربوا من سفينته الغارقة، فالسيدة إيفانكا رغبت المشاركة في حفل تنصيب جو بايدن في البيت الأبيض، حتى تظل تحت الأضواء، في إطار خططها لدخول المعترك السياسي، وخوض الانتخابات القادمة مرشحة لمقعد في مجلس النواب أو الشيوخ.
ومن غير المستبعد أن تنضم إلى عضوية حزب والدها القومي الجديد، إذا جرى السماح له بتشكيله، أما زوجها كوشنر الذي كان من أكثر الشخصيات غير المحبوبة في الولايات المتحدة فإن فرصه بالفوز بمقعد في الكنيست الإسرائيلي كبيرة جدا بحكم الخدمات التي قدمها لكيان الاحتلال الإسرائيلي في سنوات عمه (حماه) في البيت الأبيض، وأبرزها إجبار عدة حكومات عربية على توقيع سلام “أبراهام”، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، ورسم خطوط صفقة القرن وتسويقها عربيا والقائمة تطول.
ترامب عاقد العزم على تقسيم أمريكا، وإقامة امبراطوريته العنصرية البيضاء في الولايات التي صوتت له، وهو يعد حاليا لإصدار تلفزيونه الخاص، وعدة محطات إذاعية، وربما وسائل اتصال جماهيري خاصة به وأتباعه ومن لف لفهم، ألم يقل بأنه عائد إلى السلطة بطريقة أو بأخرى، ولا نستغرب أن يقيم له بيت أبيض جديد.
إذا سارت الأمور وفق ما يريد، ولم ينته مدانا معزولا من قبل الكونغرس أو خلف القضبان في واحدة أو أكثر من القضايا الجنائية المرفوعة ضده.
لا نعرف كيف يشعر العديد من الحكام والمسؤولين العرب الذين وضعوا كل بيضهم في سلته، وقدموا له مئات المليارات من أموالهم، ونفذوا إملاءاته في الدقائق الأخيرة من ولايته، وارتكبوا إثم التطبيع مع دولة الاحتلال، وفتحوا أبواب عواصمهم للسياح ورجال الأعمال الإسرائيليين، واستوردوا منتوجات المستوطنات الزراعية والصناعية وجعلوا من الضحايا الفلسطينيين عدوا لهم، والمغتصبين الإسرائيليين الصديق الحليف، الأمر المؤكد أنهم يعضون أصابع الندم، ويبحثون عن مخارج من هذه الورطة، خاصة بعد أن جربوا بعضا من “محاسن” الغزو السياحي الإسرائيلي.. والله أعلم.
رأی الیوم