العالم - مقالات
جاءت قمة فيتنام الفاشلة بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون والرئيس الامريكي دونالد ترامب بعد ستة اشهر من القمة الاولى التي جمعت الرجلين في سنغافورة.
كشفت حينها بيونغ يانغ كذب ترامب حول اسباب فشل القمة بقوله ان كيم أون طالب برفع العقوبات التي تفرضها امريكا على بلاده في مقابل تفكيك مجمع "يونغبيون" النووي ، بينما الحقيقة ان كوريا الشمالية عرضت خلال القمة تفكيك مجمع "يونغبيون" النووي مقابل رفع بعض العقوبات لا كلها ، على أن تتخذ بيونغ يانغ خطوة أخرى إضافية غير تفكيك مجمع يونغبيون النووي.
حقيقة ما جرى في هانوي كشف للقيادة الكورية الشمالية ، ان ادارة ترامب تتعامل بمنطق البلطجي ، فهي تذهب الى التفاوض ، تحت ضغط التهديد والوعيد ، وعلى مبدأ رابح – خاسر ، اي ان تحصل على كل شيء دون ان تقدم شيئا ، وحتى لو قدمت شيئا ، فمن غير المؤكد انها ستنفذه او تلزم به.
ان التجربة الايرانية مع الادارات الامريكية المتعاقبة وخاصة ادارة البلطجي ترامب ، تجربة مريرة ، فامريكا لم تحترم حتى توقيعها على تفاقية دولية مثل الاتفاق النووي مع ايران ، الذي وقعته الى جانب خمس قوى كبرى في العالم ، مازالت ملتزمة الى جانب ايران بالتفاق ، ترى من الذي سيجعلها تلتزم لاتفاقية منفردة مع كوريا الشمالية؟.
الاسباب التي دعت ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي ، لخصها وزير خارجيته ماك بومبيو في النقاط الاثنتي عشرة التي ما انفك يجترها ، وهي بالمجموع دعوة ايران للاستسلام ورفع الراية البيضاء امام الغطرسة الامريكية ، رغم ان العالم اجمع وفي مقدمته حلفاء امريكا في الغرب ، بالاضافة الى التقارير المتتالية للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، تؤكد على ان البرنامج النووي الايراني سلمي بشكل كامل ، وان ايران ملتزمة بالاتفاق النووي بحذافيره.
انه منطق الكابوي الامريكي ، الذي لا يحتكم الا الى قوة سلاحه في التعامل مع الاخر ، ويفضل ان يكون هذا الاخر ميتا ، فهذه امريكا التي فاوضت ايران بالامس ، وتفاوض كوريا الشمالية اليوم ، نراها لا تتحمل حكومة وصلت الى السلطة عبر الانتخابات والاليات الديمقراطية ، وتسعى لاسقاطها حتى عبر التهديد بالغزو ، مثل فنزويلا ، ترى هل ستتحمل وجود نظام يساري في كوريا الشمالية ، بالقرب من حليفتيها كوريا الجنوبية واليابان ، حتى لو تنازل هذا النظام عن ترسانته النووية.
ماجد حاتمي / العالم