العالم- تقارير
لم تتوقف التظاهرات في العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من الولايات على اثر خطاب الرئيس السوداني عمر البشير وإعلانه حالة الطوارئ وحل الحكومة، اذ شارك الآلاف في تظاهرات بأم درمان، وأحياء عديدة، مثل بحري والمزاد والشعبية وشمبات، في العاصمة الخرطوم، وسط هتافات تطالب باسقاط النظام، فيما رفع متظاهرون لأول مرة شعار، " شعب واحد.. جيش واحد".
وتداول ناشطون صورا وفيديوهات لتظاهرات في منطقة امبدة، أكبر المناطق الشعبية بالعاصمة، وأكثرها اكتظاظا بالسكان، واحياء "الكلاكلة والعزوزاب"، جنوبي الخرطوم، وحي الدناقلة بمدينة بحري.
كما نشر حزب المؤتمر السوداني المعارض، على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، فيديو لخروج مواطني حي شمبات بمدينة بحري بمظاهرة للمطالبة برحيل نظام البشير.
وكان تجمع المهنيين وتحالفات المعارضة، أعلنت رفضها لقانون الطوارىء، معلنة أنها ستجابهه إلى حين اسقاط النظام.
وأعلن الرئيس السوداني يوم الجمعة الماضي في خطاب، حالة الطوارئ وحل الحكومة، لكنه لم يذكر في خطابه شيئا حول التخلي عن موقعه في رئاسة الحزب الحاكم أو الترشح لانتخابات 2020، باستثناء دعوة للبرلمان لتأجيل النظر في التعديلات الدستورية المزمعة ودون تحديد سقف زمني لهذا التأجيل المطلوب.
وكرّس البشير في خطابه حول حوار جديد على أساس وثيقة الحوار الوطني، والتعهد باتخاذ تدابير جديدة لم يكشف عنها لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وإشارات حول الجيش ودوره في المشهد الوطني كحامي وضمانة للاستقرار.
خطاب الرئيس البشير رغم لغة التودد التي لازمته بإعلانه الانحياز التام للشعب السوداني الا ان المتظاهرين والأحزاب المعارضة تري في الخطاب محاولة لتهدئة الشارع وتثبيت دعائم حكمه.
الرئيس السوداني أكد في خطابه انحيازه للشباب في تحقيق تطلعاته وآماله، لكن غالبية هؤلاء الشباب يَرَوْن ان هذا مجرد حديث لا يلازمه فعل.
وفي السياق نفسه، طالب الرئيس السوداني، اليوم الأحد، رئيس الوزراء الجديد وحكام الولايات السودانية الـ"18" بتكوين حكومات ذات كفاءات والابتعاد عن المحاصصة السياسية.
وأدى القسم الدستوري أمام الرئيس السوداني عمر البشير، النائب الأول وزير الدفاع المكلف، عوض بن عوف، ورئيس الوزراء الجديد، محمد طاهر إيلا وحكام "18" ولاية سودانية.
وظهر البشير إلى جانب النائب الأول، وحكام الولايات بالبزة العسكرية، في إشارة إلى كونها حكومة عسكرية، مؤكدا في كلمة أمام المسؤولين الجدد بالقصر الرئاسي في الخرطوم، أن المرحلة الحالية تتطلب وجود عسكريين على رأس الولايات للعمل على إعادة وضمان الأمن والاستقرار فيها.
من جانبه قال رئيس المكتب الإعلامي لحزب المؤتمر الشعبي صديق محمد عثمان، إن القرارات الرئاسية الأخيرة لم تكن كافية، وإن حل الحكومة كان القصد منه برأيه "فتح المشهد السياسي على كل الاحتمالات وإكمال إدخال الجيش في العملية السياسية".
وأشار إلى أن إعلان الطوارئ، وتوكيل العسكريين بإدارة الولايات، يعني أنه جعل المشهد السياسي في يده، وهو من يقرر فيه، وليس حزب المؤتمر الوطني.
ولفت إلى أن هذه القرارات امتداد طبيعي للصراع بين البشير وحزبه والذي بدأ في 2012 مرورا بتظاهرات 2013 ما أجبر الرئيس بعدها على عمل تغيرات كبيرة في السلطة والحزب، غير أنه اتضح له لاحقا أنه لم يكسب المعركة الداخلية بالكامل.

ويشهد السودان منذ أكثر من شهرين حركة احتجاجية شبه يومية إثر قرار الحكومة رفع سعر الخبز، وسرعان ما تحولت هذه الحركة إلى مظاهرات تطالب بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات، سقط اكثر من 31 قتيلا وفقا للإحصاءات الحكومية، و51 قتيلا بحسب المعارضة ومنظمات حقوقية.
ومع تواصل رفض الرئيس السوداني عمر البشير أي مبادرات للحل تتضمن تنحيه عن السلطة، لوحت واشنطن بقائمة الإرهاب، وحذر مسؤول أميركي بارز من أن العنف المفرط الذي تستخدمه قوات الأمن السودانية يمكن أن يهدد محادثات شطبها من قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب.
ومع استمرار مسلسل الإحتجاجات في السودان يرى بعض المحللين أن عمر البشير سوف يقاتل على مقعده حتى آخر رمق، خاصة مع قناعته أن نظاما صقلته الحرب لن يطيح به الهتاف، ولكن المدى الذي ستذهب إليه الاحتجاجات لا يمكن التنبؤ به.