مظاهرات "الشانزليزية" على أبواب "الإيليزيه"

مظاهرات
الأحد ٢٥ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٢٩ بتوقيت غرينتش

استخدمت الشرطة في العاصمة الفرنسية باريس، السبت، الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق متظاهرين يحتجون للأسبوع الثاني على رفع أسعار الوقود، كما خرجت مظاهرات في مدن أخرى بأنحاء فرنسا، منها ليل وليون وبوردو.

العالم-تقارير

وشهدت باريس أمس تحولا في حركة الاحتجاج بعدما تخللتها اشتباكات ومناوشات عنيفة بين قوات الأمن وآلاف المتظاهرين الذين وفدوا من كل المدن الفرنسية إلى باريس للتنديد بفرض الحكومة سلسلة من الضرائب باتت تثقل كاهل المواطن الفرنسي.

واندلعت اشتباكات في منطقة الشانزليزيه حيث حاول متظاهرون اختراق طوق أمني فرضته الشرطة حول مواقع حساسة.

وتجمع نحو 5000 متظاهر في المنطقة. واعتقلت السلطات 130 شخصا على الأقل بعد الاشتباكات وهناك أنباء عن مقتل شخصين و جرح 600 أخرين خلال الإشتباكات.

وفي السبت الماضي، خرج نحو 280 ألف متظاهر في أكثر من 2000 موقع في شتى أنحاء فرنسا.

ووصف المنظمون احتجاجات اليوم بأنها "المرحلة الثانية" من حملتهم المتواصلة.

وأقام بعض المحتجين متاريس ورشقوا أفراد الشرطة بالحجارة والألعاب النارية، وهم يرددون شعارات تطالب الرئيس إيمانويل ماكرون بالاستقالة.

وتعترض الحملة، المعروفة باسم احتجاجات "السترات الصفراء" نسبة إلى السترات التي يرتديها المتظاهرون، على زيادة الرسوم على وقود الديزل.

غليان شعبي
بحسب المصادر، هتف المتظاهرون، طيلة اليوم "فلتسقط الحكومة ولتسقط سياسة ماكرون الجبائية". وأوضح بعضهم كيف أنه رغم عمله منذ عشر سنوات في شركة للتأمين واعتباره من الطبقة المتوسطة فإن سياسة زيادة الضرائب التي تنتهجها حكومة ماكرون أصبحت تقض مضجعه وتضيق عليه معيشته.

وقال بعض أخر "لن نغادر الميدان حتى تستجيب الحكومة لمطالبنا، ويعرف الرئيس أن الشعب الفرنسي حي ولا يمكن إخضاعه".

اما جاك ريمون، متقاعد في عقده السبعين، شارك بدوره في مظاهرات باريس، ولم يرهبه الإنزال الأمني والاستخدام المفرط لقوات الشرطة للغاز المدمع لتفريق المتظاهرين على طول كبرى شوارع باريس للحيلولة دون وصولهم للشارع الرئيسي الذي يؤدي إلى قصر الإليزيه.

متقاعد فرانسي معاشه لا يكفي للعيش

ويقول ريمون، إن الهدف من حضوره إلى جانب آلاف الشباب هو التعبير عن سخط الشعب الفرنسي بكل مكوناته الاجتماعية ومن كل الأعمار من السياسات الليبرالية لحكومة ماكرون منذ عامين. يروي ريمون كيف أنه وجد نفسه مجبرا على طلب المساعدة المالية من أبنائه لأن معاشه لا يكفي للعيش بكرامة.

حركة "السترات الصفراء"
وقد رأت حركة "السترات الصفراء" النور على يد مواطنين عاديين عبّروا عن تذمرهم من زيادة رسوم الوقود، وسرعان ما تحولت لحركة احتجاج شعبية عمت مختلف أنحاء البلاد تجاوزت أكثر من 2000 تجمع، دعت للخروج في مظاهرات، إضافة إلى قطع الطرقات لشل حركة البلاد. هذه الحركة  لم تخرج من عباءة الأحزاب ولم تنجح النقابات في احتوائها من خلال تبني مطالبها.

ويرى الخبراء، أن مظاهرات السبت وأعمال العنف التي تخللتها تعد تحولا خطيرا وتحديا أمنيا غير مسبوق تواجهه الحكومة منذ تولي ماكرون السلطة قبل عامين، وهو ما ينذر بمزيد من التصعيد والمواجهات.

ويعتقد المراقبون، أن الحكومة باتت في موقف لا تحسد عليه، يتأرجح بين اللجوء إلى العنف واستخدام القوة لفض بعض التجمعات غير المرخص لها، والدخول في مسلسل تفاوض مع حركة السترات الصفراء.

رد فعل الحكومة

هاجم الرئيس الفرنسي المحتجون و قال: "يجب ان يخجلوا...لا مكانة للعنف في فرانسا" 

كمااتهم وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستنير المتظاهرين و قال أنهم متأثرون بمارين لوبان زعيمة حزب "المسيرة الوطنية" اليميني المتطرف. لكن لوبان اتهمت وزير الداخلية بعدم الأمانة.

وكتب ماكرون، على "تويتر": "أشكر رجال الأمن على شجاعتهم واحترافهم، والعار للذين اعتدوا عليهم، وأساؤوا للمواطنين والصحفيين، وحاولوا تخويف المسؤولين المنتخبين. لا مجال لهذا العنف في الجمهورية".

ما وراء الاحتجاجات؟

ارتفعت أسعار الديزل، وهو الوقود الأكثر استعمالا في السيارات الفرنسية، بنسبة تقارب 23 في المئة على مدى الشهور الإثني عشر الماضية، بحيث بلغ سعر اللتر 1.51 يورو، وهو أعلى سعر يصله منذ عام 2000.

وكانت أسعار الوقود قد ارتفعت في الأسواق العالمية ثم عادت للانخفاض، لكن حكومة ماكرون رفعت ضريبة الهيدروكربون هذه السنة بقيمة 7.6 سنت للتر الواحد للديزل و 3.9 سنت للبنزين، في إطار حملة لتشجيع استخدام السيارات الأقل تلويثا للبيئة.

وينظر المحتجون إلى قرار فرض زيادة أخرى بقيمة 6.5 سنت على سعر الديزل و2.9 سنت على سعر البنزين على أنه القشة التي قصمت ظهر البعير.

وألقى الرئيس الفرنسي باللوم على ارتفاع أسعار النفط في ثلاثة أرباع القيمة التي ارتفعت بها أسعار الوقود. كما أشار إلى وجود ضرورة لفرض مزيد من الضرائب على الوقود الأحفوري لتمويل الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة.