مؤتمر هرتسيليا: تحديات ومخاوف صهيونية من مستقبل غامض

مؤتمر هرتسيليا: تحديات ومخاوف صهيونية من مستقبل غامض
الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠١٦ - ٠١:٤٧ بتوقيت غرينتش

للسنة السادسة عشرة ينعقد في الكيان الاسرائيلي مؤتمر هرتسيليا المخصص للبحث في مستقبل الكيان والتحديات التي تواجه الصهاينة.. وكما هو معلوم فان هذا المؤتمر يعتبر المنصة الرئيسية لرصد التحولات والتوجهات لدي صانعي القرار في الكيان الاسرائيلي.

وكالعادة فقد حضرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب حزب الله في كل الكلمات التي ألقيت في المؤتمر الذي يشكل منبرا لما يسمي "النخبة" الفكرية والثقافية والسياسية والعسكرية الصهيونية، والمتعاونين معها من انظمة.. اللافت هذا العام أيضا تخصيص جلسات لتسليط الضوء على التحديات والأخطار التي تشكلها حركة المقاطعة الدولية للكيان الاسرائيلي والتي تعرف بالـ "BDS" وقد حذر المجتمعون من تحول هذه الحركة إلى خطر استراتيجي على "بقاء إسرائيل كدولة يهودية"، حسب وصفهم.

البارز أيضا هذا العام هو عنوان المؤتمر: "أمل إسرائيلي مشترك: رؤيا وحلم" وقد تم استلهامه من ورقة كان قدمها رئيس الكيان روؤبين ريفلين خلال العام الماضي، وتتحدث عن "حالة الوهن في الرابط الاجتماعي والوحدة داخل المجتمع الاسرائيلي.. الورقة اعتبرت بمثابة ناقوس خطر يدقه المسؤول الاسرائيلي نتيجة الأزمة العميقة التي يعيشها الصهاينة.

وقد قسم ريفلين المجتمع الصهيوني إلي ما اسماه أربع قبائل: العلمانيون والمتدينون الصهاينة والحريديم والعرب. واعتبر أن هذه المكونات تفتقر إلى ما يجمعها فعناصر الوحدة بينها تتآكل يوما بعد آخر، ما يتطلب خططا ومشاريع للمواجهة، وإلا فان الكيان الصهيوني في خطر وجودي حقيقي.

الخطر الوجودي الذي يشعر به الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين، يؤكد عليه الباحث اللبناني بالشؤون الصهيونية عباس إسماعيل وهو يشير في حديثه لوكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) إلى أن ريفلين اقترح تغيير اسم المؤتمر ليصبح «أمل إسرائيلي مشترك: نكون أو لانكون". وهذا مؤشر من وجهة نظر إسماعيل على عمق الأزمة الوجودية لدى الصهاينة.

يذهب إسماعيل إلى حد الكلام عن زلزال ثقافي تواجهه "إسرائيل".. وقد عبر ريفلين في كلمته عن هذا الواقع. فالجيش لم يعد المكان الذي يؤمن الانصهار بين مكونات المجتمع لان فئتين أساسيتين (العرب والحريديم) لا ينضمان إليه.. العرب بقرار رسمي اسرائيلي والحريديم لاعتبارات دينية.. أما النظام التعليمي في الكيان فمنقسم إلي أربع أنظمة لكل "قبيلة" نظامها الخاص. يشرح إسماعيل هذه المعضلة.. يلفت إلى أن هذا الواقع ليس جديدا، إلا أن الخطورة بدأت تظهر مع ازدياد عدد العرب والحريديم والمتدينين على حساب العلمانيين الذين شكلوا أكثرية ساحقة لسنوات طويلة ومنذ قيام الكيان الاسرائيلي.

يضيف الباحث بالشأن الاسرائيلي: أن هذه المجموعات أصبحت اليوم متوازنة من حيث الحجم ومتضاربة ومتناقضة من حيث المصالح والتوجهات والقيم والمفاهيم.. هذا الواقع يجعل "إسرائيل" بحسب إسماعيل أشبه بعربة يجرها أربعة أحصنة، كل حصان يذهب باتجاه مختلف.

يرى إسماعيل بكل ثقة ودون أي تردد أن استمرار الأمور على هذه الحالة يعني أن "إسرائيل" ذاهبة إلى الهاوية.. ويؤكد أن القادة الصهاينة يدركون هذا الأمر، من هنا يأتي التركيز على هذه القضية في هرتسيليا وهو احد أهم المؤتمرات التي تعقد في "إسرائيل".

من التحديات التي توقف عندها المؤتمر على مستوى الشأن الاسرائيلي الداخلي: الأزمة السياسية في الكيان، إيهود باراك رئيس الحكومة السابق كان أفضل من عبر عن هذه المشكلة.. فقد حذر الأخير من أن استمرار نتنياهو بسياساته سيشكل ضربة قاضية للدولة اليهودية.

وانتقد باراك رفض رئيس الحكومة الصهيونية للمبادرات السياسية الدولية وحذر من الاستمرار في معاداة واشنطن والعواصم الأوروبية.

إلا أن العلاقات مع الدول العربية بقيت محل اهتمام كبير في المؤتمر.. يلفت إسماعيل إلى كلمة دوري غولد مدير عام وزارة الخارجية الذي كشف بدون أي تردد عن العلاقات بين "إسرائيل" وعدد من الدول العربية وعلى رأسها مملكة آل سعود، يتوقف إسماعيل عند ملاحظة وهي تعمد المسؤولين الصهاينة في الفترة الماضية الكشف عن هذه العلاقات.. يصر الصهاينة على هذا الأمر وعلى تكراره.. وهذا يعني برأي إسماعيل أن هذه العلاقات وصلت إلى نقطة اللارجعة خاصة أن أي نفي لم يصدر عن أي من الدول المعنية.

الملف السوري حضر أيضا خاصة في كلمة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الصهيوني هرتسي هيلفي.. تحدث الأخير عن أن الحرب في سوريا ستطول، إلا أن الخطير هو رفضه القضاء على "داعش" دون القضاء على حزب الله!

ويرى إسماعيل أن هذا الطرح يعكس ضعفا لدى الكيان الاسرائيلي.. ليس هذا الموقف هو الوحيد في هذا السياق، فقد هدد هيلفي بتحويل لبنان إلى "دولة لاجئين"' في حال وقعت الحرب مجددا مع حزب الله.

هذا التهديد برأي إسماعيل هو أيضا دليل ضعف.. يعترف المسؤول الاستخباراتي الاسرائيلي بأنه في الحرب المقبلة مع حزب الله سيكون جيشه في مواجهة عدو لن يكون بمقدوره التغلب عليه، إلا من خلال الضغط على المدنيين والبنى التحتية، فالمعادلات التي أرستها المقاومة أصبحت حاضرة بقوة لدى صانع القرار في الكيان الاسرائيلي.

يؤكد إسماعيل انه خلال الحرب المقبلة ستصبح "إسرائيل" أيضا دولة لاجئين، فالتقديرات الصهيونية المعلنة تتحدث عن امتلاك حزب الله لأكثر من 100 ألف صاروخ وان القبة الحديدية غير مهيأة للتعاطي معها، وان حزب الله قادر على إلحاق الأذى والدمار الهائل على امتداد جغرافية الكيان الاسرائيلي.

كرر المؤتمرون في هرتسيليا الكلام عن الخطر الإيراني وعن استمرار دعم طهران الكبير للفصائل الفلسطينية المقاومة وعن أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الخطر الاستراتيجي، لا بل الوجودي على الكيان الصهيوني.

خطر جديد توقف عنده المجتمعون في هرتسيليا.. حركة المقاطعة الدولية لـ"إسرائيل" التي شكلت محور مداولات اليوم الثالث للمؤتمر.. استعرض وزير الداخلية جلعاد اردان ما اسماه الاستراتيجية التي وضعتها وزارته لمواجهة حركة المقاطعة.. والخطط الرامية لتشويه حقيقة الحركة والعمل لوسمها بصفة المعاداة للسامية.

يشير إسماعيل إلى حالة الهلع لدى الكيان الاسرائيلي من هذه الحركة التي تتوسع في الولايات المتحدة وأوروبا وحتى في داخل المجتمع الاسرائيلي.. تبث وسائل إعلام العدو يوميا تقارير حول هذه الحركة.. وقد بدت "إسرائيل" عاجزة إلى درجة كبيرة في مواجهتها، إلا أن مداولات المؤتمر توحي بالانتقال إلى مستوي جديد من المواجهة.
 

المصدر: وكالة ارنا

103-3