موقع "Forbes" الالكتروني نقل أن مليون جندي أميركي جرحوا في العراق وأفغانستان. قناة "روسيا اليوم" نقلت أن تكلفة بقاء كل جندي أميركي في أفغانستان ارتفعت من 1.3 مليون دولار إلى 2.1 مليوني دولار في السنة.
ماتيو ج. ناسوتي كتب في صحيفة "كابول برس" أن قتل عنصر واحد من طالبان يكلف دافعي الضرائب الأميركيين 50 مليون دولار. هذا يعني أن قتل 20 عنصراً قد كلف مليار دولار. إنها حرب لا يمكن كسبها إلا بثمن هو الإفلاس الكامل للولايات المتحدة.
ويقدر جوزيف ستيغليتز وليندا بيلمز أن كلفة الحرب على العراق وأفغانستان التي دفعت حتى الآن والتي ستدفع مستقبلاً تبلغ 6 تريليون دولار على الأقل. بكلام آخر، تكلفة هاتين الحربين هي ما يفسر انفجار المديونية الحكومية الأميركية والمشكلات الاقتصادية والسياسية المرتبطة بهذه المديونية الضخمة.
ما الذي كسبته الولايات المتحدة مقابل الـ 6 تريليون دولار والمليون جندي جريح الذين بينهم كثيرون جروحهم خطرة جداً ؟
في العراق قام اليوم نظام إسلامي شيعي متحالف مع إيران بعد أن كان النظام السابق علمانياً سنياً معادياً لإيران.... وسط جو من العنف الدائم المشابه لما كان عليه الوضع عندما حاولت الولايات المتحدة احتلال العراق. ووسط تشوهات كريهة تصيب المواليد بسبب المواد السامة المستخدمة أثناء غزو العراق واحتلاله.
في أفغانستان، لم تهزم طالبان ويبدو أنها لن تهزم، وهنالك حركة نشطة لتهريب المخدرات التي تغرق الغرب. وفوق كل هذه "النجاحات" التي حققها بوش وأوباما، هنالك مطالب ترتفع في جميع أنحاء العالم بمحاسبة الأميركيين ورئيس الوزراء البريطاني السابق، طوني بلير، على ما اقترفوه من جرائم حرب. والأكيد أن سمعة واشنطن قد ساءت بفعل هاتين الحربين. ليس من حكومة في العالم هي من السذاجة بحيث تصدق كلمة واحدة مما تقوله واشنطن.
وكل ذلك يشكل تكاليف باهظة لحروب لا نجد أي تفسير لها. لقد وضع نظاما بوش وأوباما عناوين مختلفة لهذه الحروب: "حرب ضد الإرهاب"، "علينا أن نقتلهم هناك قبل أن يأتوا إلينا"، " أسلحة دمار شامل"، "ثأر لعمليات 11/9"، "أسامة بن لادن (الذي توفي بفعل أمراضه في كانون الأول/ ديسمبر 2001، الأمر الذي تناقلته تقارير كثيرة في حينه).
لا صحة لأي واحدة من هذه التغطيات. فلا طالبان ولا صدام حسين مارسا الإرهاب في الولايات المتحدة. وقد قام المفتشون على الأسلحة بإعلام نظام بوش بعدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق. ثم إن اجتياح بلدان إسلامية وقتل المدنيين فيها من شأنه أن يولد الإرهاب أكثر من أن يقضي عليه. وبحسب الرواية الأميركية الرسمية، كان كل من الذين خطفوا الطائرات في 11/9 وأسامة بن لادن سعوديين لا أفغانا ولا عراقيين. ومع ذلك، لم تتعرض السعودية للاجتياح.
لا وجود للديموقراطية ولحكومة مسؤولة عندما يكون بإمكان السلطة التنفيذية في بلد ما جر هذا البلد إلى حرب باسم أجندات سرية تتحرك خلف روايات للتغطية هي أكاذيب واضحة. ومن المهم أيضاً طرح هذه المسائل نفسها بخصوص برنامج الدولة البوليسية الأميركية. لماذا قام كل من بوش وأوباما بإلغاء حماية القانون بما هو درع للشعب وحولاه إلى سلاح بيد السلطة التنفيذية؟ وكيف يكون تمتع الأميركيين بالأمن في وقت يخسرون فيه حرياتهم المدنية؟ إن الاعتقال لمدة غير محددة ومن دون تطبيق طبيعي للقانون هو الكلمة العليا في الدولة الطاغية. إن ذلك بالضبط هو الإرهاب وليس الحماية من الإرهاب. ولماذا يتم اعتراض الاتصالات التي يجريها كل أميركي، أو يجريها معظم الأشخاص في العالم، بمن فيهم الحلفاء الأوروبيون الأكثر ولاءً لواشنطن، ثم تخزينها في قاعدة معطيات ضخمة؟ كيف يمكن لذلك أن يحمي الأميركيين من الإرهاب؟
لماذا يكون من الضروري لواشنطن أن تنال من حرية الصحافة والتعبير، وأن تدوس القانون الذي يحمي مخبرين من أمثال برادلي مانينغ وإدوارد سنودن، وأن تجرم الانشقاق والمتظاهرين، وأن تهدد صحافيين مثل جوليان آسانج وغلين غرينوالد والصحافي في فوكس نيوز جيمس روزن؟
كيف يمكن لوضع المواطنين في حالة جهل لجرائم حكومتهم أن يحميهم من الإرهاب؟ إن الاضطهاد الذي يتعرض له قائلو الحقيقة لا علاقة له بـ "الأمن القومي" ولا بـ "وضع الأميركيين بمنأى عن متناول الإرهاب". الهدف الوحيد لاضطهادهم هو حماية السلطة التنفيذية من أولئك الذين يكشفون عن جرائمها. إن بعض جرائم واشنطن هي من الفظاعة بحيث ينبغي لمحكمة الجزاء الدولية أن تصدر أحكاماً بالإعدام فيما لو كانت هنالك إمكانية لسوق المذنبين أمام العدالة. إن حكومة تدمر أشكال الحماية الدستورية لحرية التعبير ولحرية الصحافة بهدف منع الكشف عن أعمالها الإجرامية هي حكومة مستبدة.
إن كثيرين يترددون عن طرح هذه المسائل وحتى عن كشف أكثرها ثبوتاً لخوفهم ليس فقط من أن يجدوا أنفسهم مسجلين على لائحة خاضعة للمراقبة أو من أن توجه إليهم تهمة أو أخرى، بل أيضاً لخوفهم من أن يؤدي طرح هذه المسائل إلى وضع يمكن أن يستخدم لتبرير الدولة البوليسية القائمة. وربما يكون الحادث الذي وقع خلال ماراتون بوسطن مصداقاً لذلك، حيث إن تصريحات الحكومة طغت على الأدلة التي تثبت جرمية الأخوين. لا جديد أبداً في الطريقة التي تستخدمها الحكومة في توريط كبش المحرقة. فما هو جديد ولا سابق له هو إقفال بوسطن وضاحيتها، وظهور 10 آلاف جندي مدججين بالسلاح والدبابات يجوبون الشوارع ويفتشون البيوت والمواطنين من دون مذكرات تسمح لهم بذلك، وكل ذلك باسم حماية المواطنين من طفل جريح بعمر 19 عاماً.
ليس فقط أن أمراً من هذا النوع لم يسبق له أن حدث في الولايات المتحدة، بل أيضاً لم يكن لذلك الأمر أن يحدث تحت ضغط اللحظة. لا بد وأن ذلك قد جرى تحضيره بانتظار الحدث. كان ذلك تجربة للتعامل مع ما سيأتي.
إن الأميركيين الذين يعوزهم الاطلاع، والمحافظين من النوع الذي يتمسك بـ "القانون والنظام" ويتميز بالكثير من السذاجة، ليست لديهم أي فكرة عن عسكرة شرطتهم المحلية، لقد رأيت عناصر قوات الشرطة المحلية وهم يتدربون في نوادي التدرب على إطلاق النار. لقد تعلم عناصر الشرطة ليس فقط كيف يطلقون النار مرة واحدة، بل عدة مرات بهدف حماية حياتهم بأي ثمن، لا بهدف المخاطرة بحياتهم بطرح الأسئلة. ولهذا جرى توريط طفل في الثالثة عشرة يحمل بندقية لعبة. لقد كان بإمكان أي تحقيق أن يثبت أن السلاح كان بندقية لعبة، لكن التحقيق مع "المشتبه به" كان من شأنه أن يعرض للخطر عناصر الشرطة المدربين على عدم تعريض أنفسهم للخطر.
إن الشرطة تعمل على طريقة "اقتل أولاً، ثم قم بإعداد ملف ضد الضحية". بكلام آخر يا عزيزي المواطن الأميركي، حياتك لا تساوي شيئاً. فعناصر الشرطة الذين تدفع لهم مرتباتهم لا يكتفون بعدم تقديم حساب لأحد، بل يتصرفون على أساس أن حياتهم لا تقدر بثمن. فإذا ما قتلت أثناء قيامهم بأداء وظيفتهم، فإن ذلك لا يشكل قضية كبرى. حاول ألا تجرح شرطياً معتدياً في حالة من حالات الدفاع عن النفس. قصدي: من تظن نفسك؟ أتظن أنك من نوع أميركي خرافي وأنك حر وتتمتع بحقوق؟
*ترجمة عقيل الشيخ حسين -بقلم د. بول كريغ رورتز- عن موقع Mondialisation.ca