لا شيء يمكن أن يروي قصة القصير إلا من يشاهدها، فكل ما بقي يشير الى ما مر بها، المحال ليست أكثر من نماذج عما كان أزقتها يوما، والمنازل أمكنة مهجورة لم يبق منها إلا بعض متاع يحدث عن حياة كانت فيها.
وكل ما خلفته المجموعات المسلحة مدينة مهجورة من كل معالم الحياة، ليكتب على جبين أهلها واحدة من معاناة السوريين الذين أدخلوا في أتون صرع الأمم كلها، ولا ينسى أهالي القصير ما مر عليهم، ويستذكرونه مع كل خطوة داخل مدينتهم.
وقال أحد مواطني القصير لمراسلتنا: "سرقوا محلاتي، عندي رخصتين لبيع الغاز سرقوها أيضا، ولم يتبق عندي ولا اسطوانة غاز بعد أن كان لدي 163 اسطوانة، كما سرقوا سيارتي وأخرجونا من بيتنا، وسرقوا من زوجتي خاتم وثلاثة أساور وثلاثة وسبعين ألف ليرة".
ولم تقف مآثر ما مر على من عاد اليوم لتفقد ما بقي، إن بقي شيء، وفي جعبة كل منهم قصص عن ايام صعبة أجبرتهم على مغادرة منازلهم، يريدون أن ينسوا لكن المشاهد في المدينة تعيد كل شيء الى ذاكرتهم فجأة، ذلك أن الحياة هي فقط ما حملوه من ميدنتهم.
وقال آخر لمراسلتنا: "ضربوني بشدة ولم اتعافى منها الا بعد شهرين، فعلوا ذلك بحجة أني مع النظام، وما السيء الذي فعله النظام لي ولغيري؟ جميعنا كنا نعيش بنعمة، ولكنهم اخذوا كل أموالي وأغراض بيتي ولم يتبق لي شيء، فماذا سنفعل الآن".
فيما قال آخر: "كل ما فعلوه اعمال تخريبية، ولم نكن نستطيع أن نعطي رأينا في أي شيء، وكل ما فعلوه لا يرضاه الله لأنه تخريب لبلد كان آمنا ودمروه، فمتى سترجع الحياة الى ما كانت عليه سابقا؟"
وكل ما بقي لأهالي القصير هو الأمان، يعيشون اليوم على أمل إعادة إعمار منازلهم لتعود قريتهم قرية للسلام والتعايش والذين حملوه مسلمين ومسيحيين هدفا لهم لمئات السنين.
AM – 27 – 19:38