يأتي هذا في وقت خاص تدرك فيه الاستخبارات الاسرائيلية هذه المرة، ان الجولة المقبلة ستبدأ في النقطة التي انتهت فيها الاخيرة، وستشارك فيها كل الفصائل الفلسطينية، بشكل غير قابل للبس. الامر الذي يتسبب بالحديث المتواصل عن استعدادات الجيش الاسرائيلي ووسائله القتالية ومنعته للمرحلة المقبلة.. وفي نفس الوقت، محاولة طمأنة المستوطنين، وتحديدا المستوطنين في شعاع عشرات الكيلومترات عن قطاع غزة، الذين ينتظرون صواريخ الحرب، بقلق وخشية.
احدى الاساليب المساقة اسرائيليا، هو التصويب نحو حركة حماس تحديدا، والاشارة الى ان نواياها وقدراتها، وطرق عملها وتوجهاتها، باتت مكشوفة لدى الاسرائيليين. وهي احدى الاساليب المتبعة اسرائيليا، كما يدل تاريخ المواجهة مع الكيان، سواء في لبنان او في فلسطين المحتلة.
ونشرت صحيفة "هآرتس"، نقلا عن مصادر استخبارية اسرائيلية، قولها بان الموافقة العلنية لحركة "حماس"، بشأن الإلتزام بالحفاظ على الهدوء مع "إسرائيل"، لا يعني انها لا تحث الخطى وبسرعة ايضا، نحو تعزيز امكاناتها، وبشتى القنوات، ضد "إسرائيل". بحسب نفس المصادر، فان عمل حماس يتركز في هذه المرحلة، على العمل من دون بروز، كي لا تغضب المصريين، ولا يتم تحميلها مسؤولية انتهاك التهدئة.
وبحسب تقدير هذه المصادر، فإن جولة المواجهة الأخيرة في منتصف الشهر الجاري، والتي أطلقت فيه حركة الجهاد الإسلامي مئات الصواريخ، تزيد من احتمال أن تشارك "حماس" في إطلاق النار خلال الجولة القادمة، وربما قد تعتبر أن حجم الرمايات التي نفذها الجهاد، تشكل منطلقا لرماياتها.
بحسب أقوال مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، تعمل "حماس" في طرق أخرى مختلفة من دون أن تبقي بصمات واضحة. على سبيل المثال، ودائما بحسب المصادر، يقود وزير الداخلية في حكومة "حماس"، فتحي حماد، منظمة صغيرة باسم «حماة الأقصى» والتي تضم نشطاء من الذراع العسكرية لحماس ويتم استخدامها كجبهة بالنسبة لحماس تواصل المبادرة لتنفيذ عمليات. خلال الفترة الأخيرة، كان حماة الأقصى مسؤولون عن إطلاق صواريخ مضادة للدروع وقذائف صاروخية باتجاه قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنات في محيط قطاع غزة. ومن المحتمل أن يكون نفس هؤلاء النشطاء مسؤولين عن العبوتين الكبيرتين اللتين تم اكتشافهما مؤخرا من قبل الجيش في الجزء الشمالي من الحدود الإسرئيلية المصرية.
وتقدر الإستخبارات الإسرائيلية أن هذه العبوات تم تخبئتها هناك بهدف تهريبها إلى داخل إسرائيل من أجل استخدامها في عمليات في العمق. في موازاة ذلك، تستخدم القيادة العسكرية لـ"حماس" في القطاع عددا من الفصائل الصغيرة وتمولها بالمال والتوجيه لتنفيذ عمليات.
وقال مصدر أمني رفيع المستوى لـ"هآرتس" إن "حماس لم تترك طريق الكفاح المسلح ضد إسرائيل. هي أقل بروزا لأنهم يدركون أن هذه اللغة أقل مقبولية في الساحة الدولية". عمليات واضحة لـ"حماس" لا تتناسب مع الظروف الراهنة كما أن المنظمة لا تريد تزويد "إسرائيل" بذريعة جديدة لدخول الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة. إلا أن إرهاب "حماس" لا يزال قائما طوال الوقت، خصوصا وبشكل أبرز في سيناء".
وبحسب تقدير المصدر، فإن تدحرج جولة العنف الأخيرة تقيد حرية المناورة لدى حماس وتضطرها تقريبا إلى العمل ضد "إسرائيل" في الجولة القادمة عندما تندلع. وبحسب أقواله، الجهاد الإسلامي يحفز "حماس" للحرب المقبلة، اذ انه قاد المواجهة الأخيرة والأمر أدى إلى انتقادات قاسية في غزة ضد "حماس".
الامر الاكثر دلالة في المقاربة الاسرائيلية، هي تصريح نائب رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، دان هرئيل، الذي اكد في مقابلة مع القناة السابعة الاسرائيلية (قناة المستوطنين)، عن ترقبه لخسائر مادية وبشرية كبيرة جدا في المواجهة المقبلة، اذ ان "الجيش الإسرائيلي لا يملك أي قدرات عسكرية تميزه عن مقاتلي حماس في القتال البري".
دلالة التصريح الاسرائيلي، ومن مسؤول رفيع المستوى في المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، اشارة دالة على مدى الخشية المسيطرة على صانع القرار في تل ابيب، وتحديدا حيال الجولة المقبلة، التي بات الاعتقاد السائد في تل ابيب، انها ستبدأ في النقطة التي انتهت اليها السابقة، ومن بينها، استهداف منطقة غوش دان ومدينة تل ابيب، الامر الذي يعني، انجرار الوضع الامني نحو مواجهة واسعة مع القطاع، هو الخط الاحمر، الذي ستنكشف فيه تل أبيب عارية امام واقعها الاستراتيجي الجديد، بدءا من القطاع ومن خلفه الشارع المصري، مرورا بالضفة ومن خلفه امكانات اسقاط اهم حلفائها العرب في الاردن، وصولا الى لبنان، التي عجزت طوال السنوات الماضية عن تخطي حاجز الردع المشكل من قبل المقاومة وامكاناتها القتالية..
السؤال، الذي يستأهل مناقشة منفصلة، على ضوء المقاربة الاسرائيلية لقطاع غزة، هو إن كانت خشية تل أبيب بهذا المستوى حيال القطاع، فكيف هي، من ناحية واقعية، حيال ايران؟؟؟ رغم كل ما يطلق، وسيطلق، من تهديدات حيال الموضوع النووي الايراني.
موقع الانتقاد الالكتروني
حسان ابراهيم