الامة و آلية الحذر من النزق الاميركي

الامة و آلية الحذر من النزق الاميركي
الأحد ٠٤ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٩:٤٠ بتوقيت غرينتش

مشكلة الادارة الاميركية والحكومات الاوروبية ومعها " الکيان الصهيوني " هي انها لاتريد تصديق حقيقة انها جميعا غارقة في بحر متلاطم من الازمات والمشاكل المستعصية مما يشكل في مجموعة كابوسا أصاب السياسات الغربية والصهيونية بالتخبط والاحباط في أبعد مدياته وهو مادفعها الى محاولة تعليق مآزقها على مشاجب الاخرين .

لقد وجه اصرار الشعب العراقي على وجوب الانسحاب العسكري الاميركي من بلاد وادي الرافدين , ضربة دامغة الى كبرياء واشنطن , واثار موجة عارمة من الغضب والاستياء لدى الكونغرس وصناع القرار في الولايات المتحدة , انطلاقا من عدم تحقق المآرب والمصالح التي سعى الغزاة لجنيها بعد اكثر من ثمانية اعوام من الاحتلال والتدخل التسلطي في شؤون هذا البلد.

ويؤكد هذا الواقع ، خيبة الامل الكبيرة لزعماء البيت الابيض جراء اصطدامهم بصلابة موقف رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي القاضي بجلاء جيش الاحتلال الاميركي من البلد في الموعد المقرر نهاية العام الجاري 2011 , ويبدو ان هذا الموقف الاصيل قد اغاظ نائب رئيس الولايات المتحدة جو بايدن بشدة في زيارته غير المرحب بها  قبل  ايام الى بغداد ولقائه كبار المسؤولين العراقيين , وهو ما انعكس أخيرا في محاولة اغتيال الرئيس المالكي جراء اختراق ارهابي خطير في المنطقة الخضراء , الامر الذي ينبئ من الان ان الادارة الاميركية , لن تتورع عن ارتكاب أية أعمال إجرامية أو مهمات قذرة لتأجيج الاوضاع ونسف الاستقرار النسبي في العراق .

على صعيد اخر تواجه الولايات المتحدة والمجموعة الاوروبية دوامة اقتصادية هائلة على مستوى تزلزل السياسات المالية لمنطقة اليورو, بالترافق مع الثورات الشعبية الداعية الى المساواة والعدالة والانصاف انطلاقا من حركة ( احتلوا وول ستريت ) , الامر الذي حفز لدى الحكومات الغربية مزيدا من الجشع والشراهة للاستحواذ على امدادات النفط والغاز بأرخص الاثمان من منطقة الشرق الاوسط ، وذلك على خلفية الدعم العسكري الجوي والاستخباراتي الاطلسي في احداث ليبيا , اضافة الى محاولة واشنطن وحليفاتها اطلاق العنان للاضطرابات في سورية, بمواقف تحريضية جاءت هنا ايضا على لسان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن , في تحرك خطير يكشف حجم المؤامرة الغربية (الاورواميركية) باتجاه  تفجير الامن والاطمئنان و السلم الاهلي ، تحت ذريعة الخوف من اشتعال الحرب الاهلية والنزاعات المذهبية والطائفية في هذا البلد المقاوم.

والذي يؤكد حالة الاخفاق المسيطرة على المواقف الاميركية والاوروبية , دعوة رئيس البنتاغون ليون بانيتا الكيان الصهيوني الى الخروج من عزلتها ومطالبته تل أبيب , باستئناف علاقاتها مع شركائها التقليديين في الشرق الاوسط , الامر الذي يعزز القناعة لدى المراقبين لشؤون المنطقة , بأن الذي يمر بحالة الانهيار والهزيمة حاليا هو  (التحالف الغربي – الاسرائيلي) وليس دول محور المقاومة و الممانعة كما تصور دعايات الحرب النفسية .

ولاشك بأن تحذير وزير الدفاع الاميركي أمام احدى المنتديات في واشنطن , من مغبة شن أي هجوم عسكري على الجمهورية الاسلامية, هو مربط الخيل في كل مايثار من زوابع سياسية واعلامية وتهديدات اضافية بالعقوبات على  طهران . فقد حدد ليون بانيتا مقدما سوء عاقبة مثل هذا الإجراء بقوله " ان أي هجوم على طهران قد يعطل الاقتصاديات الهشة لاوروبا والولايات المتحدة , ويؤدي الى انتقام ايراني من القوات الاميركية , كما يثير رد فعل شعبيا عنيفا في ايران " .

وبقراءة المشهد الاقليمي والدولي الراهن ولاسيما بعد فوز الحركة الاسلامية في الانتخابات البرلمانية بكل من تونس ومصر , وتوقع هذا الانتصار في ليبيا ايضا قريبا, يبدو ان الخاسر الاكبر من مسيرة التحولات والثورات الشعبية في المنطقة , ليس سوى المعسكر الاميركي  - الاوروبي – الصهيوني , ولعل هذا الواقع المرير بالنسبة لفشل حساباتها وسياساتها , هو مايثير في داخلها غريزة الانتقام والثأر بأي شكل من العالم الاسلامي , سواء عبر جر الازمة السورية الى مرحلة التدويل , أو من خلال تشويه سمعة طهران وتكريس اكذوبة ( ايران فوبيا ) , مع ما ينطوي عليه هذا السلوك من احتمال اقدام واشنطن والعواصم الاوروبية وتل أبيب, على ارتكاب مغامرات طائشة  ، ينبغي للامة الاسلامية ان تكون بمستوى التصدي لها وردع أية نزعات عدوانية قد تستدرج الاوضاع العربية – الاسلامية الى متاهات المشاريع والتصرفات الهوجاء للاستكبار العالمي .

حميد حلمي زادة?