خيل للكثيرين ان مهمة الناتو انتهت وان دوله ستحمل عصاها وترحل عن ليبيا ..بالفعل - ربما - انهى حلف شمال الاطلسي عملياته في ليبيا ، لكن الوجود الغربي لم ينته بعد .. حيث تاتي الشركات الكبرى لتحل محل الطائرات الحربية...فالبلدان التي قصفت ليبيا الدولة الغنية بالنفط تسعي الان الي الحصول على عقود مربحة لإعادة الاعمار .
ففي البداية مزقت القنابل البريطانية ليبيا اربا إربا.و الآن حان الوقت لكي تجني الشركات البريطانية ثمن اعادة اعمارها مرة اخرى وتجميع اوصالها . فليبيا الان مفتوحة للأعمال الاستثمارية والتجارية ، ويجري تشجيع الشركات في بريطانيا للانضمام إلى ركب الاندفاع ومن ثم الانتفاع.
وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند قال ان ليبيا بلد غني نسبيا باحتياطيات النفط ، وتوقع أن تكون هناك فرص للشركات البريطانية ، للمشاركة في اعادة الاعمار بل انه حث المدراء التنفيذيين إلى "حزم حقائبهم" والتوجه الى ليبيا .
و بحسبة بسيطة ..تقدر كلفة المشاركة البريطانية في العمليات العسكرية لخلف الناتو في ليبيا بحوالي 500 مليون دولار الا انه وفقا لتقديرات الهيئة البريطانية للتجارة والاستثمار ، فقد تصل قيمة عقود اعادة اعمار ليبيا ،خاصة في مجالات الطاقة الكهربائية وإمدادات المياه و الرعاية الصحية والتعليم ، إلى ما يزيد عن 300 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة. هنا ستسعي الحكومة البريطانية للتأكد من فوزها بدور قيادي في ذلك ، تماما كما فعلت في الحرب..
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا ..هل يتكرر السيناريوالعراقي في ليبيا ؟
جون هيلاري ، المدير التنفيذي في منظمة -الحرب ضد العوز- الخيرية ، يري في تصريحات صحفية ان السيناريو الليبي يحمل ظلالا من عراق ما بعد الحرب ، عندما منحت شركات من الدول المشاركة في الغزو كل خيرات العراق مضيفا ان بريطانيا تدمر ، ومن ثم تحصل بعد ذلك على عقود لاعادة اعمار ما دمرته. ويري ان الامر بالنسبة لبريطانيا كان دوما هو البحث عن تلك المصالح التجارية حيث عادت بريتش بتروليوم - بي بي- وشل .الى ليبيا بعد رفع العقوبات قبل عشر سنوات فهي فرصة لاستغلال هذه الظروف للفوز بالكعكة كاملة علي حد تعبيره .
الهيئة البريطانية للتجارة والاستثمار لديها بالفعل موظفون على أرض الواقع في ليبيا ، وهم على استعداد لتلقي العقود التي ستفوز بها الشركات البريطانية. وتبدو الرغبة اكيدة في الحصول على عقود لدي شركات النفط البريطانية ، والتي ارتفعت أسهمها بعد ورود الأنباء عن محادثاتها مع الحكومة الانتقالية و شركات هندسية بريطانية اخري ابدت حرصا علي الوجود علي المسرح المالي والاقتصادي الليبي .
حتى الآن ، الصراع في ليبيا يبدو وكأنه يشكل استثمارا ممتازا : 500 مليون دولار للاطاحة بالديكتاتور ، مقابل 300 مليار دولار في عقود في فترة ما بعد الحرب . الآن لاتوجد اهداف ودورس انسانية وانما تكتسب الحرب فجاة الحس الاقتصادي والمنفعي بشكل كبير .
وهكذا ينكشف الوجه الحقيقي النفعي القبيح لحملة رفعت شعار "حماية المدنيين والانتصار لشرعة حقوق الانسان وانهاء الديكتاتورية في ليبيا " وحقيقة الامر انها لعبة .." دمر ثم عمر "... والفاتورة من دماء ونفط الشعب الليبي
* عزة الزفتاوي مراسلة العالم في بريطانيا