العالم - وثائقيات
لكن مشاهد الاطفال هي التي ظلت اكثر ما يدمي القلوب وهم يلفظون انفاسهم المتسارعة من تحت ركام الانقاض بجسد هزيل لا يكف عن الارتجاف.
عدسات المصورين الحاضرين في ميدان خط النار نقلت صورا لمئات الاطفال الناجين الذين يرتعدون من ملاقاة الموت والدمار جراء حرب الاحتلال على غزة.
ووفقا لمنظمة الطفولة "يونيسيف" فقد سقط الاف الاطفال ما بين شهيد وجريح باصابات مختلفة، ما يعرض الكثير من الاطفال لمشكلات نفسية آنية وطويلة الامد، كذلك بسبب شدة الصدمة وقساوة الظروف التي عايشوها.
ويشكل الاطفال نحو نصف سكان قطاع غزة البالغ عدهم مليونين و300 الف نسمة، هؤلاء الاطفال عايشوا الامرين منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية طوفان الاقصى التي تم تنفيذها في السابع من تشرين الاول/ اكتوبر 2023.
وشكلت نسبه الاطفال الشهداء نحو اكثر من 40% من ضحايا العدوان الاسرائيلي على غزة، فيما اصبح الالاف يتامى نتيجه لوفاة والديهم جراء القصف.
وكانت اعداد الاطفال الايتام قبل العدوان الاخير على غزة تبلغ 33 الفا وفق اخر احصاء لمؤسسة اس كي تي وولفر الخيرية الاسلامية.
كما أظهرت الابحاث التي نشرتها منظمة إنقاذ الطفولة حتى عام 2021 انه بالاضافة الى الاذى الجسدي والحرمان الاقتصادي وصعوبة الوصول الى الخدمات الاساسية مثل الرعاية الصحية، فقد اثار الحصار ازمة صحة نفسية للاطفال والشباب، حيث خلفت 15 عاما من الحياة تحت الحصار اصابات جماعية بالاكتئاب والقلق والفزع بين 4 من كل 5 اطفال في قطاع غزة.
يدفع الاطفال ثمن الحروب النظامية والاهلية والنزاعات والاعتداءات المسلحة اضعافا مضاعفة ليس فقط لانهم عرضة للقتل والاصابات البالغة التي تؤدي الى العجز الجسدي على اختلاف انواعه ودرجاته، ولكن ايضا للاثار والرواسب النفسية المؤذية التي قد تلازم الفرد بقية حياته ولا يستطيع الخروج منها.
العدوان الاسرائيلي على غزة إستهدف المؤسسات التعليمية التي تحولت الى مراكز للايواء، والطلاب بين شهيد وجريح ونازح، الامر الذي حرمهم من حقهم في الحياة والتعليم والتمتع بطفولتهم.
ومن اعنف ما خلفته حرب كيان الاحتلال على غزة هو حرمان اكثر من 600 الف طالب في المراحل الدراسية الاولى في القطاع و88 ألفا في المرحلة الجامعية من الذهاب الى مدارسهم وجامعاتهم ومتابعة حقهم في التعليم جراء قصف الاحتلال كل شيء، ما اسفر عن تدمير 60 مدرسة كليا وتضرر 238 اخرى.
قصف الاحتلال للمدارس جزء من حربه التي لم تستثن أيا من مقومات الحياة في القطاع، وتركيزه على تدمير المدارس والجامعات يهدف الى ضرب مرتكزات التعليم وتجهيل الجيل الفلسطيني بقضيته وحقوقه.
أوضاع الاطفال الخدج هي ايضا مأساوية للغاية، حيث توقف العمل بأقسام الحضانة بالمستشفيات بسبب عدم توفر الكهرباء ونفاد الاكسجين، ما ادى لوفاة عدد منهم، ووثقت المشاهد عددا من الاطفال المصابين بين الخدج واخرين استشهدت امهاتهم بقصف او خلال عمليات الولادة القيصرية المتعثرة التي تمت في ظروف صعبة وغير مؤاتيه.
منظمة الامم المتحدة للطفولة، يونيسيف، حذرت من أن حياة مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة على شفير الهاوية في ظل انهيار شبه كامل للخدمات الطبية وخدمات الرعاية الصحية.
اللجنة الدولية للصليب الاحمر اعلنت هي الاخرى ان مستشفيات الاطفال في غزة لم تسلم من القصف الاسرائيلي، بما فيها مستشفى النصر الذي تعرض لاضرار جسيمة، ومستشفى الرنتيسي الذي اضطر لوقف عملياته.
بالاضافة لذلك تم تسجيل نقص شديد في حليب الاطفال وخاصة الخدج ناقصي الوزن عند الولادة، هذا الى جانب مشكلة اخرى تواجه اطفال غزة هي جدول التطعيمات ضد الفيروسات والبكتيريا التي يجب ان تؤخذ في مواعيدها المحددة والا سوف تفقد فاعليتها في حماية الاطفال من الامراض المختلفة. وقد تسببت الحرب في استهداف المئات من مراكز المنظومة الصحية في قطاع غزة، وبالتالي عدم فاعلية نظام التطعيم في القطاع.