"الرد الإسرائيلي على إيران".. فقاعة دعائية سرعان ما إنفجرت

السبت ٢٠ أبريل ٢٠٢٤ - ١٠:٠٩ بتوقيت غرينتش

كان من الصعب تصور الكيان الاسرائيلي المدجج بالاسلحة والمدعوم من كل القوى الغربية وعلى رإسها امريكا، والذي كان يعتبر الدول العربية والاسلامية، ساحة مفتوحة لطائراته وصواريخه، التي تجوب فيها دون مانع او رادع، وتقصف هناك وتغير هناك، و دون ان يكلف هذا الكيان نفسه عناء التفكير، بتداعيات جرائمة عدوانه، فليس هناك من يجرؤ على الرد عليه، خوفا منه او من حماته الغربيين وفي مقدمتهم امريكا، ان يصل به الامر الى ان يبتلع الهجوم الايراني الضخم، وعندما يزعم انه رد، فلا يصدقه حتى وزرائه، بل يتحول "الرد" الى مادة للتندر والسخرية.

العالممقالات وتحليلات

الوضع المزري والبائس الذي وصل اليه الكيان الاسرائيلي، بفضل محور المقاومة، الذي اطبق عليه من جميع الجوانب، جعل نتنياهو المأزوم، يمنع جميع وزرائه وسفاراته التعليق على الحديث عن "رده" على الهجوم الايراني الذي غطى جميع جغرافيا فلسطين المحتلة، والذي وصفته امريكا، بانه غير مسبوق ويحدث لاول مرة في العالم، خوفا من انكشاف فضيحة "رده" وهزالته، وخوفا من استفزاز ايران.

بلغت فضيحة الكيان الاسرائيلي حدا، الى ان جميع زعمائه ثاروا ضد "كلمة" واحدة علق بها احد وزراء نتنياهو، وصف فيها حقيقة "رد" كيانه على ايران، وهذه الكلمة التي كتبها رفيق درب نتنياهو في الارهاب والاجرام والتطرف وزير "الأمن القومي" في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، كانت "مسخرة"، فلم يبق زعيم صهيوني، يميني ويساري علماني وديني و..، الا وردوا عليه وبعنف وطالبوا بطرده من الحكومة، لفضحه كذبتهم عن الهجوم على ايران "بواسطة صواريخ أطلقتها طائرة اف 35 من خارج الأجواء الإيرانية، واستهدفت مطارا عسكريا في أصفهان"!!، فقد كتب "زعيم المعارضة" يائير لبيد، على منصة إكس يقول "لم يحدث من قبل أن ألحق وزير في الحكومة الأمنية مثل هذا الضرر الكبير بأمن البلاد وصورتها ومكانتها الدولية.. نجح بن غفير في السخرية من إسرائيل وفضحها من طهران إلى واشنطن"!!.

ايران، التي استهدفها "هجوم" نتنياهو، الذي اريد له ان يكون "جنونيا" ويعيد شيئا من "قوة الردع الاسرائيلي" التي تآكلت، او يسترجع الهيبة "الاسرائيلية التي ضاعت، فقد اعلنت ان الدفاعات الجوية الإيرانية أسقطت، فجر الجمعة، عدة مسيرات صغيرة بمضادات أرضية، على ارتفاع منخفض جداً في محافظة أصفهان وسط البلاد، وسط تأكيدات رسمية إيرانية على أن الوضع في المحافظة وفي منشآتها النووية آمن بالكامل.

اللافت ان ايران لم تستخدم في تصديها للمسيرات الصغيرة أنظمة دفاع صاروخية، بل مضادات أرضية، وهو ما أحدث أصوات انفجارات. واللافت اكثر ان اي منشأة نووية أو مراكز عسكرية في أصفهان لم تتعرض لأي هجوم من خارج البلاد، وان القيود التي فرضت لساعات قليلة على حركة الطيران في سماء بعض المدن الإيرانية رفعت. ونفت الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ما تردد عن اجتماع طارئ للمجلس، مؤكدة أن لا حاجة لمثل هذا الاجتماع.

بعد ان تكشفت كذبة "اسرائيل" وابعاد فضيحة "الرد الاسرائيلي"، بسرعة قياسية، رغم كل التضليل الاعلامي الامريكي والاسرائيلي، التي لجأت للترويج لكذبتها الى استخدام صور، تبين لاحقا انها مفبركة، عن "القصف الاسرائيلي"، اضطر الاعلام الإسرائيلي للاعتراف لاحقا "ان ما حصل هو مجرد رد ضعيف جداً لا يرقى مطلقا إلى الرد الإيراني الضخم"، الا انها بررت ذلك بممارسة امريكا الضغط على "اسرائيل" وانصياع الاخيرة لواشنطن للحفاظ على تحالفها، ولكن كل هذه الالاعيب الامريكية الاسرائيلية، لم تخف حقيقة ان "إسرائيل" ومن خلفها امريكا باتتا تحسبان ألف حساب لأي خطوة عسكرية يمكن أن تقدمان عليها ضد ايران.

يبدو ان الهجمة التي تعرض لها بن غفير داخل "اسرائيل" لكشفه "فضيحة" رد كيانه، لم تكن كافية لاسكات جميع الاصوات، منها على سبيل المثال لا الحصر، العضو السابق في "الكنيست"، أبير كارا، الذي علق على "رد كيانه" على إيران، بالقول ان "ردع إسرائيل يتأكل، وهي تخسر كثيرا من أوراقها". بينما وزيرة القضاء السابقة، إيلت شاكيد، فذهبت الى ابعد من ذلك في حديث للقناة الـ"12" حيث قالت أنّ "مهاجمة إيران لنا هو انهيار تام للردع الإسرائيلي.. ان الردع الإسرائيلي انهار في هذه الحكومة مقابل حماس وإيران". فيما رأى المعلق العسكري في القناة الـ"11"، إيتاي بلومنتال، أن الأمر "الأكثر أهميةً" هو الصمت المطبق في "إسرائيل"، حيث لا تعليق من القيادتين الأمنية والعسكرية، ولا تعليمات خاصة للجبهة الداخلية.

يبدو ان "الرد الاسرائيلي" الذي لم يكن سوى فقاعة دعائية سرعان ما انفجرت، لم تقنع حتى الصحافة ووسائل الإعلام الغربية، فهذه صحيفة "التلغراف" البريطانية كتبت تقول أن "إسرائيل منحت إيران للتو نصراً كبيرا.. ايران تتقدم شيئاً فشيئا، فيما إسرائيل تفشل في الرد في كل مرة"، وتساءلت الصحيفة عمّا إذا كان "الرد الاسرائيلي" قد حقق هدفه وفق "مقياس الانتقام لخلق الردع"، واضافت : "إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء آخر، فإنّ المؤشرات الأولى تُفيد بأنّ من غير المرجّح أنّ ذلك تحقق".

أما صحيفة "الغارديان" البريطانية فقالت، في تحليل لها، إن "من الصعب رؤية كيف يفيد مثل هذا الرد المحدود من جانب إسرائيل بنيامين نتنياهو من الناحية السياسية.. بالنسبة إلى شخصية ارتبطت لفترة طويلة وبشكل عميق بموقف متشدد بشأن التهديد الذي تشكله إيران وبرنامجها النووي، فإنّ الضربة الإسرائيلية المحدودة للغاية لن ينظر إليها الكثيرون على أنها علامة على الجرأة والعزيمة، كما يريد نتنياهو، بل سيُنظر إليها كعلامة على الضعف".

آخر شهود الاعلام الامريكي على كذبة "الرد الاسرائيلي"، كانت شبكة "سي إن إن" الامريكية، التي اعترفت مرغمة، بصوابية الرواية الإيرانية، عندما كتبت تقول انه وفقا لصور الأقمار الإصطناعية الحصرية التي حصلت عليها لم يتم إلحاق أضرار جسيمة بالقاعدة الجوية التي قيل إنها كانت هدف الهجوم بالمسيرات الصغيرة يوم الجمعة، أنه لا يبدو هناك أي حفر كبيرة في الأرض، ولا توجد مبان مدمرة".

اخيرا، لخصت ردة فعل وزير الخارجية الايراني حسين اميرعبداللهيان والوفد المرافق له الذي يزور نيويورك حاليا، على سؤال حول رأيه بـ"الرد الاسرائيلي"، حقيقة ما جرى بالكامل في اصفهان، كما ظهر في مقطع فيديو انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، يُظهر مراسلة إذاعة "فويس أوف أميركا"، وهي تسأل أميرعبد اللهيان، عن تعليقه على "الضربة الاسرائيلية" بالمسيّرات التي استهدف أصفهان، وعما إذا كانت إيران سترد عليها، حيث امتنع اميرعبد اللهيان عن الجواب، وعلامات السخرية بادية على وجهه، بينما علّق أحد أعضاء الوفد المرافق له باستهزاء متسائلا: "أي ضربة؟!".

أحمد محمد