الحلقة الثانية - 2

فيديو خاص يكشف كواليس علاقة الزكزاكي مع ايران - 2

الأحد ١٨ فبراير ٢٠٢٤ - ٠١:٤٠ بتوقيت غرينتش

استضافت قناة برس تي في الايرانية الناطقة باللغة الانجليزية زعيم الحركة الاسلامية في نيجيريا الشيخ ابراهيم زكزاكي في لقاء خاص تحدث فيه عن تاريخه مع الحركة الاسلامية ودواعي تأسيسها، والانجازات التي حققتها، بالاضافة الى العديد من المواضيع التي اثارتها معه مقدمة اللقاء.

العالم - ضيف وحوار

ندعوكم لشاهدة هذا اللقاء المهم لمعرفة المزيد عن هذا الزعيم الاسلامي الافريقي من لسانه، والحركة الاسلامية في نيجيريا التي لها ملايين الاتباع في احد اكبر واغنى البلدان الافريقية.

تابعوا التفاصيل افي الجزء الثاني من اللقاء ...

هاشمي: وصلنا الى نقطة تأسيس الحركة الاسلامية في نيجيريا وهو أمر مثير للاهتمام حقًا لأن لدى الحركة مجموعة واسعة من المنتمين، حتى أولئك ممن لا ينتمون الى الاسلام وبعضهم ايضا كما اعلم ليسوا متدينيين. وبالطبع اتباع الطائفة السنية وكذلك الشيعية هم جزء ايضا من هذه الحركة. ما هو العامل الرئيسي في ذلك؟ ما هو الشيء الموحد الذي تعلمه حتى بت قادرا على جلب مختلف انواع الفئات من الاشخاص الى الحركة؟

الزكزاكي: الجمیع يحب العدل ويکره الظلم. لا أحد يحبذ القمع. وبالطبع، بلادنا كانت مستعمرة من قبل البريطانيين، وكان البريطانيون يفرضون سيطرتهم على من هم في السلطة ويواصلون استغلال مواردنا لمصالهم الخاصة. لذلك شعرنا انذاك أننا لسنا مستقلين بشكل كامل واننا وجدنا لنكون دولة وإمبراطورية معينة. وهدفهم كان دائمًا السعي وراء مصالحهم. ولهذا السبب كان الشيوعيون ينادون بالعدالة الاجتماعية. ونحن الآن نقول إن الإسلام قدم نموذجا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم لدينا الان في العصر الحديث نموذجا جديدا وهو الجمهورية الإسلامية الإيرانية. لذلك نحن ندعو الناس إلى الاتحاد والتحرك معا ضد العدو القادم والايديولوجية المقبلة. يمكننا أن نطلق عليها اي تسمية. عندما يكون هناك اضطهاد فعلى الجميع أن يكون موجودا

هاشمي: ضد الاستعمار والامبريالية

الزكزاكي: لذلك كما ترين ان هذا يجذب الاشخاص الذي كانوا شيوعيين سابقين. أرادت الشيوعية أن تحقق ذلك في الثمانينات. كل هؤلاء والكثير منهم، كانوا شيوعيين وتحولوا الى مسلمين.

المسيحيون كما تعرفين يعتقدون اننا نقوم بالافعال بناء على ما ما شاهدناه. نحن نفعل ما نقوله، كما تعلمین. إنهم يعتقدون أنه يمكننا الوثوق بما نقوله. لا يستطيعون أن يثقوا بالآخرين، حتى لو كانوا مسلمين، ولكنهم قد يستخدمون الإسلام لمصلحتهم الخاصة، لكنهم يشعرون أننا نفعل بالفعل ما نقوله، ويعتقدون أننا صادقون بالفعل فيما نفعله. لذلك هذا يجذبهم أيضًا. وبالطبع، نحاول تجنب أي شيء من شأنه أن يسبب بالتفرقة. لا نحبذ التمييز ابدا حتى بالنسبة لأولئك الذي يقومون بمهاجمتنا ويحاولون دائمًا، كما تعلمين، تهميشنا ويتهموننا باننا مختلفون تمامًا عن المجتمع. لكن ما نقوم به من نشاطات وعلاقتنا بالناس تظهر عكس ذلك. وبالتالي هذا هو السبب الذي يجعلنا قادرين على التعايش مع الجميع. كما تعلمين نحنا لسنا ضد احد ويمكننا الانسجام مع أي كان.

هاشمى: بينما نحن نتحدث الان، نقترب من الذكرى السنوية لمجزرة زاريا. بالنظر الى مجريات ما حدث انذاك أود أن انظر إلى هذا الحدث من زاوية مختلفة لأننا شاهدنا تفاني الاخوة والاخوات أثناء تلك الواقعة حيث حاولوا جاهدين الدفاع عما يؤمنوا به وتوفير الحماية لك. ما هو السر في نظام الاعتقاد هذا حيث كانوا مستعدين للتضحية بحياتهم في سبيل ما يشعرون انها الحقيقة؟

هل يمكن ان تخبرني بالنسبة للحركة الإسلامية في نيجيريا نفسها ماذا حدث حتى نرى هذا النوع من الإخلاص للاسلام؟

الزكزاكي: مجزرة زاريا كانت ذروة ما تعرضنا له من هجمات واضطهاد و منذ بداية الثمانينات وطيلة اربعين عاما كنا عرضة للملاحقات وحملات القمع. على سبيل المثال في سبعينات القرن الماضي كان عددنا قليل جدا. كنا نجتمع في المسجد وندون اسماءنا على ورقة صغيرة. الاسم الاخير كان رقمه خمسة وعشرين. حضر الكثير من الاشخاص. هؤلاء الخمسة والعشرون شخصا جاءوا من أنحاء مختلفة من البلاد. ومن ثم ما كان علينا الا ان نزيد عددنا حتى ارتفع من العشرات إلى المئات والى الالاف وهكذا. وبالنسبة لعمليات القمع فقد بدأت منذ أن تأسست الحركة أواخر السبعينات وحتى عندما كنت في الجامعة. عندما ازداد عددنا زاد القلق وبالتالي كنا في خطر. واستمر الأمر حتى باتت هناك اشكال مختلفة من الاضطهاد بما في ذلك السجن. عندئذ توصلوا إلى نتيجة مفادها انه عليهم التعامل معنا مرة واحدة والى الأبد. لذلك بدأت عمليات القتل. وبالرجوع الى سؤالك لقد بدأت تزداد وتيرة سرعة الناس. لقد خطوا خطواتهم ببطء وكانوا قد تعلموا الكثير من تضحيات اهل البيت خاصة في أيام عاشوراء في العشر الأوائل من شهر محرم وحتى اربعين يوما. كنا نمضي جميع ايام شهري محرم وصفر في إحياء ذكرى ما حدث لآل الرسول وكنا ندرك انه مهما حصل لنا يعد لا شئ مقارنة بتضحية اهل البيت. وهذا ما كنا نستمد الإلهام منه كما استمدينا الإلهام من بداية الثورة الإسلامية في إيران عندما وقف الشعب مع الإمام.

وبالعودة إلى سؤالك لقد بدأ الناس بالتحرك شيئا فشيئا. فی بداية نشاطاتنا بدأنا بمواجهة اتهامات مختلفة. مثلا ان الحركة تقوم بتلقين الناس للانضمام إليها او تقدم الرشوة لهم واتهامات من هذا القبيل. ولكن هؤلاء اما كانوا مجانين او تم تحريضهم من قبل جهة ما ليتعاملون معنا على هذا النحو. لكن الامر ليس كذلك فتأسيس الحركة الاسلامية كان نتيجة الإيمان والتفاني والتضحية. وهذا قليل جدا مقارنة بما عاناه اهل بيت النبوة عبر التاريخ. ونحن نستمد الإلهام من ذلك.

هاشمي: حسنا عندما ننظر إلى الحركة الإسلامية في نيجيريا، إضافة إلى مجزرة زاريا التي تحدثنا عنها للتو، نرى ايضا في كل عام اشخاصا ملتزمين بإحياء يوم القدس العالمي ويخرجون إلى الشوارع وعادة ما يسقط بعض الشهداء في كل عام تقريبا. أود أن أعرف في خضم هذا الوضع وفي ظل وجود العقبات المتعلقة بك في نيجيريا، بالنسبة لك ما هو السر وراء احياء يوم القدس بهذه الطريقة؟

الزكزاكي: حسنا منذ أن أعلنت الجمهورية الإسلامية ان آخر جمعة من شهر رمضان هو يوم القدس الشريف القضية الام ويوم التضامن مع فلسطين، بدأنا نحن بإحياء هذا اليوم لكن بشكل بسيط جدا. بدأنا بمسيرات وبأعداد قليلة جدا وبعد المسيرات كنا نجتمع ونلقي محاضرات لمدة يومين او ثلاثة. وكانت هذه الانطلاقة. لم يكن أحياء المناسبة ممكنا في البداية في شهر رمضان. ولانه كان يتوجب علينا جلب الناس من مختلف أنحاء البلاد للمشاركة. لذلك كنا نحيي المناسبة مباشرة بعد شهر رمضان مباشرة في أول جمعة بعد هذا الشهر. حتى أن بعض الناس كانوا يتساءلون لماذا عليك أن تفعل ذلك؟ كانوا يقولون انه اذا تم أحياء المناسبة في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان فإن المشاركة ستكون قليلة جدا. لذلك بدأنا في أول جمعة بعد شهر رمضان حيث كان باستطاعة الناس السفر. وبعد ان أصبح عددنا اكبر بحيث لا يسلتزم الامر التجمع في مكان واحد رأينا انه بإمكاننا القيام بذالك في البلدات المجاورة عندئذ قلنا انه بات من الممكن أحياء يوم القدس في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان ولا يتعين على الناس القدوم إلى مكان موحد. بعد ذلك رأينا انه يجب احياء المناسبة في كل مدينة نظرا لاعدادنا الكبيرة. لكن الأمر اقتصر على المدن الكبيرة . اخترنا حوالي اثنتين وعشرين مدينة لإحياء يوم القدس العالمي.

لكن للأسف فإن رد فعل السلطات النيجيرية كان عنيفا دائما. ورغم أن المسيرات كانت مجرد تظاهرات سلمية الا انهم كانوا يقمعوننا دائما. بعض الأحيان يحضرون فجأة ويطلقون النار. احيان أخرى لا شئ. لا يمكن معرفة متى سينفذون هجوما ام لا. لذلك كان البعض يتساءل كيف يمكن التغلب على هذا الامر؟ قلنا لهم حسنا لقد جعلتنا السلطات اكثر تصمیما. قالوا لنا اما أن تتوقفوا عن ذلك او سنتعامل معكم. قلنا لن نتوقف افعلوا ما بوسعكم ولن نتوقف ابدا. قلنا لهم سيأتي يوم وسنرى فيه تحرير القدس واننا مستمرون في التظاهرات سواء أطلقتم النار ام لا وهذا هو جوابنا لهم.

وهكذا كانت تسير الأمور، احيانا بشكل جيد دون ان نتعرض لأي خدش وأحيان اخرى كانوا يهاجوننا بشكل مفاجئ. والحمدلله كانت المشاركة في تزايد مستمر. لم نكن نحيي هذه المناسبة في العاصمة الفدرالية لكن الان بات مركزها هناك.

هاشمي: حسنا بالنسبة للقضية الفلسطينية، لماذا تعتبر هذه القضية مهمة ومثيرة للجدل في مختلف الساحات؟

الزكزاكي: نعم انها قضية محورية. جميعنا تأثرنا بها. نعتقد ان من يعتدي على الفلسطينين ويقتلهم سيفعل امرا مماثلا ضد كل مسلم وسيقتله في حال توفرت له السبل. وفي الواقع انهم مجرد أعداء للانسانية. يحاولون بناء نظام ليكونوا هم المسيطرون على كل شئ. لذا فإن المقاومون في فلسطين لا يقاتلون فقط في سبيل تحرير فلسطين بل من أجل حرية العالم اجمع. هم يقاتلون من أجل كل مسلم ومن أجل كل إنسان اخر. لان هؤلاء اذا كانوا قادرين على القضاء على كل مسلم، وهو بالطبع لن يتحقق، فسيأتي دور الآخرين. لذلك هذه القضية توحدنا جميعا. لا يوجد شعب في العالم شهد معاناة كالفلسطينيين لذلك هم يمثلون رمزا لكل من يتعرض للقمع. كذلك هم مثال على كيفية مقاومة المضطهدين لانه لا يوجد شعب قاوم كما فعل الفلسطينيون. في التاريخ الحديث لم تعاني أمة من العذاب كما عانى الفلسطينيون ولم يصل احد إلى هذا الحد وبقي صامدا كالشعب الفلسطيني. لذلك ندرك جيدا أن هذا الشعب لم يقم بذلك من أجله فقط بل من اجلنا جميعا. لذلك للقضية تأثير كبير علينا.

هاشمى: حسنا، لقد أشرت للتو إلى نقطة مثيرة للاهتمام. انهم جزء منا. وبالطبع جزء من الامة. وبينما نحن نتحدث اليوم فإننا ننظر إلى اكثر من ثمانية عشر ألف فلسطيني استشهدوا في غزة. هذه الحصيلة التي لدينا حتى الآن. ومع ذلك للأسف لا يزال الكثير منهم تحت الانقاض. ونرى ان غالبية الشهداء هم من النساء والأطفال. سبعون بالمئة منهم من الأطفال والنساء. من وجهة نظرك ما يعني ذلك ان يقوم الكيان الاسرائيلي بالرد بهذه الطريقة باستخدام جميع انواع القنابل غير القانونية ومن خلال توغل الدبابات في المناطق التي تعج بالسكان، وما يسمى بالمجتمع الدولي يسمح بحدوث ذلك؟ يمر الآن اكثر من شهرين على الابادة الجماعية ونرى انها مستمرة؟

الزكزاكي: بداية، من المثير للاستغراب ان نرى كيف يعتبرون انفسهم بشر. صدقيني اذا اسميتهم وحوش فأنا بهذه الطريقة لا أنصف الوحوش. لان الوحوش لا يتصرفون بهذا الشكل. الحيوانات لا تتصرف بالطريقه التي يتصرف بها هؤلاء البشر. الحيوانات تفترس من أجل الطعام عندما تجوع لكن هؤلاء الناس يقتلون الفلسطينون هكذا من أجل القتل. انهم يدركون انهم يقتلون الأبرياء. يقولون انهم يقاتلون حماس. مقاتلو حماس لا يتعدون أربعة آلاف شخص لكنهم الآن قتلوا اكثر من عشرين ألفا وهم مستمرون في قتل النساء والأطفال وليس حماس. ويستخدمون أسلحة لم يتم تصنيع اي منها في إسرائيل. كل هذه الاسلحة اميركية الصنع بينما المقاومة تستخدم أسلحة لم تأتيها من اي مكان في العالم . لقد قاموا بصناعة هذه الاسلحة بأنفسهم ومع ذلك لا يمكن للاسرائيليين مواجهتهم. عندما يتوغلون بدباباتهم يهزمون. استقدموا ستمئة وستين دبابة فقدوا ثلاثمائة وسبعين منها. هزائمهم متواصلة ويعلمون انه ليس بإمكانهم التغلب على المقاومة. وبدلا من ذلك يقتلون الأبرياء ويسمون ذلك حربا انه لأمر غريب. المثير اكثر للدهشة هو صمت ما يسمى المجتمع الدولي. في المقابل نحمد الله على دعم الشعوب لفلسطين. جميع الشعوب بمن فيهم الاميركيين والبريطانيين. لقد شاهدتي التظاهرات الضخمة في لندن وفي كل أنحاء أوروبا كانت هناك تظاهرات شعبية كبيرة. لقد فضحت هؤلاء القادة المزعومين الذين لا يمثلون في الحقيقة شعوبهم. لا يوجد شئ اسمه الديمقراطية في المنطقة ولا حكومة الشعب، لا يوجد مكان لهما ایضا في الغرب. من المؤكد أن الغرب ليس عبارة عن زمرة من الحكام الذين يعملون ضد شعوبهم. انهم يمثلون مصالحهم الخاصة وليس شعبهم. لو كانت حكومة الشعب موجودة هناك حقا لاستمعوا لرأي الشعب. هم ببساطة لا يفهمون ذلك.

لقد عانى بنو إسرائيل بسبب الاوروبيين لمدة مئتي عام لكن هذا الامر انتهى. والآن أولئك الذين يطلقون على أنفسهم اسم إسرائيليين – معظمهم ليسوا إسرائيليين بل صهاينة. إنها أيديولوجية سياسية مصطنعة وليست ديانة ولا عرقا، فهناك صهاينة يهود وصهاينة مسيحيون وكذلك صهاينة مسلمون وعرب. إذن فالصهيونية ليست ديانة وعرقا. إنها أيديولوجية القمع تمثلها الحكومة ولا تعبر عن ارادة الناس.

هاشمي: بالنظر الى الكيان الإسرائيلي. تحدثنا قليلاً عما يحدث في غزة، وبالطبع في الضفة الغربية وما يفعلونه بالفلسطينيين. لكن من المثير للاهتمام أن هذا الكيان موجود في كل مكان. أريد أن أتحدث قليلا عن تأثيره على القارة الأفريقية ومحاولته الاستيلاء على ثرواتها ومساعيه لتقسيمها. ما هي وجهة نظرك حول ذلك وما الذي يحدث هناك؟

الزكزاكي: في الحقيقة، أنا لا أعتبر إسرائيل شيئاً. هي لا شيء. حتى في الحرب التي تعتبر انها تقوم بها وبالاسلحة التي تستخدمها. كلهم ناجون من الغرب. لم يفعلوا شيئا. لذا فإن الأمريكيين هم من يتنمرون على الدول الأخرى ويجبرونهم على إقامة علاقات مع إسرائيل. وليس إسرائيل نفسها. الاميركيون هم من يحاولوا الاذية في كل مكان. ولديهم الآن قواعدهم العسكرية الخاصة، في معظم الدول الإفريقية تقريبًا. قبل بضع دقائق فقط كنت أستمع إلى شخص من غانا وهو يشتكي كيف أن الحكومة الغانية لديها اتفاق مع الولايات المتحدة يسمح لها بإنشاء قاعدة عسكرية في البلاد. وقال إن هؤلاء الجنود الاميركيون لا يمكن محاكمتهم حتى لو ارتكبوا جريمة . وفي حال قاموا بقتل شخص ما، فلا يحق للغاني اللجوء إلى المحكمة. اكثر من ذلك، حتى رئيس البلاد ليس لديه اي صلاحية في دخول القاعدة. والأمر هو أن هؤلاء الجنود الأمريكيين لا يمكن أن يتعرضوا لأي من ذلك. لا يمكن البحث عنهم.

الزكزاكي: لا يمكن. وقال لي ايضا ان الجنود الاميركيين لا يحتاجون إلى جواز سفر أو تأشيرة. كل ما يحتاجونه هو بطاقة هوية للقدوم الى البلاد. حتى الدبلوماسيون الاميركيون لا يتمتعون بمثل هذا الامتياز فهم بحاجة الى جواز سفر وتأشيرة لدخول البلاد. لكن الجندي الأمريكي يظهر فقط بطاقة هويته ويمر دون أن يتعرض للتفتيش. إذن هذا يعني أن البلاد قبلت بالذل. وهذا مشابه لما يحدث في بلدان أفريقية أخرى.

كما تعلمين كما حصل في النيجر عندما نفذوا انقلابا عسكريا واخرجوا فرنسا من البلاد في حين لدى الأميركيون أكبر قاعدة للطائرات المسيرة في العالم هناك. لم يتحدثوا عن أمريكا بل طلبوا من الجنود الفرنسيين المغادرة.

هاشمي: لذلك، قاموا باستبدال الفرنسيين بالأمريكيين.

الزكزاكي: لم يقولوا أي شيء للولايات المتحدة. يمتلكون أكبر قاعدة للطائرات بدون طيار في العالم كله هناك. لماذا في افريقيا؟

هاشمي: هذا مثير للاهتمام لأنني كنت سأسألك، لقد تحدثت عن النيجر. وبالطبع رأينا الانقلاب الذي حصل. وكان هناك الكثير من التفاؤل بالنسبة للنيجر ومالي وبوركينا فاسو بأن هذه الدول في الواقع تقوم بتحرکات في القارة الأفريقية ضد الإمبريالية وتتجه نحو التحرير. هل ترى هذا الامر بهذه الطريقة؟

الزكزاكي: على الأقل ضد فرنسا، نعم. كما تعلمین، لدى الفرنسيين قواعدهم العسكرية الخاصة في تلك البلدان. وفي وقت ما، كانوا في مالي. لقد استولوا على شمال مالي وكانوا يستخرجون الذهب مجانا. حتى الجنود الماليين انفسهم لم يكن يحق لهم الدخول إلى تلك المناطق. الشعب المالي وصل الى درجة ضاق ذرعا فثار وانتهى الأمر بطرد القوات الفرنسية من بلادهم. عندئذ انتقلت هذه القوات إلى النيجر. ورحب بهم الرئيس السابق بازوم الى ان وقع الانقلاب في النيجر وانتفض الشعب ضد القواعد العسكرية للفرنسيين وكذلك ضد استخراج اليورانيوم من قبل شركة أروبا (aroba) التي تقوم بالتعدين وتتسبب بتدمير البيئة دون دفع اي تعويض. يقال انها تزود جميع انحاء فرنسا بالكهرباء في حين لا كهرباء في النيجر. لذا فقد سئم الناس من هيمنة الفرنسيين على غرب أفريقيا ونتيجة لذلك تم طردهم. الآن، الافارقة سعداء برحيل الفرنسين لكنهم لا يقولون شيئا حول الوجود الاميركي.

هاشمي: لماذا تظن أن هكذا هو الوضع؟

الزكزاكي: حسنًا، الولايات المتحدة لديها طريقتها الخاصة في التنمر على الشعوب. تقوم بالتهديد اما تنصاعين لاوامرهم او يتخلصون منك. وهذا هو حال معظم هؤلاء القادة المزعومين في أفريقيا، عليهم ان ينفذوا اوامرهم والا يتخلصون منهم.

هاشمي: نعم صحيح، لدينا تاريخ في ذلك

الزكزاكي: هذا الامر لا يحصل فقط في أفريقيا، بل في أماكن أخرى من العالم. كما تعلمين، عندما أرادوا شن هجوما على أفغانستان، جاء برويز مشرف انذاك وبينما كانت تشهد بلاده موجة من الاحتجاجات، جاء وقال علنا انه يجب عدم السماح للاميركيين بالدعم اللوجستي من باكستان لمهاجمة أفغانستان. عندما كان مشرف يواجه ثورة من قبل شعبه، قالها علنا إن رئيس الولايات المتحدة أرسل له رسالة ودية طلب منه أن يقدموا للاميركيين الدعم لمهاجمة أفغانستان أو سيعيدون باكستان 100 عام إلى الوراء. كان لديه خيار إما أن يوافق او يدمرون بلاده. هذا كانوا يتصرفون مع الاخرين. قاموا بتدمير الكثير من الدول. دمروا ليبيا وقتلوا القذافي ودمروا البلد بأكمله وهو في حالة فوضى عارمة. لذا، خوفًا من ذلك، كما تعلمين، يتعين على الآخرين الاستسلام رغما عن ارادتهم. وهذه هي الطريقة نفسها التي يطرحونها على الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل في نفس الوقت الذين يقتلون فيه الفلسطينيين. لقد رأيتي كيف حضر رئيس الكيان الإسرائيلي غير الشرعي الى دولة الإمارات وشارك في مؤتمر وصافح ملوكهم في حين كانت ترتكب الفظائع ضد الفلسطينيين.

هاشمي: ماذا يعني ذلك؟ لقد تحدثت سابقا عن موقف الدول الغربية حيال فلسطين وصمتها. لكن بالنظر إلى الدول الإسلامية، والعربية، خاصة تلك القريبة من فلسطين المحتلة لا احد بقول شيئا. في المقابل نرى الامة الاسلامية وغيرها منزعجين للغاية ازاء الوضع الحالي في غزة. انهم يريدون من القادة إنجاز شيء ويطالبون بوقف إطلاق النار، هم يريدون أن تنتهي هذه الحرب على الفلسطينيين. ولكن إذا نظرنا إلى هؤلاء القادة المسلمين، نرى أن لا شيء يحدث. يتحدثون ويقولون إنهم يريدون التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكن في الواقع لا يمارسون الضغوط. هل هذا بسبب ما قلته للتو؟

الزكزاكي: نعم، انها مجرد أنظمة شعبية، كما تعلمین. من الواضح ان القضية الفلسطينية أظهرت أن الحكومات ليست الشعب ولا تعبر عن ارادتهم حتى في الغرب. . هذه الحكومات لا تعبر عن ارادة الشعوب. وكذلك في العالم العربي. العرب لا يدعمون الكيان الاسرائيلي غير الشرعي أو احتلال فلسطين. لكن الأنظمة ليس لديها خيار لأنها مجرد عملاء.

هاشمي: لقد تحدثنا سابقاً عن عام 1979، طبعاً، انتصار الثورة الاسلامية ومن ثم اعلان الإمام الخميني يوم القدس العالمي. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يجعل فيها شخص ما من فلسطين قضية رئيسية. هل ترى صلة بين هذه الخطوة مع ما يحدث اليوم؟ ما مدى أهمية اعلان هذا اليوم الى جانب المقاومة والمقاومة لتحقيق النصر النهائي للفلسطينيين؟

الزكزاكي: يقولون إن الثورة الإسلامية عام 1979 هزت عالمهم لأنهم اعتقدوا أن الإسلام انتهى امره. على سبيل المثال عندما ترين شخصا نائما وبعدها يستقظ لن تتفاجئين ولكن عندما ترينه ميتا وتشاهدين جثته تصبحین فی حالة صدمة. هم اعتقدوا ان الإسلام کالشخص المیت انتهى امره لکن اعيد احياؤه من جديد. هذا التغير الحاصل بعث الامل في نفوس الشعوب وبث الرعب في قلوب الاعداء. ويمكنك الان أن ترين أنه بعد اربعة واربعين عامًا، وبعد رد المقاومة الفلسطينية على الجرائم الصهيونية في اكتوبر تشرين الاول، يقول القادة الصهاينة ان ايران هي المسؤولة وهي من تقاتلهم دون اطلاق رصاصة واحدة وهي التي تحاربهم ووجودها يشكل مشكلة لهم. الكيان الصهيوني هو نظام واحد انه استثناء، لانه المكان الوحيد الذي ترين فيه الشعب والحكومة يحظون بدعم بعضهم البعض. احد الصهاينة الاميركيين قال لي ان ما حدث في اكتوبر لم يسبب لهم الاحباط لكنه مضى بالقول انني نجحت في التوحيد بين المسلمين وجعلهم امة واحدة، قال لي انني وحدت بين السنة والشيعة، وهذا يعني ان مخططات الاعداء في بث الخلافات بين الشعوب المسلمة قد فشلت. في اليمن، على سبيل المثال، هناك خلافات داخلية لكنهم يتحدون عند الضرورة وينسون خلافاتهم. وفي حال هاجمت إسرائيل اليمن، فسوف يتحدون جميعًا ويقاتلون معًا. كذلك الامر في المنطقة فقد بدأت ملامح التغيير تظهر فيها.

الآن، عندما تنظم تظاهرات للشيعة عندنا، يقول الاخرون لماذا لم تتم دعوتنا. نقول لهم انهم مدعوون. وعندما يشاركون يتساءلون لماذا تدعوننا للحضور؟ علينا أن نكون جزءا من صنع هذا الحدث.

حسنًا، نقول دعونا نقوم بتشيكل لجنة موحدة تضم الجميع، بما في ذلك الصوفيين والسلفيين. ومن ثم يتوحدون في يوم القدس في سبيل نصرة فلسطين ويشاركون جميعا في مسيرات واحدة وبذلك يكونوا قد اوصلوا الرسالة جيدا.

هاشمي: إذن انت متفائل؟

الزكزاكي: كما ترين، لقد نجحوا من خلال أفعالهم في توحيد الأمة الإسلامية. وهذا كان هدف الثورة الاسلامية في إيران أن تسود الوحدة بين جميع المسلمين. لقد كان الإمام يتحدث دائمًا عن الأمة المسلمة باعتبارها أمة واحدة، وعليها أن تتحد لمواجهة عدوها. وهذا ما نشهده الآن الحمدلله، فبعد 44 عامًا، تحسنت الأمور كثيرًا. لكن لو لم تكن هناك جمهورية إسلامية في إيران، لما استطاع هؤلاء المقاومون في فلسطين أن يفعلوا ما يفعلون ولولا ، الجمهورية الإسلامية الإيرانية لما كان هناك مقاومون في لبنان تحت عنوان حزب الله. لو لم تكن هناك جمهورية إسلامية في إيران، لما كان هناك نظام يمني قوي ومخلص. هذا كله من ثمار ثورة العام 1979. وسيكون كذلك نصرا في نهاية المطاف في المستقبل القريب لشعب فلسطين المضطهد، بل وللأمة الإسلامية بأكملها.

هاشمي: الشيخ إبراهيم الزكزاكي، شكراً جزيلاً لوجودك معي. أنا أقدر ذلك. شكرًا لك. شكراً جزيلاً. وأشكركم مشاهدينا الكرام على بقائكم معنا في برنامج الملفات المخفية على امل اللقاء في الحلقة القادمة. مع السلامة.