زيارة وفدي الجهاد وحماس لطهران.. تكريس مبدأ "وحدة الساحات"

زيارة وفدي الجهاد وحماس لطهران.. تكريس مبدأ
الأربعاء ٢١ يونيو ٢٠٢٣ - ٠٩:٤٨ بتوقيت غرينتش

ان زيارة وفد قيادي من حركة الجهاد الاسلامي بقيادة المجاهد زياد النخالة الى طهران، وما تلاه من زيارة وفد آخر من قيادة حركة حماس، انما يؤكد تكريس مبدأ "وحدة الساحات"، ليس فقط ما يتعلق بالداخل الفلسطيني، بل ما يتعلق بتوسيع وتعميق التنسيق والتكامل ما بين اطراف محور المقاومة في مواجهة كيان الإحتلال، وهو الامر الذي يعده الاسرائيلي اليوم بمثابة الخطر الاكبر على امنه الاستراتيجي.

العالم - فلسطين

فمنذ تحرير جنوب لبنان عام ٢٠٠٠ وهزيمته في عدوانه عام ٢٠٠٦ ، فشلت تل أبيب عملياً في جميع المواجهات التي خاضها مع قوى المقاومة، سواء على الساحة اللبنانية ام الفلسطينية، مع انه في كل مرة كان يخوض المواجهة على جبهة منفردة سواء كانت جبهته الشمالية او الجنوبية، ولم يخض حتى الآن غمار مواجهة تجمع كل الجبهات معاً، فرصيد محور المقاومة لا يقتصر اليوم على المقاومين الصامدين في لبنان وقطاع غزة، بل ان روح المقاومة قد اشتعلت جذوتها في الضفة الغربية والاراضي الفلسطينية المحتلة عام ٤٨، الامر الذي يضاعف هموم العدو ، ويصيب نظرية الامن الاسرائيلي.

وفي هذا السياق لا يخفى على القاصي ولا الداني ان التراجع الذي اصاب جبهة المواجهة ضد الاحتلال الاسرائيلي عقب اتفاقيات كامب ديفيد، وما نجم عنها من اختلال في معادلات التوازن في المنطقة، لم يعوضه عملياً الا انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وولادة مسار جديد متصاعد للمقاومة، مسار استلهم قيم الثورة الاسلامية، وارتكز على دعمها المادي والمعنوي، حتى اصبح اليوم في موقع التوازن الاستراتيجي، وتحقيق توازن الرعب، وتكريس معادلات الردع المتبادل مع العدو الاسرائيلي، فالعمق الاستراتيجي السياسي واللوجستي والمعنوي الذي يمثله الدعم الايراني كان ولا يزال عاملاً حاسماً في هذا المجال، وهذا التردي المتدحرج في الامن "القومي" للكيان، كما يقر قادة العدو وسياسيوه، جعل العديد منهم يتحدثون عما اسموه "لعنة العقد الثامن"، والتي تجعلهم يتوجسون بأن الكيان لن يبقى ليحتفل بذكرى ميلاده الثمانين.

وفي المشهد الاقليمي العام، وعلى الرغم من شراسة الهجمة التي استهدفت ايران وسورية، سواء عبر الارهاب او الحصار الاقتصادي، فقد اربك ثبات البلدين على الحق حسابات العدو، لا سيما بعد ان بدأ الصمود الاسطوري للبلدين يؤتي اكله على المستويين العربي والاقليمي معاً، بل وايضاً على المستوى الدولي، فمسار التطبيع قد توقف الى حد بعيد، والرهان الاسرائيلي على استنزاف ضفتي الخليج الفارسي ضد بعضهما سقط هو الآخر، في حين يئس الامريكي من ضغوطه على ايران التي لم تقبل التراجع عن دعم المقاومة قيد انملة، فعاد الامريكان الى بحث امكانية التوصل الى تفاهمات متعددة وتدريجية مع الجمهورية الاسلامية، تاركين نتنياهو وطاقمه الحكومي العنصري المتطرف غارقاً في اوهامه وتمنياته بعيداً عن حسابات الواقع.

مما لا شك فيه اليوم ان نهج المقاومة (عبر تكتيكات الحرب اللامتناظرة وتكريس وحدة الساحات، وتفعيل مبدأ المواجهة المستمرة) قد جعل الاسرائيلي في اضعف حالاته منذ انشاء الكيان، تشهد على ذلك المواجهات الاخيرة المشرفة في جنين، ومعركة "ثأر الاحرار" في غزة، الامر الذي يؤكد ان المقاومة الفلسطينية المدعومة بمحور واسع ومتكامل، بلغت اعلى درجات قوتها العسكرية والسياسية ايضاً في مواجهة الكيان.

بقلم د. اسامة دنورة - دمشق