تناغم موقف الرياض مع واشنطن وتل أبيب بشأن سورية

تناغم موقف الرياض مع واشنطن وتل أبيب بشأن سورية
الإثنين ٢٢ أغسطس ٢٠١١ - ٠٨:٣١ بتوقيت غرينتش

لم يكن مفاجئا موقف الملك عبد الله السعودي تجاه سورية . فكل المؤشرات كانت تدل على أن المملكة مارست سياسة تدخل مباشر وغير مباشر بالشأن السوري عبر دعم المجموعات المسلحة والمعارضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد. موقف الملك بدت قراءته أقرب إلى القناعة بأن الرياض باتت رسميا ضمن حلف دولي تقوده الولايات المتحدة لضرب دولة الممانعة في المنطقة .

بعد قليل على هذه الكلمة أشار موقع إيلاف السعودي بشكل واضح إلى دوافع موقف الملك عبد الله من سورية ونقلت عن مصادر سعودية قولها : إن القيادة السورية أحبطت جهودًا سعودية لعقد مؤتمر مصالحة سورية ـ سورية بمثابة "طائف سوري" يجمع بين الأطراف الحكومية والمعارضة، ويثمر عن اتفاق من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في سورية.

 وقالت المصادر لإيلاف : إن انصياع الرئيس الأسد وكبار معاونيه لتوجيهات إيران وحزب الله برفض الاستجابة إلى المساعي السعودية والاستمرار في انتهاج سياسة القبضة الحديدية وتبني الحلول الأمنية حال دون ذلك. ما أدى إلى أن يقف الرئيس الأسد الابن وحيدًا في مواجهة العالم .

 هذا التفسير لموقف الملك عبد الله أيدته تفسيرات الإعلام الإسرائيلي التي رأت في الخطوة السعودية تجاه سورية خدمة للتوجه الإسرائيلي بعزل سورية وإيران وحزب الله . وهذا ما جاء في القناة العاشرة في التلفزة الإسرائيلية .

تناغم واضح في تحليل وتفسير الخطوة السعودية تجاه سورية بين الإعلام السعودي والإعلام الإسرائيلي ما يشير إلى تأكيد الكثيرين بوجود خطة أميركية تنفذها الرياض لخدمة الأمن الإسرائيلي عبر إضعاف سورية وممانعتها للمشاريع الأميركية الإسرائيلية وبالتالي استهداف إيران

الى جانب هذا، أشارت صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن إلى أن أهمية الرسالة السعودية أنها تتعلق بمخاوفها من التأثير الايراني في المنطقة وترتيبات ما بعد رحيل النظام، خاصة أن حزب الله لم يدعم الانتفاضة السورية دعمه للانتفاضات العربية في كل مكان، والتزم الحزب المدعوم من ايران وسورية بالرواية الرسمية عن الاحداث.



  ومن هنا ترى صحيفة الغارديان البريطانية أن الموقف السعودي مهم لأن الرياض واعية بشكل تام لمواجهة التأثير الإيراني على نظام ما بعد الأسد.

وتقول الصحيفة إن السعودية وسورية كانتا على خلاف دائم، منها ما صرح به الأسد بعد حرب لبنان ووصف الحكام العرب بأنهم أشباه رجال ، ولأن سورية كانت معبرا للأسلحة الإيرانية التي كانت تنقل لحزب الله في لبنان، فيما كانت السعودية تدعم وبشكل هادئ عناصر من المعارضة اللبنانية. واللافت للانتباه في الشجب السعودي انه جاء علنيا وعبر التلفاز من دولة يعرف عنها ادارة اعمالها ودبلوماسيتها بشكل سري.


وتقول الغارديان  إن الموقف السعودي مهم لأن الدولة وإن كانت عضوا مرشحا للربيع العربي ودفعت مليارات من الدولارات لتجنبه، لكن موقفها يتناقض مع مواقف اخرى، ففي كل الانتفاضات العربية وقفت مع أو صمتت عن الحكام العرب المخلوعين، فقد أرسلت قواتها لحماية العائلة الحاكمة في البحرين، ومنحت زين العابدين بن علي لجوءا فارها، وكذا قدمت العلاج والنقاهة للرئيس اليمني الذي تعرض لمحاولة اغتيال، كما انها عبرت عن غضبها من اميركا لتخليها عن حسني مبارك وعن المعاملة التي تعرض لها ومحاكمته الاخيرة.

 وفي قراءة للتصريحات السعودية، قالت صحيفة   ديلي تلغراف  إن الساخر في تصريحات الملك عبد الله ان دولته قمعية وارسلت قواتها للبحرين، ومع ذلك فان التحول في الموقف العربي قد يؤدي الى موقف متشدد في حين لم تنجح الدبلوماسية الغربية، لكن ناشطين سوريين يرون في التصريحات السعودية والقطرية والبحرينية مبررا لكي يقوم مجلس الأمن بالتحرك .

  الموقف السعودي الذي عبر عنه الملك عبدالله بن عبد العزيز في خطابه حول الأوضاع السورية يمثل انتقالا سافرا في الموقف السعودي نحو المجاهرة  بالانخراط في خطة استهداف سورية بعدما كانت السعودية تتدخل لدعم خطة تخريب سورية بواسطة جهاز بندر بن سلطان الأمني و ربيبه سعد الحريري ومن خلال احتضان زمرة خدام والشبكة الوهابية التكفيرية المتطرفة ، و حيث قامت السعودية بتقديم الدعم والمساندة ماليا وإعلاميا لجماعات التكفير ولتنظيم الأخوان المسلمين في سورية .

 ولا يمكن لأحد في البلاد العربية أن يصدق أن المملكة السعودية راغبة في نشر الديمقراطية والانتخابات والتعدد السياسي والحزبي في البلاد العربية ، والأولى بتلك الصحوة الملكية هم أهل الجزيرة العربية ، بينما يقود الملك نظاما استبداديا ينتمي إلى القرون الوسطى يحميه السيافون والمطاوعة وتتحكم المخابرات الأميركية في مفاصله ، ولا يمكن لأي عاقل في العالم أن يصدق ذلك الحرص المزعوم على حقن الدماء في وجه تمرد عسكري ضد الدولة الوطنية من نظام تخصص في إبادة المعترضين والمحتجين وحيث لا مكان لمعارضيه من أبناء الجزيرة العربية سوى المنافي أو السجون التي هي كناية عن مقابر مضمرة يمنع التحدث عنها في أي من وسائل الإعلام وحيث يحتل مشايخ التكفير كصالح اللحيدان مواقع قيادية في الدولة محصنة بأمر ملكي ضد أي انتقاد.

 الحلف الذي يتحرك ضد سورية دوليا وإقليميا له غاية واحدة هي ضرب قوة المقاومة التي تمثلها سورية والنيل من مناعتها ومن صمودها بات واضحا أن الحلف الذي يتشكل ضد سورية برئاسة الولايات المتحدة الأميركية وبأدوات أوروبية وتركية وسعودية يهدف إلى ضرب محور الممانعة في المنطقة ولا يهمه بأي شكل من الأشكال حقوق الانسان والإصلاح والديمقراطية في سورية.

كلمات دليلية :