العالم-قضية اليوم
المصادر المحلية بريف حلب الغربي، تؤكد إن الجيش التركي باشر في بداية الأسبوع، بناء قاعدة عسكرية له في محيط معبر الغزاوية الذي يفصل محافظة إدلب التي يسيطر عليها النصرة عن حدود عفرين بريف حلب الشمالي الغربي.
وأشارت إلى أن الجيش التركي بدأ بتأسيس قاعدته العسكرية بعد أن استقدم كتلاً إسمنتية في إلى الموقع، لكن الأمر يتطلب اتخاذ إجراء مماثل في معبر دير بلوط الذي يؤدي إلى عفرين أيضاً وسبق أن أدخل الجولاني عبره قسماً من أرتاله العسكرية إلى المنطقة.
للحظة تتوقف امام هذا الخبر، لتكتف ان تركيا لم تكتفِ منذ بداية الأزمة في سوريا حتى اليوم بما اقترفته من أخطاء في السياسة، ومغالطات في الممارسة، و التي لم يقتصر دورها على دعم المسلحين وتأمين الحماية السياسية والتغطية الإعلامية لهم، بل ساهمت بالحد الأقصى من تزييف الحقيقية لما يجري في سوريا، ومارست التضليل حتى على المجتمع الدولي، الى ان وصلت تركيا الى الغوص في مستنقع شمال سوريا، الى الحد الذي لم تعد تستطيع ان تنهي هذا الوضع غير العقلاني، لذلك تنتج دائما قراءة للواقع غير دقيقة، وهو ذات المشهد الذي يتكرّر بشكل دائم، على الحدود السورية مع تركيّا، كون فائض الفوضى الذي ساهمت تركيا في تشكيله لإسقاط وتفكيك الدولة السوريّة، يرتدّ سلباً على أمنها واستقرارها، لذلك نراها تبني المزيد في القواعد، حتى وصل الامر انه يمكن ان تبني قاعدة في كل قرية فيها مجموعات مسلحة، ولم تقتنع الى الان ان هذا الفائض، أو هذه الفوضى، لا يمكن ان تنتهي، إلا بالتعاون مع الجيش السوريّ، وبعيد عن هذه القاعدة، تستمر تركيا في ممارسة دورها العدائي لسوريا، بالرغم من تحذير العديد من الدول الإقليمية لها، الا انها مازالت ترتكز في أي حراك في شمال سوريا على دعم المجموعات المسلحة، وصولا الى القواعد التي مازالت تبنيها، ما يهدد المنطقة ويدفعها لعواقب كارثية، وهي تعيد نفس الأخطاء منذ 2011، وتحاول بشكل دائم إعادة رسم المعادلات وخرائط السيطرة، واما الإرهاب، لم يكن يوما بحاجة اكثر مما توفر له تركيا، من أجواء مساعدة لاستمرار جرائمه، وتكلل كل مساعيها بهذه القواعد التي ستتحول منطلقا لاستمرار العدوان على سوريا.
الجميع يعلم ان المصلحة التركية الحقيقية في ارياف ادلب وحلب واللاذقية وحماة، تقتضي الاعتماد على جبهة النصرة، التي تعتبر اللاعب المحوري ورأس الحربة في نفس الوقت، لأولويات المصالح التركية، ما يجعلها القوة الاساسية في كل منطقة الشمال بالنسبة للتركي، ويؤهلها في المرحلة المقبلة، والتي تسعى انقرة من كل ما تقوم به لتحويلها الى الممثلة الوحيدة للمعارضة السورية في شمال البلاد، وهذا يتطلب دعم عسكري وتوطيد سيطرة النصرة، وتشكل القواعد العسكرية التي تبنى الان جزء من هذا التوطيد، وتعمل الاستخبارات التركية لجعل كل ما يرتبط بالشمال يجب ان يمر بممر اجباري وهو النصرة، وهذا كله يتحول الى التوظيف السياسي لها، وهنا يكون الاستثمار السياسي للإرهاب، بغض النظر عن ارتداداته الوخيمة على مستقبل المنطقة والاقليم.
ان ما تقوم به تركيا من ترسيخ وجودها العسكري بقواعد جديدة، يتناقض مع الخطاب السياسي التركي، ومحاولة التقارب مع سوريا، ما يعني ان ما تقوم به تركيا اليوم هو محاولات الهروب من فائض العنف والفوضى، بعد ان دفعت اجتماعات استانا اردوغان الى الحائط، إثر استمراره في الاصطفاف الى جانب المجموعات الإرهابية، وان ما يجري في الشمال السوري والاحتكاك الأخير بين المجموعات المسلحة، لا يتعدى إعادة ترتيب أوراق فائض الفوضى والإرهاب، وان التركي مستمر في دعمه لهم.