العالم - قضية اليوم
حتى اللحظة التحالف مع الولايات المتحدة والمصلحة مع روسيا ، والتعاطف مع اوكرانيا لما فيها من مصالح اقتصادية واجتماعية وسياسية جعل حكومة الاحتلال تحاول الظهور بمطهر الوسيط الذي يتجنب الكشف عن موقف حاسم وحازم في الازمة.
فكل ما صدر عن حكومة تل ابيب لا يتجاوز الدعوة لوقف القتال والاستعداد لتقديم المساعدات الانسانية ، بمعنى تحاول (اسرائيل ) ان تلعب دور الصليب الاحمر لا اكثر.
لكن هذا الدور لن تستطيع ان تحتفظ به تل ابيب طويلا ومحاولة الادانة للعمليات الروسية في اوكرانيا والاعلان عن اتصال مع القيادة الروسية وتفهم الاخيرة للادانة ايضا كلها محاولات بائسة من تل ابيب للسير على الحبل في توازن يمنعها من السقوط.
لكن الرياح العاتية التي تقترب بسرعة نحو كافة انحاء العالم نتيجة هذا الصراع الذي تتضح فيه الاصطفافات اكثر من قبل لن تجعل احدا يسير على الحبل بل ستجبره على الوقوع اما الى هذا الجانب او ذاك.
الاعتبارات الاسرائيلية في هذه الازمة كبيرة وخطيرة جدا فمن ناحية روسيا التي تخوض حربا في اوكرانيا هي ذاتها صاحبة التحالفات مع اعداء (اسرائيل ) اللدودين والذين يقفون على الحدود الشمالية لفلسطين.
، وبما ان الولايات المتحدة والغرب ليس لهما قدرة للتاثير عليهم وهو ما تنفرد به روسيا فإن كسر العظم مع روسيا يعني المخاطرة بالامن الاستراتيجي و انتظار معركة البقاء وانتهاء التفوق الاستراتيجي لان روسيا في هذه الحالة ستضمن لاعداء (اسرائيل ) ان لم يكن تفوقا عسكريا هجوميا تفوقا دفاعيا في مواجهة الهجمات الاسرائيلية وهذا متوقع.
حتى اللحظة كافة التصريحات الاسرائيلية سواء تلك التي صدرت من تل ابيب او في المنظمات الدولية كلها كانت باردة وغير واضحة سوى برفضها للعمليات العسكرية الروسية في اوكرانيا واستعدادها كما ذكرنا سابقا لتقديم مساعدات انسانية لكييف دون ذكر اي مساعدات عسكرية كالتي تقدمها اليوم دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة للاوكران.
لكن بالمقابل هل الحياد مضمون في هذه المعركة واضح تماما ان هذا الحياد لا يعجب كثيرا الولايات التي تريد موقفا واضحا من الازمة؟
طبعا نحن ندرك ان تل ابيب لن تتخلى عن حلفها مع واشنطن لان هذا الحلف هو الذي مازال يمنحها تفوقا على المحيط عبر التكنولوجيا والتقدم العسكري الذي تتسلمه في بعض الاحيان قبل القطاعات الامريكية ذاتها، وهذا الذي دفع تل ابيب الى مجاملة واشنطن بادانة الهجوم بوصفها لا تستطيع ان تناقضها الى هذا الحد ولكن رافقت الادانة بالتاكيد على عمق العلاقات مع موسكو.
طبعا ما ذكرناه سابقا من تخوفات تل ابيب لا تتعلق فقط بالدور الروسي في الجبهة الشمالية وتاثيره فيها لكن هناك ازمة مجتمعية في داخل كيان الاحتلال وبوادر انفجارها باتت قريبة فهناك اكثر من مليون روسي يعيشون في كيان الاحتلال كمواطنين ويحملون الجنسية الاسرائيلية لكن هؤلاء مازالوا يحتفظون بجنسيتهم الروسية وبلغتهم الروسية وبعلاقاتهم مع روسيا ولهؤلاء اليوم في داخل كيان الاحتلال احياء كاملة ووسائل اعلام وفي بعض الاحيان علاقات اجتماعية واقتصادية مغلقة عن المحيط.
هؤلاء هم الذين تعتمد عليهم حكومة نفتالي بينت اليوم ولديهم فيها اكثر من خمسة مقاعد، ان مراعاة هذا الجانب لوحده منهك لحكومة تل ابيب التي تجد نفسها بين فكي كماشة وتحاول ان تخرج منها باقل الاضرار .
العالم - فارس الصرفندي