العالم - الیمن
على الضفّة الإسرائيلية، تتكاثر الأسئلة في شأن تداعيات "إعصار اليمن"، والذي هبّ في توقيت حساس، تَجهد فيه تل أبيب لتكثير أوراق قوّتها.
وإذ تعتقد إسرائيل أن ضربة أبو ظبي من شأنها تضعيف تلك الجهود، فهي بدأت تتحسّب لما سيطاولها في أيّ صراع مع إيران وحلفائها، الذين ثبت أن لديهم القدرة على إيذائها.
لم تستفِق الإمارات من صدمة الضربة اليمنية بعد. وعلى الرغم من أن وزارة خارجيتها توعّدت بـ"الردّ في الزمان والمكان المناسبَين"، إلّا أن المستويات القيادية في الإمارة الغنية بالنفط، تعكف، أو هذا ما يُفترض بها فعله، على دراسة الموقف بدقّة، ربْطاً بمصالحها وبعيداً عن الأجندة الأميركية وضغوطها.
ومن هنا، فإن أوّل حركة تأتي بها أبو ظبي بعد تلقّيها الضربات الاستراتيجية في عُمقها الحيوي، ستكون أوّل إشارة إلى صنعاء عن نوايا "عيال زايد" للفترة المقبلة.
سيْل البيانات والتغريدات المُدينة والشاجبة والمستنكرة، وإنْ كانت الإمارات تطلبها وتحتاج إليها بشدّة، إلّا أنها لا تفيدها بشيء حيال المأزق الاستراتيجي الذي وضعتها فيه مسيّرات "أنصار الله" وصواريخها الباليستية والمجنّحة، إذ إن صنعاء تُشدّد على أن ضربة يوم الإثنين "ليست سوى البداية، وما يَصنع نهايتها هو الاستجابة الإماراتية العاقلة فقط".
وهكذا، فإن "أنصار الله" لا تملك الكثير من الأقوال بعد الأفعال التي سجّلتها في مطاري دبي وأبو ظبي ومنطقة المصفح الصناعية، إلّا أن الثابت الوحيد هناك أن "ما بعد إعصار اليمن ليس كما قبله".
بعيداً من البيانات والتغريدات، تبدو الإمارات أمام خيارَين: الجنوح إلى التهدئة، أو مواصلة اللعب من موقعها الوظيفي ضمن الأجندة الأميركية، بصرْف النظر عن مصالحها الخاصة.
في صنعاء، ثمّة ترقّب للموقف، وتعبيرٌ عن مستوى عالٍ من المعنويات والجهوزية للتصدّي، على رغم الغارات الهستيرية التي شنّها طيران التحالف السعودي - الإماراتي انتقاماً عقب ضرْب أبو ظبي، مرتكباً جرائم عديدة راح ضحيّتها العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ، الذي غاب ذكرهم عن بيانات استنكار السياسيين ورجال الدين في العالم.
ما بعد "إعصار اليمن"، الجنوح الإماراتي نحو التهدئة من منظور صنعاء، يعني بالضرورة مساراً متكاملاً لا مكان فيه للحلول المجتزأة أو المرحلية، أوّل خطوة فيه تعديل السلوك انطلاقاً من شبوة.
أمّا الاستمرار في تأدية الوظيفة الأميركية، فهذا يعادِل دخول مرحلة تحويل الإمارات إلى "دولة غير آمنة" حيّز التنفيذ، مع الأخذ في الاعتبار رسائل الودّ والتضامن الإسرائيلية التي بعثها رئيس وزراء العدو، نفتالي بينيت، إلى وليّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، متعهّداً بـ"الوقوف معاً في وجه الإرهاب"، ربْطاً بالدور "المتطوّر" للإمارات على مسار التطبيع المتسارع بين أبو ظبي وتل أبيب.
إذاً، شكل المرحلة المقبلة من المواجهة بين صنعاء ودول التحالف الأميركي - السعودي - الإماراتي، يحدّده قرار أبو ظبي، بعد استفاقتها من صدمة "الرسائل المجنّحة". وهو قرار لا شكّ أن لواشنطن تأثيراً كبيراً على شكله وتوقيته وطبيعته، ولصنعاء دوراً أكبر في تفهّمه أو رفضه، مع ما يعنيه هذا، في الحالتَين، من دخول الحرب على اليمن منعطفاً حاسماً جديداً.
* صحيفة "الأخبار" اللبنانية